صهيب خزيق .. طفل غزَّة الَّذي سرقت الحرب جزءًا من جسده

mainThumb
صهيب خزيق... طفل غزَّة الَّذي سرقت الحرب جزءًا من جسده

20-08-2025 10:07 AM

printIcon

أخبار اليوم - يجلس صهيب علي خزيق، ذو الأربعة أعوام، يحاول أن يفهم ما جرى له، ولماذا يختلف عن بقية الأطفال. منذ اليوم الذي اخترقت فيه الشظايا جسده الصغير وبُترت ساقه اليمنى، لم يعد شيء كما كان.

أصيب صهيب في السادس من ديسمبر 2023، حين قصف الطيران الحربي الإسرائيلي منزلًا مجاورًا للمكان الذي كانت تقيم فيه عائلته بعد نزوحهم القسري. تناثرت الشظايا، واخترقت جسده، واستقرت في ساقه اليمنى التي تم بترها لاحقًا من فوق الركبة، في مشهد لا يُنسى من ذاكرة والده علي.

يقول والده لصحيفة "فلسطين"، وهو يضغط على قلبه كلما تحدث عن تلك اللحظة: "وجع صهيب كبير، لكن وجعي أكبر... هو يمكن يحاول ينسى، بس أنا ما نسيت. مش قادر أستوعب إن أول فرحتي، أول ولد إلي، فقد قدمه قبل ما يعرف يمشي منيح حتى".

منذ الإصابة، أُجريت له عدة عمليات جراحية، ولا يزال يتلقى علاجًا طبيعيًا في أحد مراكز الرعاية المحدودة، بينما يأمل والداه أن يحصل على تحويلة للعلاج في الخارج لتركيب طرف صناعي يعيد له توازنه وأمل الطفولة.

لكن الطريق إلى العلاج ليس ميسّرًا، فوالده يضطر للسير به مسافة طويلة تمتد لأكثر من ثلاث ساعات تحت أشعة الشمس الحارقة في ظل شح المواصلات والواقع الإنساني المنهك.

يضيف والده بحرقة: "الوجع الي في قلبي ما بينوصف... كمية القهر والجرح أكبر من قدرتي على وصفه".

صهيب، الذي بالكاد كان قد تعلم المشي، صار اليوم يسير بقدم واحدة وبعكاز صغير. فقد جزءًا من جسده، لكنه لم يفقد نور عينيه ولا ابتسامته الخجولة حين يرى والده يمسك بيده ويعانقه بقوة.

أكثر ما يوجع قلب الأب علي أسئلة صهيب المتكررة: "بابا، مين اللي أخد شبشبي؟ ورجلي؟ متى بدهم يرجعولي إياهم؟ متى بدها تطلعلي غيرها؟"، أسئلة يكررها كل يوم بعيني طفل لا يعرف سوى براءة الطفولة، لكنه لا يتلقى إجابة، فقط نظرات متألمة من أب يقف عاجزًا، يكتم أوجاعه ويصمت.

يقول والده بصوت يخنقه القهر: "بصفن فيه، بصير أبلع في ريقي ومش قادر أجاوبه... أي جواب ممكن يرضي طفل فقد جزءًا من جسده؟".

لم تقف معاناة صهيب عند البتر فقط، بل تمتد إلى كل ليلة يقضيها في الخوف. لا ينام نومًا هادئًا، بل يستيقظ مفزوعًا، تلاحقه الكوابيس. مرة يرى الطائرة التي ألقت الصاروخ، وأخرى الأطباء الذين أحاطوا به والدماء تغطي جسده، أو صرخات الوجع التي لا تزال محفورة في ذاكرته الصغيرة.

ويضيف والده وهو يغالب دموعه: "كل ليلة بصحى على صراخه، بيرتجف وبحضني، وبصير يقول لي: بابا خبيهم، خبي الأطباء، خبي الطيارة، ما بدي أروح المستشفى تاني".

صهيب لا يفهم معنى الحرب، لكنه يعرف الألم. يعرف أن شيئًا ما سُرق منه، وأن طفولته ليست كطفولة غيره. يريد فقط أن يمشي، أن يرتدي حذاءه، أن يركض مثل السابق، لا يدرك أن الطريق طويل، وأن تركيب طرف صناعي ما زال حلمًا معلقًا على واقع مرير.

ويختم والده حديثه: "بدي أسافر فيه، بدي أعالجه، مش راح أستسلم. هو ابني الوحيد، وهو حياتي كلها. المهم يرجع يركض ويلعب... زي كل الأولاد".

 فلسطين أون لاين