أخبار اليوم - فيما يواصل بنيامين نتنياهو تعطيل مساعي إنهاء الحرب في غزة وإنجاز صفقة تبادل مستفيد من ضعف الاحتجاجات الداخلية ومن رخاوة مواقف جهات خارجية، بل تأييده من قبل بعضها بأشكال مختلفة، تتحدث مصادر إعلامية عن “صفقة” مطروحة بين سوريا وإسرائيل.
وقالت مصادر إعلامية عبرية صباح اليوم الخميس إن المفاوضات الدائرة بين سوريا وإسرائيل حول الترتيبات الأمنية، قد شملت مداولات حول صفقة تعيد السفوح الغربية لجبل الشيخ المعروفة بجبل الروس أو مزارع شبعا للسيادة السورية مقابل التنازل عن الجولان السوري المحتل منذ 1967.
ونفى ديوان رئيس حكومة الاحتلال هذه الأنباء وقال إنها كاذبة وإن مثل هذه الصفقة غير مطروحة. بيد أن الإذاعة العبرية الرسمية تنقل عن مصادر إسرائيلية تأكيدها التداول بـ“تبادل” كل الجولان المحتل مقابل السفوح الغربية من جبل الشيخ الذي تعتبره الدولة اللبنانية تابعا لها أصلا وليس لسوريا، وهي منطقة إستراتيجية ترتفع 1500 متر فوق سطح البحر، وأسمتها إسرائيل “هار دوف” (جبل دوف) على اسم أحد جنودها الذي قتل في عملية فدائية فلسطينية عام 1970.
يشار إلى أن إسرائيل بسطت سيادتها على الجولان السوري المحتل في مشروع قانون عام 1981 بمبادرة حكومة بيغن، ويقضي بعدم تغيير ذلك إلا من خلال استفتاء شعبي أو موافقة 80 من أصل 120 عضو كنيست.
وديعة رابين
يذكر أن إسرائيل وسوريا في فترة الرئيسين السابقين حافظ الأسد واسحق رابين قطعتا شوطا طويلا في مفاوضات حول الجولان شملت موافقة على إعادة الأغلبية الساحقة من الجولان السوري المحتل إلى سوريا مع تدابير أمنية وتبادل سفيرين بين دمشق وتل أبيب وفق مصادر سياسية وصحافية كثيرة آنذاك، ووفق بعض النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي مم لعبوا دور “الوساطة” و”المرسالية”.
وفي مذكّراته يروي عضو الكنيست العربي السابق عبد الوهاب دراوشة كيف نقل رسائل متبادلة بهذا الخصوص بين رابين والأسد في العام 1994 خلال زيارة دراوشة مع وفد مرافق إلى دمشق لتقديم العزاء لحافظ بوفاة نجله البكر باسل. بيد أن رابين الذي طلب التريّث قليلا، وفق دراوشة، قُتل في العام التالي وانقطعت المداولات حول الجولان مع صعود نتنياهو للحكم في المرة الأولى عام 1996.
وتجددّت المداولات مع سقوط نتنياهو وصعود إيهود باراك في 1999، وطلبت دمشق استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفّت فيها، ومما عرف بـ”وديعة رابين” التي تعني موافقة إسرائيلية على الانسحاب من الجولان وضعها رابين كـ”وديعة” بيد الجانب الأمريكي في حال وافقت سوريا على شروط السلام الإسرائيلية. وخلال المداولات، توفي الأسد في العام 2000 ولم تثمر المداولات مع إسرائيل في فترة الرئيس المخلوع بشار الأسد.
البحيرة تتجه إلى الخط الأحمر
ومن نقاط الخلاف التي حالت أيضا دون التقدم في المفاوضات خلال فترة حكم حافظ الأسد وإسحاق رابين، مطالبة دمشق باستعادة السواحل الشرقية الشمالية من بحيرة طبرية، المنطقة الممتدة من موقع عين النقيب إلى منطقة البطيحة.
وقتها طالبت سوريا باستعادة هذا الشريط الساحلي من البحيرة، لكن إسرائيل رفضت وزعمت أنها توافق على ترسيم الحدود بناء على حدود اتفاق وقف النار عام 1974، أي الانسحاب حتى آخر متر. لكن البحيرة تراجعت نتيجة الجفاف وضخ المياه منها، وبالتالي باتت نقاط الحدود في اليابسة، ورفضت إسرائيل مطالب سوريا باستعادة منطقة الشاطئ والعودة للسباحة فيها.
وبسبب ظروف مناخية مشابهة جراء أزمة المناخ وحالة الجفاف الناجمة عن شحّ موسم الأمطار الماضي، وعن ضخ مياهها لأغراض الري والشرب، تتعرض البحيرة هذه الأيام لأزمة كبيرة تتجلى بتراجع سواحلها وانخفاض منسوبها لحد البعد 30 سم فقط عن “الخط الأحمر” إذ تفقد يوميا سنتمترا واحدا.
وفي محاولة لمنع تدهور البحيرة أكثر وتجاوز الخط الأحمر الذي بات حتميا في الشهر القادم، نحو “الخط الأسود” وهو الوضع الأشد خطورة، أعلنت سلطة المياه الإسرائيلية اليوم الخميس عن نيتها بدء ضخ مياه بشكل معاكس، من البحر الأبيض المتوسط حيث أقيمت منشآت لتحلية المياه إلى طبرية.
وتعاني البحيرة أزمة مزمنة منذ تدخلت الأيدي الإسرائيلية في ستينيات القرن الماضي من خلال ضخ مياهها إلى صحراء النقب بغية “إحياء القفار” بواسطة ما يعرف بـ”مشروع المياه القطري” الذي استهدفته حركة “فتح” في انطلاقتها في اليوم الأول من عام 1965 في عملية عرفت بعملية “نفق عيلبون”.
ويؤكد باحثون كثيرون أنه لولا هذا الضخ المفرط لما تعرضَت بحيرة طبرية لهذه الأزمة التي تنذر بمشاكل بيئية وصحية للكائنات الحيّة فيها وفي محيطها (كما حصل في المشروع الفاشل لتجفيف بحيرة الحولة)، لأنها تتغذى على جداول الجليل والجولان ونهر الأردن الذي يدخلها من جهة الشمال، والذي سبق وألهم الأديب الفلسطيني يحيى يخلف ابن بلدة سمخ المهجّرة جنوب طبرية في عنوان روايته “نهر يستحم بالبحيرة”.