"طفل يركل الألم بماسورة صرف صحِّيّ": قصَّة راتب الَّذي بتر الاحتلال ساقه وحلمه كرة القدم

mainThumb
"طفل يركل الألم بماسورة صرف صحِّيّ": قصَّة راتب الَّذي بتر الاحتلال ساقه وحلمه كرة القدم

23-09-2025 09:32 AM

printIcon

أخبار اليوم - على أرضية مسفلته قرب خيمةٍ مؤقتة في دير البلح، يركل الطفل راتب اقليق (10 أعوام) كرة بلاستيكية مستخدماً ماسورة صرف صحي بدلاً من ساقه التي بُترت جراء قصف إسرائيلي. مشهدٌ مؤلم يختصر حجم المأساة: طفل يحاول استعادة ما تبقى من حياته الطبيعية في مكانٍ لم يعرف الاستقرار يوماً.

راتب نزح مع والدته وأشقائه الثلاثة من شمال قطاع غزة إلى دير البلح في بداية الحرب، وأقاموا إلى جانب جده في خيمة تفتقد لأبسط مقومات الحياة. لكن رحلة النزوح لم تحمه من القصف؛ ففي إحدى زياراتهم لمواصي خان يونس، استهدفتهم صواريخ الاحتلال، فاستشهدت والدته وشقيقه الأصغر، بينما أصيب هو بجراح خطيرة انتهت ببتر ساقه.

ماسورة بدل ساق

بعد ثلاثة أشهر على الإصابة، لجأ راتب إلى ماسورة صرف صحي ارتجلها كطرف صناعي بدائي يساعده على اللعب مع أقرانه. يقول بصوت طفولي مكسور لصحيفة "فلسطين": "بدي ألعب مع الأولاد، ما لقيت غير هذا الحل"، رغم أنها تتسبب له بجروح ونزيف متكرر. حلمه البسيط هو لعب كرة القدم، لكن الحصار يحرم جسده الصغير من طرف صناعي حقيقي.

جده إبراهيم يروي لـ"فلسطين": "وجدناه في المستشفى بعد القصف، الأطباء قالوا لا خيار سوى البتر بسبب نقص الإمكانيات. لم نستطع إنقاذ رجله… اليوم كل ما يتمناه أن يلعب مثل باقي الأطفال."

الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 18 عاماً يمنع إدخال مواد ومستلزمات الأطراف الصناعية بحجة "الاستخدام المزدوج". الدكتور محمد الخالدي، المختص في صناعة الأطراف، يؤكد: "واجهنا حالات مأساوية، منها أم ورضيعة فقدتا أطرافهما معاً. أكثر من 2000 طفل مبتور في هذه الحرب، بينما توقفت عمليات التركيب تقريباً بسبب شح المواد."

حقٌ منتهك.. وأرقام صادمة

بحسب وزارة الصحة في غزة ومنظمة الصحة العالمية، تم تسجيل أكثر من 6500 حالة بتر للأطراف منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى أغسطس/ آب 2024، مقارنة بـ2000 حالة فقط قبل الحرب. الأطفال يشكّلون نسبة كبيرة من هؤلاء، إذ تؤكد تقارير الأمم المتحدة أن 40% من ضحايا الحرب في غزة هم أطفال.

القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف، يحظر العقاب الجماعي ويُلزم قوة الاحتلال بضمان وصول الرعاية الطبية للمدنيين. كما أن المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة تعتبر العقوبات الجماعية جريمة، فيما تصف المادة 49 التهجير القسري بأنه جريمة حرب. منظمات حقوقية دولية، بينها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، اتهمت إسرائيل باستخدام الحصار كسلاح حرب، وحرمان المدنيين من العلاج باعتباره انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.

وسط هذه الأرقام والقوانين، يظل المشهد الأبسط هو الأكثر إيلاماً: طفل بعكاز بدائي يحاول أن يركض وراء كرة. راتب ليس رقماً في إحصاءات البتر، بل وجهٌ لطفولة سُلبت منها أبسط الحقوق؛ اللعب، الضحك، والحلم بالمستقبل.






فلسطين أون لاين