شح فادح وغلاء فاحش وسط مجاعة تزداد قسوة في أسواق غزة

mainThumb
شح فادح وغلاء فاحش وسط مجاعة تزداد قسوة في أسواق غزة

29-07-2025 10:24 AM

printIcon

أخبار اليوم - بينما تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي الترويج لمزاعم إدخال "مساعدات إنسانية" إلى قطاع غزة، تنقل أسواق القطاع صورة مغايرة تمامًا، تكشف زيف هذه الرواية. فالمواطنون يصطدمون يوميًّا بواقع مرير، يتمثل في شح كبير في السلع الأساسية، وغلاء فاحش في الأسعار، وسط مجاعة متفاقمة وأجساد أنهكها الجوع.

ففي سوق الصحابة، أحد الأسواق المركزية في مدينة غزة، بلغ سعر كيلو الطحين 50 شيكلاً، في حين قفز كيلو الأرز والبرغل إلى 70 شيكلاً، والبندورة إلى 100 شيكل، والفلفل 80 شيكلاً، أما سعر السكر فقد وصل إلى نحو 400 شيكل، وزيت الطهي إلى 80 شيكل للتر، بينما تغيب الكثير السلع الأساسية تمامًا، في مشهد يُكذب مزاعم "الانفراجة الإنسانية" التي يروّج لها الاحتلال عبر إعلامه.

وصباح الأحد الماضي، أعلنت سلطات الاحتلال عن السماح بدخول مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عبر عمليات إسقاط جوي وممرات إنسانية مؤقتة، بعد شهور من حصار عسكري خانق تسبب في أزمة إنسانية خطيرة.

"انفراجة كاذبة"

تحت شمس تموز اللاهبة، يقف أبو أحمد سلمان، أب لخمسة أطفال، أمام بائع طحين ويقول: "أُصبت بالصدمة عندما سمعت بالسعر وسمعنا أنه بـ50 شيكلًا للكيلو.. نسمع كل يوم عن دخول الطحين، لكن لا يصلنا شيء. كيلو واحد لا يكفي أسرتي ليوم. حتى الخبز لم يعد متاحًا، ونحن لا نأكل غيره".

وبلهجة يملؤها القهر يتابع سلمان لـ "فلسطين أون لاين": "عندما سمعت عبر الإعلام عن دخول مساعدات، اعتقدت أن الدنيا ذاهبة إلى انفراجة. لكن للأسف نسمع جعجعة ولا نرى طحينًا. الخضروات أصبحت من الرفاهيات، والفاكهة لم نذق طعمها منذ أكثر من ستة شهور. أطفالي ينامون جائعين، يحلمون برغيف خبز، ونحن نحلم ألا نستيقظ على المزيد من الجوع والعجز".

على جانب السوق، وقفت أم محمد المغربي وهي تقلب نظرها بين البسطات، ثم تقول وقد بدا الإعياء واضحًا عليها: "نزلتُ على السوق بعدما سمعت عن دخول المساعدات، لكن ما وجدته صدمني. الأسعار بدل ما تنخفض، ارتفعت بشكل جنوني. لا أعرف ماذا يمكن أن أشتري. الخضروات نادرة، وإن وجدت، أسعارها تفوق الخيال".

تشير إلى بائع فاكهة يضع بعض حبات المانجا والتفاح فوق صندوق خشبي صغير، وتقول بغضب: "من يستطيع شراء هذه السلع بـ200 شيكل للكيلو؟ فقط المقتدرون، واللصوص، وتجار الحروب. نحن لا نستطيع حتى التفكير في شرائها. هذه ليست مساعدات، هذه عروض للأثرياء فوق ركام الجوع".

إدارة الجوع

في زاوية أخرى من السوق، تسأل السيدة أم محمد الجاروشة أحد الباعة عن سعر البندورة، فيجيبها دون تردد: "100 شيكل للكيلو". تتراجع إلى الخلف مندهشة، قبل أن تتمتم: "بس 100 شيكل! وبقولوا مساعدات؟ وينها؟".

تتابع بنبرة يائسة: "تأملنا أن تنفرج الأمور، لكن الأسعار ارتفعت أكثر من قبل، وكثير من السلع بات مفقودًا تمامًا. نأكل الخبز فقط، وبالكاد نقدر على تأمينه. أجسادنا باتت هزيلة، ولم نعد نستطيع توفير الحد الأدنى من الغذاء الذي يُبقي أطفالنا على قيد الحياة".

وعلى طرف السوق، جلس الشاب إياد الحلو قرب عربته الفارغة، وقال غاضبًا: "الحديث عن المساعدات كذبة كبيرة. وين المساعدات؟ إحنا مش شايفين شيء. كل هذا كلام في الهواء. لا يوجد على الأرض شيء ملموس".

ويضيف الحلو لـ "فسطين أون لاين": "(إسرائيل) غير معنية بوصول الطعام. لو كانت معنية، لوصلت المساعدات من أول يوم وانخفضت الأسعار كما حدث خلال وقف إطلاق النار في يناير الماضي. لكن ما نراه اليوم هو إدارة مقصودة للمجاعة، خاصة بعد الضجة العالمية حول الجوع في غزة".

ومطلع مارس/آذار الماضي تنصلت (إسرائيل) من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، والذي بدأ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، واستأنفت الإبادة، ومنذ ذلك الحين ترفض جميع المبادرات والمطالبات الدولية والأممية لوقف إطلاق النار.

ورغم التحذيرات الدولية والأممية والفلسطينية من تداعيات المجاعة في غزة فإن (إسرائيل) تواصل إغلاق معابر القطاع بشكل كامل أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، في تصعيد لسياسة التجويع التي ترتكبها منذ بدء الحرب.

 فلسطين أون لاين