أخبار اليوم - الرجل الذي اعتاد اعتلاء المنصات مُكرَّمًا، مصافحًا، مبتسمًا، وجد نفسه يركض حاملًا قربتي مياه، يحاول أن يأخذ دورًا بين طابور النازحين في مخيم إيواء بمنطقة المواصي غرب خان يونس. من مقاعد التكريم في الجامعات والمؤسسات، إلى مقدمة طوابير المياه، تغيّرت الظروف، واشتدت المأساة، لكن ذلك لم يغلب رجل 'الصمود' كما عُرف بعد انتشار صورته التي حظيت بتضامن واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
صورتان تلخّصان مرحلتين متباينتين: الأولى وهو يتلقى التكريم لدوره الأكاديمي، والثانية وهو يؤدي دوره كأب طحنته حرب الإبادة كما طحنت أبناء شعبه. من وجه مفعم بالحيوية خلال الاحتفالات، إلى وجه شاحب محفور بمآسي الحرب، فقد الدكتور غانم العطار الكثير من ملامحه، لكنه لم يفقد كرامته، وظل متشبثًا بأرضه وبالحياة، متكيفًا مع واقع فرضته الحرب، صابرًا محتسبًا أجره على الله.
كان يمشي بخطى بطيئة عندما عاد يحمل قربتين ممتلئتين، كأنها 'شهادة شرف جديدة'؛ لم تأت هذه المرة من الجامعة، بل من تجربة حرب علّمته الصبر والثبات على كل الظروف.
لم ينحنِ الدكتور غانم أمام هدم البيت، ولا باستشهاد ابنته وأحفاده، ولا أمام حياة النزوح القاسية. بل واجه كل ذلك بنبرة صلبة قائلاً: 'رغم المعاناة والظلم الذي نعيشه من هذا العدوان الكبير، إلا أننا صامدون في مسقط رأسنا، في وطننا الحبيب، في أرض الرباط. والله لو فُنيت غزة وبقي طفل وطفلة، فسوف يكبران ويعيدان بناءها من جديد. لن ننحني لأحد إلا لله.'
في داخل خيمته بمنطقة المواصي، يروي العطار لـ 'فلسطين أون لاين' قصة شاحنة المياه: 'عندما سمعت صوت الشاحنة، وبسبب شح المياه وعطش المواصي نتيجة تدمير آبار المياه والاعتماد على شاحنات التوزيع، خرجت لتعبئة جالوني المياه، فأنا أعيل أسرة من 23 فردًا. أحيانًا أتولى تنظيم عملية توزيع المياه، وأحرص على وضع كبار السن والنساء في طوابير خاصة احترامًا لهم، وتعليمًا للصغار على احترام الكبار'.
تفاجأ العطار بالانتشار الكبير لصورته على مواقع التواصل، وما رافقها من تعاطف شعبي ورسائل تضامن من فلسطين وخارجها، معتبرًا ذلك 'فخرًا واعتزازًا'، مضيفًا: 'كما يقولون: كبير القوم خادمهم.'
تحت الركام
في الأيام الأولى للحرب، عاش العطار صدمته الأولى عندما قصف الاحتلال منزله على رؤوس ساكنيه. وبأعجوبة نجا هو وأولاده، فيما بقي شهداء من العائلة عالقين تحت الركام حتى اليوم.
يقول: 'كانت الصواريخ تنهال بشكل جنوني على منازل عائلتي غرب بيت لاهيا، والبيوت تتهاوى فوق رؤوسنا. خرجنا بلا شيء، وبدأنا حياتنا بالنزوح من الصفر'.
فقد العطار منزله، ومكتب الاستشارات القانونية الذي كان يدرّب فيه المحامين، وكل مقتنياته وأوراقه، وبستان منزله الذي كان متنفسًا له. بعد تماثل المصابين للشفاء، نزح مع عائلته إلى جنوب القطاع، ليعيش 21 شهرًا في خيمة إيواء، انتزعت منه حياة الرفاهية، لكنها لم تنتزع إرادته.
