أزمة غزة: شحّ وحدات الدم يهدد حياة جرحى غزة مع تفاقم المجاعة

mainThumb
أزمة غزة: شحّ وحدات الدم يهدد حياة جرحى غزة مع تفاقم المجاعة

03-07-2025 10:16 AM

printIcon

أخبار اليوم - على أحد مقاعد مختبر مجمع الشفاء الطبي، جلس زهير الشرباصي (25 عامًا) بجسد نحيل وجبين يتصبب عرقًا، يغالب دموعه في حين يضغط على يده بعد أن انتهى للتو من التبرع بوحدة دم. لم يكن مصابًا، لكنه اضطر لفعل ذلك لإنقاذ حياة شقيقه يوسف (18 عامًا) الذي أُصيب برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب ما يُعرف بمحور "نيتساريم" جنوب مدينة غزة، حيث يخاطر آلاف الفلسطينيين يوميًا بحياتهم بحثًا عن الطعام من "مصائد الموت".

يقول زهير وهو يشد على يده بقطعة قطن صغيرة لمحاولة وقف النزف: "كان يوسف بحاجة إلى 6 وحدات دم. فصيلة دمه مثل فصيلتي (O+)، استطعت التبرع بوحدة واحدة فقط".

في زمن حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة للشهر الـ22 على التوالي، تحوّل مختبر مجمع الشفاء إلى محطة دائمة للألم. مع كل غارة جوية، تصل سيارات الإسعاف محمّلة بأجساد تنزف؛ أطفال ونساء وشبان، معظمهم مدنيون لم يمسكوا سلاحًا، لكن القصف لم يرحمهم.

في هذا المشهد المتكرر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبين صرخات الجرحى، تمتد أيادٍ لتمنح دمها لمن يصارعون الموت.

داخل المختبر الذي أُعيد تأهيله حديثًا، يعمل فريق من الأطباء والفنيين بلا توقف على جمع وفحص وحدات الدم، رغم الظروف المأساوية، للتأكد من صلاحيتها وإنقاذ أكبر عدد ممكن من الجرحى.

في إحدى الزوايا، يراقب د.حسام راشد، مدير دائرة المختبر وبنك الدم في مجمع الشفاء، الوافدين للتبرع بعينين قلقتين. معظمهم نحيلون ومنهكون، ليس فقط بفعل الحرب والنزوح، بل لأن المجاعة تنهش أجسادهم.

يقول راشد لـ "فلسطين أون لاين": "يأتي كثير من الناس للتبرع، لكن بعضهم لم يتناول وجبة طعام منذ أكثر من 12 ساعة. هناك حالات نرفضها حفاظًا على صحتهم، لأن التبرع في ظل هذا الجوع قد يعرّضهم لمضاعفات خطيرة".

ويكشف عن وجود عجز كبير في وحدات الدم من مختلف الفصائل، نتيجة لسوء التغذية وانتشار المجاعة التي تضرب قطاع غزة مع استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات بشكل كافٍ.

يضيف: "نعمل على مدار الساعة لتأمين وحدات الدم، لكن أعداد المصابين هائلة، ونحتاج لمضاعفة أعداد المتبرعين يوميًا. وحده مجمع الشفاء يستهلك أكثر من 200 وحدة دم يوميًا، بينما الإقبال على التبرع محدود جدًا بفعل المجاعة والإنهاك الجسدي للسكان".

يشير راشد إلى أن نسبة التبرع بالدم قبل الحرب كانت تصل إلى 40% من إجمالي السكان القادرين، لكنها انخفضت إلى أقل من 20% حاليًا بسبب الجوع والمرض.

في ظل هذه الظروف، تلجأ فرق المختبر إلى استجداء أهالي الجرحى للتبرع، إلى جانب إطلاق مناشدات عامة عبر وزارة الصحة لسد النقص الحاد.

ويُذكّر راشد بأن مختبر بنك الدم كان قد تعرض لدمار واسع خلال القصف الإسرائيلي على مجمع الشفاء في مارس/آذار 2024، لكنه أُعيد تأهيله مؤخرًا ليتمكن من استقبال المتبرعين مجددًا.

لكن العمل لا يخلو من تحديات أخرى، مثل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وتدمير أجهزة متخصصة لفحص الدم، ما يضطرهم إلى إرسال العينات إلى مستشفى عبد العزيز الرنتيسي في حي النصر لفحصها.

رغم هذا، لا يتردد كثير من السكان في المخاطرة بحياتهم للوصول إلى المختبر والتبرع. كرم ساق الله (29 عامًا) مثال على ذلك، يقول: "الإصابات كبيرة جدًا، ومن واجبنا أن نتبرع لإنقاذهم. هذه المرة الأولى لي، لكنها لن تكون الأخيرة طالما فينا نفس قادر على المساعدة".

المصدر / فلسطين أون لاين