الأردن وفلسطين ملحمة العطاء المستمرة

mainThumb
المهندس محمد العمران الحواتمة

02-09-2025 12:41 PM

printIcon

 

المهندس محمد العمران الحواتمة

الأردن منارة الشموخ والوفاء كان دائمًا السند لفلسطين ، حاملًا رسالة ثابتة عبر الزمن. فمنذ اللحظة الأولى، وقف الأردن جنبًا إلى جنب مع أشقائه الفلسطينيين ضد الاحتلال الصهيوني ، مقدمًا الدماء قبل المال ، وموصلًا رسالة وفاء مستمرة من جيل إلى جيل.
فارتقى الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين شهيدًا على عتبات المسجد الأقصى عام 1951، ليضع حجر الأساس لمسيرة وفاء تتجدد مع كل جيل، مؤكّدًا أن فلسطين والمسجد الأقصى كانوا وما زالوا نبض القيادة الهاشمية وروح الشعب الأردني .

و في عام 1948، حين اندلعت نيران الاحتلال الصهيوني والعصابات الصهيونيه في قلب فلسطين والقدس ، كتب الجيش العربي الأردني بقيادة الملك عبدالله الأول أروع صفحات البطولة والفداء. تحت شعار الحق والكرامة ، قاتل أبطال جيشنا الباسل بشجاعة لا تعرف التردد ، متحدين الصعاب، برفقة قادة مثل الشهيد عبد الله التل وحابس المجالي، وارتقى العديد من الشهداء الأبرار مثل عطا عقلة علي الخضير وحسن قويدر البطاينه وعلي مقبل محمد البريزات وغيرهم الكثير .. لتظل دماؤهم الطاهرة شاهدًا على شموخ الأمة وإصرارها على حماية فلسطين. وقد كانت تلك المعارك درسًا خالدًا في التضحية والانتماء، وأظهرت للعالم قوة إرادة الأردن وصموده أمام محاولات الاحتلال.

ومن ثم جاء عام 1968، حيث برز الأردن مرة أخرى في ظل عجز العالم والعديد من الدول كرمز للثبات والشجاعة في معركة الكرامة . وبقيادة الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، وبتوجيهات إلى اللواء مشهور حديثة الجازي رحمه الله ، واجه الجيش الأردني ، محاولات الاحتلال للتمدد والسيطرة ، وأثبت الجنود الأردنيون بسالة وإصرارًا لا مثيل لهما. وكان ايضاً العديد من الشهداء رحمهم مثل محمد ضيف الله الهباهبة موفق السلطي ومحمد خليف الشورة وغيرهم العديد من الأبطال الشهداء ، الذين تركوا صفحات مضيئة من البطولة، لتظل دماؤهم الطاهرة نبراسًا للأجيال، ودليلاً حيًا على أن الأردن لا يعرف الانكسار، وأن الوفاء للأرض والحق هو ركيزة الثبات والكرامة.

واليوم، يواصل الأردن بقيادته الهاشمية وشعبه الأبي كتابة قصة الوفاء المستمرة، جامعًا بين القوة العسكرية والحكمة الدبلوماسية والعطاء الإنساني. فالقيادة الأردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله، تؤكد أن موقف الأردن تجاه فلسطين ثابت لا يتغير، وأن دعم غزة ليس مبادرة مؤقتة، بل امتداد لإرث تاريخي خالد، متجذر في قلب الدولة وضمير أبنائها. والشعب الأردني، بتفانيه وإخلاصه، يقف خلف قيادته بكل حب وعزم، من إرسال المساعدات الجوية والمستشفيات الميدانية إلى الدعم اللوجستي وجمع التبرعات، لترجمة التضامن الأردني إلى أفعال حقيقية تحمل الدفء والأمان والأمل لكل أبناء غزة وفلسطين ، مؤكدًا أن العطاء الأردني رسالة إنسانية قبل أن يكون موقفًا سياسيًا.

و رغم التحديات الاقتصادية الضاغطة وارتفاع تكاليف المعيشة وضيق الموارد، وسط أزمات إقليمية متلاحقة، يظل الأردن ثابتًا كالصخر، محافظًا على رسالته القومية والتاريخية والإنسانية. ولم تجعل هذه الظروف القيادة أو الشعب يتراجعون، بل زادت من تصميمهم على أن يكون الأردن الحصن الأمين لفلسطين، ومثالًا حيًا للعطاء الصادق الذي لا يزول. لقد رسّخ الأردن عبر تاريخه قيم الثبات والإخلاص، وجعل من التضحية والتفاني منهج حياة لكل أجيال الوطن.

وفي ختام هذه الملحمة، يظل الأردن بقيادته وشعبه مثالًا حيًا على الوفاء والإصرار والعطاء الذي لا ينتهي. هو الحصن الأمين لفلسطين، والشاهد الصادق على أن الحق والكرامة لا يزولان مهما امتدت التحديات. كل جندي، وكل شهيد، وكل مواطن أردني هو جزء من قصة خالدة تُكتب بحروف من نور، قصة تؤكد أن الأردن ليس مجرد وطن، بل رسالة مستمرة من الحب والإخلاص والتضحية.

فلتبقى فلسطين في القلب، ولتستمر هذه الملحمة عبر الأجيال، شاهدة على عظمة القيادة الهاشمية وشموخ الشعب الأردني، ملحمة يضيء نورها كل من يؤمن بالحق والعدالة، وتظل راية العطاء الأردنية ترفرف عاليًا، شامخة، لا ينالها الزمن، ولا تكسرها الصعاب .