الإجابة التي تثبت ازدواجية العالم

mainThumb

24-09-2025 08:22 AM

printIcon

سؤال بسيط طرحه جلالة الملك خلال خطابه في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك، حول الدعوات الاستفزازية للحكومة الصهيونية المتطرفة، ومناداتها بما يسمى "إسرائيل الكبرى"، حين تساءل جلالته: "هل كان العالم سيستجيب بمثل هذه اللامبالاة لو أن زعيما عربيا أطلق دعوة مشابهة؟".


اللامبالاة التي قصدها الملك، هي جملة من سلوكيات المجتمع الدولي تجاه تجاوزات الكيان المارق، والتي أراد من خلالها زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة، وخلق واقع هش يستطيع من خلاله تغيير خرائط بلدان المنطقة، ليحقق خرافاته التلمودية العنصرية التي لا ترى في البشر الآخرين شركاء في الإنسانية، بل مجرد أغيار أو "غوييم" كما تصفهم سردياته العنصرية، والتي ترى أنه من المقبول قتلهم وإفناؤهم.
من جرائم الحرب الوحشية والتطهير العرقي في غزة، إلى الجرائم في الضفة الغربية المحتلة والقدس ومصادرة الأراضي، مرورا بالتعدي على سيادة لبنان وسورية واحتلال الأراضي فيهما، والاعتداءات على إيران واليمن وقطر، ونشر خرائط هجينة لحدود جديدة لدول المنطقة، يتصرف الكيان الصهيوني كما لو أنه يمتلك تفويضا كاملا لأن يفعل أي شيء يريده في هذا العالم، والذي يبدو كما لو أنه مغلوب على أمره، ويقف عاجزا عن رد "القدر" الصهيوني الذي لا بد أن يصيبه في النهاية.
لا أستطيع التصور أن المجتمع الدولي يجرؤ على تقديم إجابة عن سؤال الملك، فمهما كانت الإجابة، فهي بالتأكيد سوف تنال من مصداقيته وحياديته، وسوف تؤكد أن هناك سلوكا غير سويّ، ومحاباة تقتل العدالة والمساواة على كوكبنا، وأن "الطفل المدلل- إسرائيل" يحظى بمعاملة فوق بشرية تتيح له ارتكاب أي نوع من الموبقات من دون أن يواجه بأيّ مساءلة.
منذ سنوات، يستغل الملك المنابر والاجتماعات الدولية ليذكر بالصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا دائما أن تجاهله سوف يفضي إلى صراعات ونزاعات أوسع، وأن ذلك سوف يؤدي في النهاية إلى تهديد السلم والاستقرار في العالم بأجمعه. لكن تلك التحذيرات لم يلتفت العالم إليها، وظل يمارس ازدواجية خطيرة تجاه حقوق الشعب الفلسطيني الذي تعرض لأبشع الجرائم، من دون أن يحظى بأيّ تعاطف دولي.
اليوم، وبعد أن كشف الكيان الصهيوني عن وجهه الحقيقي، وعن عنصريته الفاشية بممارساته الوحشية في المنطقة العربية برمتها، يبدو واضحا اختلال ميزان الأمن والاستقرار الذي يهدد المنطقة والعالم، وتبدو مقولات الملك بمثابة نبوءات على وشك التحقق، وهو الذي حذر من مثل هذا الوضع الشاذ منذ سنوات طويلة، مؤكدا بأننا سوف نصل إلى لحظة الانفجار إن لم يسارع المجتمع الدولي إلى التدخل، وإقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والاعتراف بحقه في دولته المستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967.
إن الدولة الفلسطينية، وكما قال الملك، "ليست مكافأة للفلسطينيين بل هو حق لا جدال فيه"، وسلوك المجتمع الدولي هذا المسار، هو تصحيح للبوصلة التي انحرفت عن مسارها طويلا، وإنهاء للمحاباة واللاعدالة التي مارسها هذا المجتمع بحق شعب ناضل على مدار عقود طويلة وهو يتشبث بحقوقه في تقرير مصيره.
من الجيد أن ينتصر المجتمع الدولي أخيرا للحق الفلسطيني. ولكن سؤال جلالة الملك سوف يبقى معلقا وبدون إجابة، لأن أيّ إجابة سوف تكون مخجلة، ولا يريد أحد أن يسمعها.