الرياض - أخبار اليوم
منذ ساعات، ظهر كريستيانو رونالدو عبر حسابات النصر ليكرر تصريحاته القديمة: "الدوري السعودي يسير بخطى ثابتة ليصبح بين أفضل 5 دوريات في العالم، ومن يشكك في ذلك إما لم يلعب هنا أو لا يفهم كرة القدم".
كلمات "الدون" سقطت على وسائل الإعلام الأوروبية مثل شرارة في هشيم جاف؛ إستوديوهات التحليل سخرت، ووسوم السوشيال ميديا سجلت تعليقات تصف تصريح البرتغالي بـ"المبالغ والدعائي".
بدا المشهد مألوفا، نجم كبير يسوّق لدوري يتهمه البعض بأنه وجهة تقاعد ذهبية، بينما يتسابق النقاد لسحب المصداقية من حديثه قبل أن يجف حبره الرقمي.
ملحمة أورلاندو تكتب الرد
بعد أقل من 24 ساعة، وجهت جماهير العالم أنظارها إلى ملعب "كامبينج وورلد" في أورلاندو حيث واجه الهلال مانشستر سيتي، في ثمن نهائي كأس العالم للأندية.
لم يكن أحد يتوقع ما سيحدث بين الدقيقتين 9 و 112، حين صاغ الأزرق ملحمة كروية ستروى طويلاً.
برناردو سيلفا منح كتيبة بيب جوارديولا تقدماً مبكراً، لكن ماركوس ليوناردو، ثم مالكوم، فجّرا المفاجأة مطلع الشوط الثاني، قبل أن يعيد إيرلينج هالاند المباراة إلى التعادل.
في الوقت الإضافي تكررت الدراما، برأسية كاليدو كوليبالي ثم تسديدة فيل فودين.
وأخيراً حسمت قدم ليوناردو اليمنى في الدقيقة 112، المواجهة، وأطلقت العنان لفرح سعودي وعربي عابر للقارات.
ياسين بونو كان حارسا ودرعا وراويا للأسطورة، فأنقذ فريقه من 10 فرص محققة، بينما وقف جوارديولا مذهولاً أمام صلابة لم يتوقعها.
مع صافرة النهاية، بات الهلال أول نادٍ عربي يقصي فريقا أوروبيا في بطولة رسمية كبرى.
الهلال يمحو موجة السخرية
هذه المرة جاء الإنقاذ لرونالدو من حيث لا ينتظر أحد، يد الغريم الأزلي، فوز الهلال لم يكتفِ بتحويل تصريح البرتغالي من مادة تندر إلى حقيقة دامغة، بل انتزع الاعتراف من أفواهٍ سخرت منه قبل ساعات.
عناوين الصحف تبدلت سريعا، فتم وصف الانتصار بأنه "الصفعة التي أيقظت أوروبا من وهم التفوق الأبدي".
فيما اكتفت إستوديوهات إنجليزية بالإشارة إلى أن هزيمة سيتي فتحت "ثغرة في جدار الهيمنة".
وهكذا وجد رونالدو نفسه في مقعد المنتصر من دون أن يلمس كرة، فالهلال قدّم الدليل الصاخب، على أن الدوري الذي يضم النصر والهلال والاتحاد والأهلي قادر على مجاراة، بل على قهر، صفوة القارة العجوز.
مشجّعو الأزرق احتفلوا بإنجازهم الخاص، ومشجعو بقية فرق الدوري السعودي ابتسموا لأن مشروعهم الأوسع كسب مصداقية عالمية.
أما النقاد الذين وصفوا كلمات رونالدو بأنها "غرور، صاروا يبحثون عن مفردات أقل حدّة لتفسير ما رأته أعينهم.
ما بعد الزلزال
هكذا اكتملت "ريمونتادا السخرية"، جملة قالها رونالدو مساءً فأضحكت البعض، ردّت عليها أقدام ليوناردو وبونو وإنزاجي مع أول خيط فجر جديد، فحوّلت الضحك إلى صمت والتشكيك إلى تصفيق.
وبين تصريح في نهاية يونيو / حزيران، وملحمة في فجر يوليو / تموز، اكتشف العالم أن كرة القدم لا تعترف بالسرديات الجاهزة، وأن الغريم قد يصبح حليفا إذا وحَّدتهما راية طموح أكبر من اختلاف الألوان.
السعودية لم تُحطم فقط حصون سيتي، بل حطمت المعادلة القديمة التي وضعت أوروبا في طابق فوق الجميع.
وما بين كلمات رونالدو وشباك الهلال ولد واقع جديد، من يشكك بعد اليوم، ربما لا يفهم كرة القدم حقا، أو لم يشاهد ما جرى في أورلاندو.