يؤكد: 'التجويع جريمة حرب، ورغم قطع الاحتلال للمياه فإننا نعيد تحليتها محليًا.'
في 25 مايو/ أيار 2024، فقد العطار ابنته سميرة وأبناءها وبعض أحفاده في قصف إسرائيلي، وقبلها توفي والده خلال النزوح. تراكمت الصدمات بين فقد الأحبة وهدم البيت وحياة النزوح، لكنها لم تكسر عزيمته.
عودة صادمة
في يناير/ كانون الثاني 2025، وبعد اتفاق تهدئة، عاد العطار وزوجته إلى بيت لاهيا. بصعوبة تعرّف على منزله وسط دمار شامل غيّر ملامح الحي. لم يبق شيء سوى الذكريات التي باغتته بالدموع، فتذكر اللحظة التي غادر فيها مصابًا من تحت الركام. لم يمكث أكثر من يوم، إذ اضطر للعودة إلى المواصي بعد أن قطع ثلاثة كيلومترات لجلب قربة مياه واحدة.
خلال الحرب، تنقل العطار في رحلات نزوح طويلة: من بيت لاهيا إلى مخيم الشاطئ، ثم إلى دير البلح وسط القطاع، فرفح، وأخيرًا خان يونس والمواصي.
الدكتور غانم العطار (70 عامًا)، مستشار قانوني، لديه 16 ابنًا (3 ذكور و13 أنثى)، استشهدت ابنته سميرة، ولديه 86 حفيدًا، استشهد ستة منهم. بابتسامة يجيب عن سؤال إن كان يعرفهم جميعًا: 'لا أتعرف على الصغار إلا عندما يذكرون لي اسم والدتهم، فهم كُثر. يعيش معي في المخيم 23 حفيدًا، والباقون موزعون في مخيمات ومدن أخرى'.
في خيمة الإيواء، يبدأ يومه فجراً، بلا منبهات سوى ذبابة أو اثنتين توقظان النائمين. يتولى تعبئة المياه لعائلته، وأحيانًا يعود دون أن يتمكن من ملء القربتين بسبب الازدحام. يشارك زوجته في إعداد الطعام رغم شحّه، وفي أفضل الأحوال يكون وجبة من المعكرونة أو العدس.
خرج من مكتبه قبل الحرب مئات المحامين ووكلاء النيابة والقضاة، إضافة إلى تدريسه في الجامعات. كان لباسه وطعامه وحياته مختلفة، لكن ما منحه الثبات اليوم هو الصمود الذي يراه في عيون الناس وتمسكهم بأرضهم.
ويختتم مناشدًا: 'نحن نعيش مجاعة شديدة، ولا نملك إلا الثبات والإرادة والمعنوية. على العالم الإسلامي وأحرار العالم أن ينصروا غزة'.
أخبار اليوم - الرجل الذي اعتاد اعتلاء المنصات مُكرَّمًا، مصافحًا، مبتسمًا، وجد نفسه يركض حاملًا قربتي مياه، يحاول أن يأخذ دورًا بين طابور النازحين في مخيم إيواء بمنطقة المواصي غرب خان يونس. من مقاعد التكريم في الجامعات والمؤسسات، إلى مقدمة طوابير المياه، تغيّرت الظروف، واشتدت المأساة، لكن ذلك لم يغلب رجل 'الصمود' كما عُرف بعد انتشار صورته التي حظيت بتضامن واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
صورتان تلخّصان مرحلتين متباينتين: الأولى وهو يتلقى التكريم لدوره الأكاديمي، والثانية وهو يؤدي دوره كأب طحنته حرب الإبادة كما طحنت أبناء شعبه. من وجه مفعم بالحيوية خلال الاحتفالات، إلى وجه شاحب محفور بمآسي الحرب، فقد الدكتور غانم العطار الكثير من ملامحه، لكنه لم يفقد كرامته، وظل متشبثًا بأرضه وبالحياة، متكيفًا مع واقع فرضته الحرب، صابرًا محتسبًا أجره على الله.
كان يمشي بخطى بطيئة عندما عاد يحمل قربتين ممتلئتين، كأنها 'شهادة شرف جديدة'؛ لم تأت هذه المرة من الجامعة، بل من تجربة حرب علّمته الصبر والثبات على كل الظروف.
