طفولة مهددة بالظلام .. حرب غزة تسرق بصر الطفلة سجا

mainThumb
طفولة مهددة بالظلام.. حرب غزة تسرق بصر الطفلة سجا

08-09-2025 01:31 PM

printIcon

أخبار اليوم - بين الدمار والنزوح، داخل خيمة مهترئة، تجسد الطفلة الفلسطينية سجا أبو مغاصيب، فصلًا جديدًا من فصول المأساة في قطاع غزة؛ إذ بدأ ظلام الإبادة الإسرائيلية يتسلل إلى أعماق عينيها ويهددها بالعمى التام.

سجا (4 أعوام) لم يشفع لها صغر سنّها من أن تكون كأقرانها داخل القطاع الفلسطيني، هدفًا لقصف إسرائيلي ضرب كل معاني الإنسانية، وسط عجز دولي أمام وضع حدّ لها، وباتت تعيش على أمل أن يستفيق العالم من غيبوبته.

شظية ناجمة عن قصف إسرائيلي، أخذت من نور عينيها، تاركة سجا وحيدة تواجه ظلاماً يضاعف من مأساة طفولتها المسلوبة تحت وطأة حرب لم يشهد التاريخ مثيلا لبشاعتها.

** بصر ضعيف

ولدت سجا بضعف في بصرها، وهو ما جعل رؤيتها للأشياء محدودة، ورغم ذلك، كان ذووها يعيشون على أمل في تحسن حالتها، إلا أن إسرائيل أفقدتهم ذلك، حيث أدى استهداف منزلهم إلى إصابتها بشظية، قلّصت قدرتها على النظر إلى حد كبير، لتصبح مهددة بفقدان شبه كامل لبصرها.

طفولة مهددة بالظلام.. هذا حال سجا بعد الإصابة؛ إذ انعكس ذلك على تفاصيل حياتها اليومية، حيث تمضي جلّ وقتها على فرشة مهترئة داخل خيمتها، مرتدية بيجامة بلون الدم الذي أصبح عنوان لحياة أهل غزة اليومية، فيما تغطي ضمادات بيضاء عينها المصابة.

عتمة الإبادة لم تمنع أطفال غزة من اللهو على أنقاض ما خلفته الحرب من دمار، وهو ما كان يفعله أقران سجا التي أصبحت عاجزة عن مشاركتهم تلك اللحظات، فسقوطها المتكرر إثر ضعف الرؤية وما رافقه من تنمّر عليها، أدى إلى زيادة عزلتها وألمها النفسي

** فقدان الأب

لم يختلف حال سجا اجتماعيًا عما يمر به فلسطينيو غزة، فقد تفاقمت مأساة عائلتها بفقدان الأب الذي قتله الجيش الإسرائيلي خلال الحرب، وبقيت الأم وحيدة تكافح من أجل رعاية 6 أطفال وسط النزوح والفقر.

وتقول الأم رضا للأناضول: "لدي 6 أبناء، اثنان منهم يعانيان من انحراف في النظر، وسجا كانت ترى بشكل محدود، لكن إصابتها الأخيرة جعلت قدرتها على الرؤية لا تتجاوز 3 بالمئة".

وتضيف وهي تمسح على رأس طفلتها: "سجا لم تعد تلعب كبقية الأطفال، بل تواجه التنمر وتعيش عزلة مؤلمة، كل يوم تسألني عن عينيها ومستقبلها".

غياب العلاج المناسب زاد وضع الطفلة سوءا؛ فالمستشفيات في غزة اكتفت بخياطة جرح العين دون إجراء عمليات جراحية متقدمة بسبب نقص الإمكانيات الطبية الناتج عن حرب الإبادة.

وهنا، أوضحت الأم أن الأطباء اكتفوا بوصف قطرات للعين لا تجدي نفعا، مشيرة إلى أن طفلتها سجا بحاجة ماسة إلى علاج خارج قطاع غزة، غير أن الحصار الإسرائيلي يغلق جميع الأبواب أمام ذلك.

ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث يتداخل التجويع الممنهج مع إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وفي 26 أغسطس/أب الماضي، أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" بأن "الهجمات المستمرة على قطاع غزة أصبحت جزءًا مرعبًا من الواقع اليومي للأطفال"، وذلك خلال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين.

** تزايد فقدان البصر

وفي تصريحات للأناضول، ذكر المدير الإقليمي للمناصرة والإعلام في اليونيسف للشرق الأوسط وشمال إفريقيا عمار عمار، أن القصف المستمر على غزة خلّف علاوة على القتل والإصابات، صدمات نفسية وعاطفية يصعب علاجها لدى نحو 1.1 مليون طفل، ما ألحق أضرارًا جسيمة بتطورهم النفسي.

وبحسب معطيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن عدد حالات فقدان البصر في القطاع بلغ نحو 1200 حالة منذ اندلاع الحرب، فيما يواجه أكثر من 5200 طفل خطر الموت ما لم يتم إجلاؤهم طبيا بصورة عاجلة لتلقي العلاج المنقذ للحياة خارج القطاع.

ويعاني القطاع الصحي في غزة انهيارا شبه كامل في قدراته التشخيصية والعلاجية، فمنذ بدء حرب الإبادة، قصف الجيش الإسرائيلي أو دمر أو أخرج عن الخدمة ما مجموعه 38 مستشفى، ما أدى إلى شلل شبه تام في المنظومة الصحية.

وبحسب بيانات فلسطينية وأممية، فإن استهداف المستشفيات ومرافق الصحة في غزة عرّض حياة آلاف المرضى والجرحى للخطر.

ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة أي مواد غذائية أو علاجات أو مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.

وتسمح إسرائيل أحيانا بدخول كميات محدودة جدا من المساعدات لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوعين ولا تنهي المجاعة، لا سيما مع تعرض معظم الشاحنات للسطو من عصابات تقول حكومة غزة إن إسرائيل تحميها.

وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت 64 ألفا و368 قتيلا، و162 ألفا و367 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 382 فلسطينيا، بينهم 135 طفلا.