أخبار اليوم – تالا الفقيه - أكدت الاستشارية النفسية والتربوية الدكتورة مرام بني مصطفى أن ظاهرة تعلق الأطفال والمراهقين بالنجوم والمشاهير تُعد من أبرز المظاهر النفسية والاجتماعية في العصر الحالي، موضحة أن هذا التعلق يأخذ أشكالاً مختلفة مثل المتابعة المفرطة، والتقليد، والشعور بالانجذاب العاطفي.
وأوضحت بني مصطفى أن هذه الظاهرة، رغم ما يبدو عليها من سطحية، تحمل أبعاداً نمائية ونفسية عميقة ترتبط بمرحلة الطفولة والمراهقة. فبحسب نظرية العالم إريكسون، فإن مرحلة المراهقة تمثل محطة أساسية في تكوين الهوية، ما يجعل المراهق يتماهى مع الشخصيات العامة والمشاهير الذين يمثلون النجاح والجاذبية.
وأضافت أن نظريات النمو النفسي تؤكد أن الطفولة والمراهقة هما مرحلتان حاسمتان في بناء صورة الذات والانتماء، حيث يلعب المشاهير دور النماذج الرمزية التي تلهم الأطفال والمراهقين. كما أشارت إلى نظرية باندورا التي تبيّن أن الأطفال يعبرون عن إعجابهم بالمشاهير من خلال عملية "النموذج" وتقليد السلوكيات التي يرونها ناجحة وجذابة.
وعن البعد النفسي، أوضحت بني مصطفى أن الإعجاب بالمشاهير يلبي لدى الأطفال والمراهقين حاجات عاطفية مثل الشعور بالانتماء، خصوصاً عندما يعجز المحيط الأسري عن تلبيتها. كما يمثل النجم صورة مثالية تعكس طموحات المراهق أو رغباته المكبوتة، فضلاً عن أن متابعة حياة المشاهير تمنح فرصة للهروب من الضغوطات اليومية والتعويض النفسي.
وبيّنت أن البعد الاجتماعي والثقافي عزز هذه الظاهرة، حيث جعلت وسائل الإعلام والانفتاح الرقمي الوصول إلى حياة النجوم سهلاً، ما خلق شعوراً بالقرب الوهمي منهم. وأضافت أن القيم المجتمعية التي تمجد المال والمظهر والشهرة، إلى جانب تأثير الأقران، زادت من قوة هذه الظاهرة بين المراهقين.
وفيما يتعلق بالآثار النفسية والسلوكية، أشارت إلى أن المبالغة في التعلق قد تؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس، والمقارنات غير الواقعية، والإدمان على المتابعة الافتراضية، الأمر الذي يعرقل بناء هوية سليمة. ومع ذلك، قد يكون لهذه الظاهرة جانب إيجابي إذا تم توجيهها بشكل صحيح، إذ يمكن أن تعزز الطموح، وتنمي المواهب، وتدفع نحو النجاح.
وختمت بني مصطفى بالتأكيد على أن الانجذاب للمشاهير لدى الأطفال والمراهقين أمر طبيعي وله جذور نمائية ونفسية واجتماعية، غير أن خطورته تكمن عندما يتحول إلى بديل عن العلاقات الواقعية أو يصبح مصدراً لمقارنات سلبية تؤثر في تقدير الذات. وشددت على ضرورة وعي الأهل والمربين، وتشجيع الأبناء على بناء هوية مستقلة ومتوازنة، مع مراجعة الأخصائي النفسي عند ظهور مؤشرات على تحوّل التعلق إلى هوس غير آمن.