لم ينحنِ الدكتور غانم أمام هدم البيت، ولا باستشهاد ابنته وأحفاده، ولا أمام حياة النزوح القاسية. بل واجه كل ذلك بنبرة صلبة قائلاً: 'رغم المعاناة والظلم الذي نعيشه من هذا العدوان الكبير، إلا أننا صامدون في مسقط رأسنا، في وطننا الحبيب، في أرض الرباط. والله لو فُنيت غزة وبقي طفل وطفلة، فسوف يكبران ويعيدان بناءها من جديد. لن ننحني لأحد إلا لله.'
في داخل خيمته بمنطقة المواصي، يروي العطار لـ 'فلسطين أون لاين' قصة شاحنة المياه: 'عندما سمعت صوت الشاحنة، وبسبب شح المياه وعطش المواصي نتيجة تدمير آبار المياه والاعتماد على شاحنات التوزيع، خرجت لتعبئة جالوني المياه، فأنا أعيل أسرة من 23 فردًا. أحيانًا أتولى تنظيم عملية توزيع المياه، وأحرص على وضع كبار السن والنساء في طوابير خاصة احترامًا لهم، وتعليمًا للصغار على احترام الكبار'.
تفاجأ العطار بالانتشار الكبير لصورته على مواقع التواصل، وما رافقها من تعاطف شعبي ورسائل تضامن من فلسطين وخارجها، معتبرًا ذلك 'فخرًا واعتزازًا'، مضيفًا: 'كما يقولون: كبير القوم خادمهم.'
تحت الركام
في الأيام الأولى للحرب، عاش العطار صدمته الأولى عندما قصف الاحتلال منزله على رؤوس ساكنيه. وبأعجوبة نجا هو وأولاده، فيما بقي شهداء من العائلة عالقين تحت الركام حتى اليوم.
يقول: 'كانت الصواريخ تنهال بشكل جنوني على منازل عائلتي غرب بيت لاهيا، والبيوت تتهاوى فوق رؤوسنا. خرجنا بلا شيء، وبدأنا حياتنا بالنزوح من الصفر'.
فقد العطار منزله، ومكتب الاستشارات القانونية الذي كان يدرّب فيه المحامين، وكل مقتنياته وأوراقه، وبستان منزله الذي كان متنفسًا له. بعد تماثل المصابين للشفاء، نزح مع عائلته إلى جنوب القطاع، ليعيش 21 شهرًا في خيمة إيواء، انتزعت منه حياة الرفاهية، لكنها لم تنتزع إرادته.
يؤكد: 'التجويع جريمة حرب، ورغم قطع الاحتلال للمياه فإننا نعيد تحليتها محليًا.'
في 25 مايو/ أيار 2024، فقد العطار ابنته سميرة وأبناءها وبعض أحفاده في قصف إسرائيلي، وقبلها توفي والده خلال النزوح. تراكمت الصدمات بين فقد الأحبة وهدم البيت وحياة النزوح، لكنها لم تكسر عزيمته.
عودة صادمة
في يناير/ كانون الثاني 2025، وبعد اتفاق تهدئة، عاد العطار وزوجته إلى بيت لاهيا. بصعوبة تعرّف على منزله وسط دمار شامل غيّر ملامح الحي. لم يبق شيء سوى الذكريات التي باغتته بالدموع، فتذكر اللحظة التي غادر فيها مصابًا من تحت الركام. لم يمكث أكثر من يوم، إذ اضطر للعودة إلى المواصي بعد أن قطع ثلاثة كيلومترات لجلب قربة مياه واحدة.
خلال الحرب، تنقل العطار في رحلات نزوح طويلة: من بيت لاهيا إلى مخيم الشاطئ، ثم إلى دير البلح وسط القطاع، فرفح، وأخيرًا خان يونس والمواصي.
