أخبار اليوم - كشفت صور أقمار اصطناعية حديثة، نشرتها وكالات دولية، عن حجم الدمار غير المسبوق الذي لحق بمدينة غزة خلال الأسابيع الماضية، في ظل العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة.
وتظهر الصور تسوية أحياء كاملة بالأرض، لاسيما في مناطق الزيتون، والتفاح، والشجاعية، والشيخ رضوان، وهي من أكثر المناطق السكنية كثافة في المدينة.
وبحسب تقديرات ميدانية، فإن نحو 20 برجا سكنيا شاهقا قد هُدم بالكامل خلال الأسبوعين الأخيرين، في إطار التصعيد العسكري الذي يهدف، بحسب الجيش الإسرائيلي، إلى الضغط على السكان المدنيين لدفعهم نحو إخلاء المدينة.
هذه الأبراج كانت تؤوي مئات العائلات، والتي بات معظمها في عداد النازحين داخل القطاع المحاصر.
تزامنا مع ذلك، تشهد غزة موجات نزوح واسعة. وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن قرابة نصف سكان المدينة، أي حوالي 500 ألف شخص من أصل مليون نسمة، قد غادروها منذ بدء المناورة البرية الإسرائيلية. من جانبها، أعلنت حركة حماس عن نزوح نحو 270 ألف شخص، عاد بعضهم لاحقا إلى مناطقهم رغم تعرضها للدمار أو التهديد بالقصف.
من الميدان، تتوالى الشهادات التي تعكس عمق المأساة الإنسانية. شادي سلامة الريس، أحد سكان "برج مشتهى" المؤلف من 15 طابقا والذي دُمّر بالكامل، قال في تصريح خاص: "لم تتوقف الانفجارات، ولم أستطع المخاطرة بأطفالي. نزلنا الدرج حفاة وغادرنا خلال دقائق، ثم سقط البرج في 6 ثوان فقط".
وأضاف أن مئات العائلات تحوّلت إلى لاجئين داخل غزة بين ليلة وضحاها.
أما طارق عبد العال، طالب في كلية الاقتصاد ويسكن حي الصبرة، فروى أن منزله دُمّر بعد 12 ساعة فقط من مغادرته. وقال: "لو بقينا هناك، لكنّا في عداد القتلى"، مشيرا إلى أن البيوت المجاورة دُمّرت قبله بساعات قليلة.
منظمة ACLED، المتخصصة في رصد النزاعات المسلحة، سجلت أكثر من 170 عملية هدم منذ مطلع أغسطس الماضي. وأشارت إلى أن وتيرة العمليات الحالية، سواء من حيث عدد الغارات أو مساحة التدمير، هي الأوسع نطاقا منذ بدء الحرب على غزة.
الجيش الإسرائيلي برر استهداف الأبراج السكنية بالقول إن حركة حماس تستخدمها لإخفاء أنفاق وبنى تحتية عسكرية تحت الأرض، مؤكداً أن هذه المنشآت تمثل "تهديدا مباشرا" لقواته التي تنفذ عمليات ميدانية داخل المدينة.
وفي ظل استمرار الغارات والعمليات البرية، يعيش سكان غزة في حالة من الذعر والخوف الدائمين، في وقت تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية يوماً بعد يوم.
كثيرون اضطروا للنزوح نحو جنوب القطاع، تاركين منازلهم وممتلكاتهم دون يقين بإمكانية العودة.