قرار حلّ المجالس خطوة إصلاحية في الاتجاه الصحيح

mainThumb
د. زهور غرايبة

06-07-2025 08:59 PM

printIcon

د. زهور غرايبة 


مع دخول الأردن مئويته الثانية، بات واضحًا أن الدولة تتجه بخطى ثابتة نحو تحديث منظومتها السياسية والإدارية، ضمن رؤية متكاملة تؤمن بأن الإصلاح يبدأ من القواعد، أي من الإدارة المحلية والمجالس المنتخبة.

وفي هذا السياق، يأتي قرار مجلس الوزراء، برئاسة الدكتور جعفر حسّان، بحلّ المجالس البلدية، ومجالس المحافظات، ومجلس أمانة عمّان الكبرى اعتبارًا من 7 تموز 2025، خطوة مدروسة ومؤيدة ضمن مسار وطني إصلاحي أشمل.

هذا القرار لا يُمكن فصله عن جهود الدولة المستمرة في مراجعة أداء المؤسسات المنتخبة، وتقييم أدائها، والتجاوب مع مطالبات مجتمعية كثيرة بضرورة تجويد العمل البلدي وتحديث الأطر التشريعية الناظمة له، فبعد مرور مدة على تطبيق اللامركزية والمجالس المحلية، بات من الضروري الوقوف وقفة تقييم ومساءلة، وهو ما تفعله الحكومة الآن بكل شفافية ووضوح.

إن مسار التحديث الذي بدأ مع اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وتُوّج بتوصيات تدعو لتعزيز دور المجالس اللامركزية والبلدية، لا يكتمل دون معالجة الاختلالات الإدارية، وضبط الأداء المالي، وتعزيز معايير الشفافية والنزاهة، ومن هنا، يُنظر لقرار الحل ليس كمجرد "إنهاء دورة"، بل كمقدمة لتأسيس مرحلة جديدة أكثر فعالية وعدالة في الحكم المحلي.

ما يُحسب للحكومة في هذا القرار أنها التزمت بما جاء في بيانها الوزاري، وبدأت بالفعل حوارات موسعة منذ مطلع حزيران مع الأطراف المعنية كافة، بما في ذلك الجهات الرقابية، والفعاليات الشعبية، وخبراء الإدارة المحلية، هذا الحوار المستمر يُنبئ عن نية حقيقية لتشريع قانون جديد يلبي تطلعات المواطنين ويعزز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار.

ومن الزاوية الانتخابية، فإن حل المجالس قبيل بدء العملية الانتخابية المقبلة يضمن الحياد، ويمنع استغلال المواقع من قبل أعضاء المجالس الحاليين، ويُعزز مبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين، وهي خطوة تُسجَّل للحكومة في إطار ترسيخ الثقة بالعملية الديمقراطية.

إن استمرار الأردن على هذا النهج الإصلاحي – من مئويته الأولى إلى تحديث منظومته في المئوية الثانية – يؤكد أن الدولة تراكم الخبرات، وتراجع السياسات، وتبني على النجاحات، دون تردد في تصويب الأخطاء، وهذا بالضبط ما يحتاجه المواطن الأردني اليوم: مؤسسات فعالة، ومجالس منتخبة ذات كفاءة، وتشريعات عصرية تستجيب لتحديات المرحلة.

وعليه، فإن قرار حل المجالس هو نقطة انطلاق جديدة نحو تمكين الإدارة المحلية، وتعزيز دور الشباب والنساء، وضمان توزيع عادل للخدمات والموارد، بما يُحقق تنمية حقيقية على مستوى المحافظات، ويعكس روح الدستور الأردني ورؤية القيادة الهاشمية المستنيرة.