الدكتور غانم العطار (70 عامًا)، مستشار قانوني، لديه 16 ابنًا (3 ذكور و13 أنثى)، استشهدت ابنته سميرة، ولديه 86 حفيدًا، استشهد ستة منهم. بابتسامة يجيب عن سؤال إن كان يعرفهم جميعًا: 'لا أتعرف على الصغار إلا عندما يذكرون لي اسم والدتهم، فهم كُثر. يعيش معي في المخيم 23 حفيدًا، والباقون موزعون في مخيمات ومدن أخرى'.
في خيمة الإيواء، يبدأ يومه فجراً، بلا منبهات سوى ذبابة أو اثنتين توقظان النائمين. يتولى تعبئة المياه لعائلته، وأحيانًا يعود دون أن يتمكن من ملء القربتين بسبب الازدحام. يشارك زوجته في إعداد الطعام رغم شحّه، وفي أفضل الأحوال يكون وجبة من المعكرونة أو العدس.
خرج من مكتبه قبل الحرب مئات المحامين ووكلاء النيابة والقضاة، إضافة إلى تدريسه في الجامعات. كان لباسه وطعامه وحياته مختلفة، لكن ما منحه الثبات اليوم هو الصمود الذي يراه في عيون الناس وتمسكهم بأرضهم.
ويختتم مناشدًا: 'نحن نعيش مجاعة شديدة، ولا نملك إلا الثبات والإرادة والمعنوية. على العالم الإسلامي وأحرار العالم أن ينصروا غزة'.
أخبار اليوم - الرجل الذي اعتاد اعتلاء المنصات مُكرَّمًا، مصافحًا، مبتسمًا، وجد نفسه يركض حاملًا قربتي مياه، يحاول أن يأخذ دورًا بين طابور النازحين في مخيم إيواء بمنطقة المواصي غرب خان يونس. من مقاعد التكريم في الجامعات والمؤسسات، إلى مقدمة طوابير المياه، تغيّرت الظروف، واشتدت المأساة، لكن ذلك لم يغلب رجل 'الصمود' كما عُرف بعد انتشار صورته التي حظيت بتضامن واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
صورتان تلخّصان مرحلتين متباينتين: الأولى وهو يتلقى التكريم لدوره الأكاديمي، والثانية وهو يؤدي دوره كأب طحنته حرب الإبادة كما طحنت أبناء شعبه. من وجه مفعم بالحيوية خلال الاحتفالات، إلى وجه شاحب محفور بمآسي الحرب، فقد الدكتور غانم العطار الكثير من ملامحه، لكنه لم يفقد كرامته، وظل متشبثًا بأرضه وبالحياة، متكيفًا مع واقع فرضته الحرب، صابرًا محتسبًا أجره على الله.
كان يمشي بخطى بطيئة عندما عاد يحمل قربتين ممتلئتين، كأنها 'شهادة شرف جديدة'؛ لم تأت هذه المرة من الجامعة، بل من تجربة حرب علّمته الصبر والثبات على كل الظروف.
لم ينحنِ الدكتور غانم أمام هدم البيت، ولا باستشهاد ابنته وأحفاده، ولا أمام حياة النزوح القاسية. بل واجه كل ذلك بنبرة صلبة قائلاً: 'رغم المعاناة والظلم الذي نعيشه من هذا العدوان الكبير، إلا أننا صامدون في مسقط رأسنا، في وطننا الحبيب، في أرض الرباط. والله لو فُنيت غزة وبقي طفل وطفلة، فسوف يكبران ويعيدان بناءها من جديد. لن ننحني لأحد إلا لله.'
في داخل خيمته بمنطقة المواصي، يروي العطار لـ 'فلسطين أون لاين' قصة شاحنة المياه: 'عندما سمعت صوت الشاحنة، وبسبب شح المياه وعطش المواصي نتيجة تدمير آبار المياه والاعتماد على شاحنات التوزيع، خرجت لتعبئة جالوني المياه، فأنا أعيل أسرة من 23 فردًا. أحيانًا أتولى تنظيم عملية توزيع المياه، وأحرص على وضع كبار السن والنساء في طوابير خاصة احترامًا لهم، وتعليمًا للصغار على احترام الكبار'.
