من بين الركام .. أحمد العبادلة يقاتل للبقاء بعد أن خسر عائلته وجسده

mainThumb
من بين الركام.. أحمد العبادلة يقاتل للبقاء بعد أن خسر عائلته وجسده

04-08-2025 10:26 AM

printIcon

أخبار اليوم - في لحظة بدت عادية، خرج والد أحمد بلال العبادلة وشقيقاه (سعد وحسن) من البيت لزيارة الأقارب بمناسبة عيد الأضحى في الحي القريب منهم، في خطوة بسيطة لصلة الرحم لم يتوقعوا أن تكون الأخيرة. دقائق معدودة كانت كفيلة بتغيير حياة أحمد وأسرته إلى الأبد.

فجأة، دوّى صوت قصف عنيف، في حين كانت والدته وشقيقته بيسان في الخيمة التي لجأت إليها العائلة بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلهم في منطقة القرارة شرق خان يونس، لتجد الأسرة نفسها في قلب مأساة لا تُنسى.

فقد أحمد والده وشقيقيه في الغارة، وحُرم من دفء العائلة دفعة واحدة، كما أُصيب هو بجروح بالغة. يقول بصوت مثقل بالألم لـ "فلسطين أون لاين": "خرجنا معًا للحظة بسيطة، ولم يعودوا معي... شعرتُ أن الدنيا كلها تنهار من حولي، والوجع أكبر من أن يُحتمل".

وتروي شقيقته بيسان (32 عامًا): "في لحظة فقدتُ والدي الذي كان عمود البيت، واثنين من أشقائي، والآن أعيش بوجع مضاعف، مع إصابة أحمد التي ألمت قلبي كما ألمتنا خسارتنا".

كانت لحظات العيد لدى عائلة أحمد مليئة بالضحك والفرح رغم قسوة الحرب، لكن الاحتلال لم يرحم حتى تلك اللحظات البسيطة.

تضيف بيسان: "كنا نحتفل بين ضحكات وألعاب، نحاول أن ننسى القصف والدمار للحظة، لكن فجأة تحوّل الفرح إلى رعب، وقصف الاحتلال حرمنا من أبسط حقوقنا: الفرح والسلام".

ركضت بيسان بلا تفكير للاطمئنان على والدها وإخوتها، وعندما وصلت إلى الشارع الفاصل، وجدت الأقارب مجتمعين بوجوه يعلوها الخوف والقلق.

صرخت بحرقة: "وين بابا؟ وين إخوتي؟ ليش كلكم موجودين وهُم لأ؟"

كان صراخها صوت الفقد الذي يعصر القلب.

بعد انفجار الصاروخ، فقد الطفل أحمد وعيه على الفور، ولم يستفق إلا في المستشفى، حيث خضع لعدة عمليات جراحية وزرع رقع جلدية بسبب إصابات خطيرة في قدميه. تآكل مفصل قدمه اليمنى، وكسرت قدمه اليسرى وتآكل لحمها.

كما أُصيب بتهتك في مفصل يده اليمنى وقطع في الأوتار، مما أفقده القدرة على تحريكها. ويحتاج اليوم إلى جراحة معقدة لاستعادة بعض وظائفها.

تقول بيسان: "كان ضعيفًا جدًا، جسده مغطى بالجروح، ومع ذلك لم يفقد الأمل في الحياة، كان صامدًا كأنه يقول لنا: لا تستسلموا".

تتابع: "نحاول أن نكون بقربه، ندعمه بكل قوتنا، لكن الألم لا يزول، والأمل في الشفاء يظل نورًا خافتًا وسط هذه العتمة".

وبعد أسابيع طويلة من المعاناة في المستشفى، اضطر أحمد لمغادرته بسبب نقص الإمكانيات الطبية وعدم توفر العلاج اللازم في القطاع. فحالته الصحية تتطلب سفرًا عاجلًا للعلاج في الخارج.

5802992565337835380.jpg

تقول بيسان بصوت مملوء بالألم: "الوضع هنا صعب جدًا، لا تتوفر الإمكانيات التي يحتاجها أحمد، وننتظر أن يفتح الله لنا بابًا للسفر، لأنه الأمل الوحيد لإنقاذه".

وتضيف: "أحمد يحمل عبئًا كبيرًا رغم صغر سنه، فقد والده وشقيقيه، والآن يقاتل من أجل حياته، ونحن معه بكل ما نملك، نأمل أن يأتي اليوم الذي يعود فيه صحيحًا بيننا".

وتكمل: "الأيام صعبة، والآلام مستمرة، لكنه يتمسك بحلمه في أن يعيش حياة طبيعية من جديد، رغم كل ما مر به".

بعد هذه الشهور القاسية، لا يزال أحمد غير قادر على تحريك يده، أو المشي، أو الاعتماد على نفسه في أبسط الأمور اليومية، خاصة مع غياب كرسي متحرك يساعده على التنقل.

تقول بيسان: "الألم لا يرحم، وأحمد يقاوم بصمت، لكن من دون كرسي متحرك، تبدو كل خطوة مستحيلة، وهو يحلم فقط بأن يستعيد جزءًا من حريته وحركته".

ويزيد من معاناته سكنه في الخيمة، حيث اشتكى من تنميل مستمر في رجله، وبعد إزالة منطقة البلاتين التي وُضعت له، تبيّن وجود نمل متجمع داخل الجرح.

تروي بيسان: "كان مشهد النمل داخل جرحه صدمة كبيرة لنا جميعًا، زادت من معاناته وقلقنا عليه، خاصة مع ظروف الخيمة الصعبة".

ويعاني أحمد من شعور دائم بالحرقان نتيجة ارتفاع حرارة قدميه، ويضطر إلى شحن بطارية جهاز التهوية الخاص به لتخفيف الألم. كما يُصاب بالتهابات متكررة، ويعاني ألمًا شديدًا أثناء تنظيف الجروح في ظل غياب بنج موضعي يخفف من حدته.

تختم بيسان: "الوضع الصحي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، ونحن نبحث عن حل لعلاج أحمد في ظل نقص الإمكانيات وقلة الدعم".

ورغم الجراح التي تنهش جسده، يظل أحمد يحمل في قلبه إرادة الحياة، ويرى في كل لحظة أملاً جديدًا.

المصدر / فلسطين أون لاين