لبنان بين الحوار والحسم .. مستقبل سلاح حزب الله في الميزان

mainThumb
لبنان بين الحوار والحسم.. مستقبل سلاح حزب الله في الميزان

01-09-2025 01:08 PM

printIcon

أخبار اليوم - مع اقتراب جلسة الحكومة اللبنانية المقررة لبحث خطة الجيش الخاصة بحصر السلاح بيد الدولة، تصاعدت المواقف السياسية الداخلية بين مؤيد للحوار الوطني ومعارض له، ما يعكس حجم الانقسام بشأن مستقبل سلاح حزب الله ودور الدولة في ضبط الأمن والدفاع عن الحدود.


وفي هذا السياق، جاء خطاب رئيس مجلس النواب نبيه بري ليشكل محطة بارزة، إذ رفض تبني الورقة الأميركية التي تهدف إلى نزع سلاح حزب الله، واعتبر أن الخطة تتجاوز مجرد مسألة السلاح لتتحول إلى بديل عن اتفاق وقف إطلاق النار، داعياً في المقابل إلى مناقشة شاملة ضمن إطار استراتيجية دفاعية وطنية.


توقف الكاتب الصحفي رضوان عقيل، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على قناة سكاي نيوز عربية، عند خطاب بري، واعتبر أنه حمل رسائل متعددة، أولها إلى الحكومة لتأكيد أن "لا مهرب من الحوار" في أي مسألة خلافية.



وأوضح عقيل أن رئيس المجلس النيابي يصر على حضور الوزراء المحسوبين على حزب الله وحركة أمل الجلسة المقبلة، مشيراً إلى أن الاتصالات مفتوحة بين الرئاسات الثلاث في محاولة لبلورة مخرج للتعاطي مع قرار الحكومة الخاص بجمع سلاح حزب الله.

ورأى عقيل أن الحوار هذه المرة يجب أن يكون جاداً لا على طريقة الحوارات السابقة، بل تحت عنوانين رئيسيين: الأول بحث مصير سلاح حزب الله، والثاني التوصل إلى موقف موحد للرد على الأميركيين.

وأشار إلى أن الاجتماع الأخير بين بري والجانب الأميركي برئاسة توم باراك كشف عن معطيات جديدة، من بينها الحديث عن معاهدة دفاع مشترك بين لبنان والولايات المتحدة، وهو ما اعتبره بري بمثابة نسف للقرار 1701 ولوقف إطلاق النار.

وبحسب عقيل، فإن بري يعتبر أن الإسرائيليين لم يلتزموا أصلا بالوعود التي قطعها الجانب الأميركي، ما يجعل أي ورقة تفاوضية غير قابلة للحياة من دون وحدة داخلية وحوار بين مختلف الأفرقاء.

وحذّر من أن بقاء كل فريق متمسكاً بموقفه سيعني المزيد من التخبط والأزمات الداخلية، وتقديم "هدايا مجانية لإسرائيل".

ورقة أميركية مثيرة للجدل

من النقاط المثيرة للجدل التي تناولها عقيل في تحليله، ما طرحه السيناتور الأميركي ليندسي غراهام حول إقامة منطقة اقتصادية بين لبنان وإسرائيل.

واعتبر عقيل أن هذا الطرح يعني "سلخ نحو 27 بلدة مسيحية وإسلامية من الشريط الحدودي"، مؤكداً أنه يستبعد قبول أي جهة وطنية بمثل هذا المقترح.

وأضاف أن الرئيس بري لم يطرح يوماً تغيير النظام أو الدستور اللبناني، بل أكد على ثوابت اتفاق الطائف الذي جاء برعاية عربية ودولية، مشيراً إلى أن الضغوط التي يتعرض لها "الثنائي الشيعي" تنعكس على كل الشعب اللبناني بسبب التحديات الإسرائيلية المستمرة.