تفاجأ العطار بالانتشار الكبير لصورته على مواقع التواصل، وما رافقها من تعاطف شعبي ورسائل تضامن من فلسطين وخارجها، معتبرًا ذلك 'فخرًا واعتزازًا'، مضيفًا: 'كما يقولون: كبير القوم خادمهم.'
تحت الركام
في الأيام الأولى للحرب، عاش العطار صدمته الأولى عندما قصف الاحتلال منزله على رؤوس ساكنيه. وبأعجوبة نجا هو وأولاده، فيما بقي شهداء من العائلة عالقين تحت الركام حتى اليوم.
يقول: 'كانت الصواريخ تنهال بشكل جنوني على منازل عائلتي غرب بيت لاهيا، والبيوت تتهاوى فوق رؤوسنا. خرجنا بلا شيء، وبدأنا حياتنا بالنزوح من الصفر'.
فقد العطار منزله، ومكتب الاستشارات القانونية الذي كان يدرّب فيه المحامين، وكل مقتنياته وأوراقه، وبستان منزله الذي كان متنفسًا له. بعد تماثل المصابين للشفاء، نزح مع عائلته إلى جنوب القطاع، ليعيش 21 شهرًا في خيمة إيواء، انتزعت منه حياة الرفاهية، لكنها لم تنتزع إرادته.
يؤكد: 'التجويع جريمة حرب، ورغم قطع الاحتلال للمياه فإننا نعيد تحليتها محليًا.'
في 25 مايو/ أيار 2024، فقد العطار ابنته سميرة وأبناءها وبعض أحفاده في قصف إسرائيلي، وقبلها توفي والده خلال النزوح. تراكمت الصدمات بين فقد الأحبة وهدم البيت وحياة النزوح، لكنها لم تكسر عزيمته.
عودة صادمة
في يناير/ كانون الثاني 2025، وبعد اتفاق تهدئة، عاد العطار وزوجته إلى بيت لاهيا. بصعوبة تعرّف على منزله وسط دمار شامل غيّر ملامح الحي. لم يبق شيء سوى الذكريات التي باغتته بالدموع، فتذكر اللحظة التي غادر فيها مصابًا من تحت الركام. لم يمكث أكثر من يوم، إذ اضطر للعودة إلى المواصي بعد أن قطع ثلاثة كيلومترات لجلب قربة مياه واحدة.
خلال الحرب، تنقل العطار في رحلات نزوح طويلة: من بيت لاهيا إلى مخيم الشاطئ، ثم إلى دير البلح وسط القطاع، فرفح، وأخيرًا خان يونس والمواصي.
الدكتور غانم العطار (70 عامًا)، مستشار قانوني، لديه 16 ابنًا (3 ذكور و13 أنثى)، استشهدت ابنته سميرة، ولديه 86 حفيدًا، استشهد ستة منهم. بابتسامة يجيب عن سؤال إن كان يعرفهم جميعًا: 'لا أتعرف على الصغار إلا عندما يذكرون لي اسم والدتهم، فهم كُثر. يعيش معي في المخيم 23 حفيدًا، والباقون موزعون في مخيمات ومدن أخرى'.
في خيمة الإيواء، يبدأ يومه فجراً، بلا منبهات سوى ذبابة أو اثنتين توقظان النائمين. يتولى تعبئة المياه لعائلته، وأحيانًا يعود دون أن يتمكن من ملء القربتين بسبب الازدحام. يشارك زوجته في إعداد الطعام رغم شحّه، وفي أفضل الأحوال يكون وجبة من المعكرونة أو العدس.
خرج من مكتبه قبل الحرب مئات المحامين ووكلاء النيابة والقضاة، إضافة إلى تدريسه في الجامعات. كان لباسه وطعامه وحياته مختلفة، لكن ما منحه الثبات اليوم هو الصمود الذي يراه في عيون الناس وتمسكهم بأرضهم.
ويختتم مناشدًا: 'نحن نعيش مجاعة شديدة، ولا نملك إلا الثبات والإرادة والمعنوية. على العالم الإسلامي وأحرار العالم أن ينصروا غزة'.
التعليقات