أخبار اليوم - بينما كان عبدالله شقفة حارس مرمى فريق نادي شباب رفح والمنتخب الوطني الفلسطيني، يتطلع لتحقيق حلمه بالاحتراف والعيش برفاهية، انقلبت حياته رأسا على عقب، بداية بتدمير منزله، مما دفعه للنزوح، إلى مواصي خانيونس، بحثا عن مكان فيه الحياة أقل خطرا، لكن الخطر لاحقه وأفقده شريكة حياته.
مع اشتداد القصف العشوائي، على مدينة رفح التي يسكنها عبدالله وعائلته، تم اتخاذ القرار وخرج الجميع، للعيش في خيمة، التي اخترقتها فيما بعد شظية من صاروخ إسرائيلي، سكنت في قلب الزوجة، وارتقت على إثرها إلى العلياء.
مطلع عام 2023 تلقى اللاعب شقفة أفضل حارس مرمى في قطاع غزة، خلال الأعوام الأخيرة، عرضا للانتقال لفريق مركز شباب بلاطة بطل الدوري بالضفة الغربية، وخوض أول تجربة في دوري المحترفين، لكن الاحتلال الإسرائيلي رفض منحه تصريح يمكنه من الوصول لمحافظة نابلس واللحاق بفريقه، وحرمه من تحقيق حلمه.
وارتدى شقفة قميص منتخب بلاده فلسطين لأول مرة، وكان ضمن القائمة التي شاركت في بطولة كأس العرب في قطر 2021.
ويقول شقفة لصحيفة "فلسطين":"النزوح من أصعب الأمور التي واجهناها خلال الحرب، ولم يكن اختيارها بالأمر السهل لي ولعائلتي، ولكننا اضطررنا لفعل ذلك بعد اشتداد قصف الاحتلال لمدينتنا رفح، احتياجات الإنسان الأساسية، لا تتوفر في مكان النزوح، مثلاً المياه ليست نظيفة، ونعاني من الطقس، فعيش الخيام صعب جدا في الصيف نعاني من الحر، وفي الشتاء بارد".
وأضاف: " عشنا الأهوال، وكنت أظنّ في كل لحظة أن نهايتنا قريبة، حيث أن الاحتلال قصف منطقة مواصي خانيونس في أكثر من مرة، وقبلها قصف منزلا يبعد عشرة أمتار عن منزلي في رفح، هذا كله حدث ولا نزال على قيد الحياة".
وتابع شقفة، " تجربة النزوح صعبة ومريرة ولن تنسى، ولكن مجبرين أن نتعامل معها، وأنتظر اليوم الذي أخلع فيه عمود الخيمة إلى الأبد".
وعن كيفية استشهاد زوجته، أوضح شقفة "كانت في زيارة لخيمة عمها وحدث قصف قريب من المكان، فوصلت شظية صغيرة جدا إلى القلب وارتقت على الفور"، وزاد فقدانها من الألم والحزن، بعد أن تركت طفلتين خلفها وهما ( ماريا 9 سنوات، ومي 6 سنوات)، علما أنهما كانتا بجوار والدتهما وبحمد الله لم يلحق بهما أذى.
خسارة شقفة الأبرز كانت هي فقدان منزله، إذ قامت قوات الاحتلال بتدميره بشكل كامل، وبعد أن وصل إليه في أيام الهدنة الأولى وجده ركاماً، بما فيه من مقتنيات رياضية وشخصية وعائلية، وعاش بعدها الكابوس على حقيقته كما يقول، وترك تدمير المنزل كثيراً من الأسى في داخله لأنه تعب العُمر.
فقد شقفة، داخل المنزل كل الجوائز الرياضية الشخصية التي حصّل عليها طوال مسيرته الممتدة في الملاعب لأكثر من 16 عام، حصل فيها على 14 ميدالية لبطولة رسمية، وبرونزية بطولة القدس والكرامة التي جمعت أندية فلسطين بالأندية الأردنية، بينما كان الناجي الوحيد من المنزل قميص المنتخب الوطني الفلسطيني، الذي تصادف وجوده مع الحقيبة الوحيدة التي استطاع النزوح بها، وهذا ما جعله يحلم أكثر بأن يرتدي القميص مجددا في قادم المواعيد.
العشرات بل المئات من الرياضيين، يعيشون حياة شقفة الشاقة، وأجبروا على ترك معشوقتهم كرة القدم، تحت واقع معيشي صعب، وحرب غيرت الواقع والملامح.