وخلص إلى أن "لا مفر من أن تكون السلطة الأمنية كلها تحت مظلة الجيش اللبناني والدولة اللبنانية"، وأن الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية ليس من المحرمات السياسية، بل حاجة وطنية لحماية لبنان.

في المقابل، جاء موقف شارل جبور، رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، حاسماً برفضه التام لمواقف بري.

وخلال حديثه إلى غرفة الأخبار، اعتبر أن خطاب رئيس مجلس النواب لا يختلف في جوهره عن خطاب حزب الله، قائلاً إنه لم يستطع التمييز بين بري وبين نعيم قاسم أو محمد رعد.

ورأى جبور أن أي حوار جديد حول سلاح حزب الله يشكل "انقلاباً على الحكومة وعلى البيان الوزاري والقرارات المتخذة"، مشدداً على أن الحكومة سبق أن حسمت هذا الموضوع بقرار واضح بنزع السلاح غير الشرعي، وفي مقدمته سلاح حزب الله.

وأضاف أن القبول بمثل هذا الحوار "يضرب هيبة الدولة وصورتها، ويعيد لبنان إلى الوراء".

وأشار جبور إلى أن اللبنانيين يسمعون منذ عام 2006 عن "الاستراتيجية الدفاعية" من دون أن يتحقق شيء، معتبراً أن هذا المسار لم يكن إلا ذريعة لتأجيل استحقاق تسليم السلاح الذي كان يجب أن يتم منذ عام 1991.


قدم جبور تحليلاً على 3 مستويات:

أولا: المستوى اللبناني الداخلي: لا يجوز أن يكون هناك سلاح خارج الدولة تحت أي ذريعة. الدولة وحدها مسؤولة عن الأمن والدفاع، وأي استثناءات شكلت عبئاً على لبنان منذ عقود.

ثانيا: المستوى الأمني: حمّل حزب الله مسؤولية إدخال إسرائيل إلى بعض النقاط الحدودية، مؤكداً أن الحزب هو من فشل في معركة الردع بعدما كان يعلن أنه قادر على إسقاط الطائرات واحتلال الجليل.

ثالثا: المستوى الدولي: أشار إلى أن حزب الله يشكل حالة انقسامية في الداخل اللبناني، وأن معظم دول العالم تصنفه منظمة إرهابية، ما ينعكس سلباً على صورة لبنان وعلاقاته الخارجية.

وبحسب جبور، فإن بري وحزب الله يستخدمان شعار الحوار كمدخل لتغيير النظام السياسي، في محاولة لإلهاء اللبنانيين ومنعهم من استكمال مسار نزع السلاح.

وأكد أن الوقت قد حان "ليتحمل الحزب مسؤوليته ويسلم سلاحه"، معتبراً أن الدولة اللبنانية قادرة على حماية حدودها بدعم شعبها وأصدقائها في العالم.



بين الحوار والحسم

يتضح من تصريحات عقيل وجبور أن الساحة اللبنانية مقبلة على مواجهة سياسية حادة: فريق يرى أن الحوار بشأن الاستراتيجية الدفاعية ضرورة وطنية لا بد منها، وفريق آخر يعتبر أن الحوار التفاف على قرارات الحكومة وانقلاب على الدولة.

وبين هذين الموقفين، تقف الحكومة أمام اختبار صعب في جلستها المقبلة، حيث سيكون عليها الموازنة بين الضغوط الداخلية والخارجية، وبين الحفاظ على وحدة الصف وعدم التراجع عن قراراتها.

الملف إذاً ليس مجرد نقاش حول خطة الجيش، بل يعكس صراعاً أعمق بشأن هوية الدولة اللبنانية ودورها وعلاقة القوى السياسية بالسلاح وبالمعادلة الأمنية في مواجهة إسرائيل.

وبين من يقول "لا مهرب من الحوار" ومن يصر أن "لا عودة إلى الوراء"، يبقى مستقبل لبنان معلقاً على قدرة الحكومة على اتخاذ قرار يوازن بين ضرورات السيادة ومتطلبات الوحدة الوطنية.