لغز الشراكة الملكية .. ماذا يحدث بين مبابي وألونسو خلف الكواليس؟

mainThumb
لغز الشراكة الملكية.. ماذا يحدث بين مبابي وألونسو خلف الكواليس؟

27-09-2025 02:26 PM

printIcon

أخبار اليوم - في لحظة عابرة بعد مباراة ريال مدريد الافتتاحية في دوري أبطال أوروبا، جلس كيليان مبابي على أطراف القاعة، متواريًا عن الكاميرات، بينما كان تشابي ألونسو يُلقي خطابًا مثقلًا بعبارات الثناء.

ألونسو تحدّث عن "تأثير مبابي المذهل"، وعن أنهم "ما زالوا في البداية"، قبل أن يلتفت في النهاية ليدرك أن نجمه الفرنسي كان حاضرًا بين المقاعد. ابتسم، أنهى كلماته سريعًا، وغادر.

كانت تلك اللحظة الطريفة تختصر ديناميكية العلاقة الجديدة بين المدرب الإسباني الواعد ونجمه الأبرز. علاقة لا تقوم على الانبهار فقط، بل على الانضباط، التوازن، والثقة المتبادلة.

تلك العلاقة جعلت من مبابي، الذي كان يُنظر إليه قبل أشهر قليلة كمشكلة محتملة داخل "سانتياجو برنابيو"، لاعبًا لا غنى عنه، وقائدًا فنيًا لمشروع يريد إعادة ريال مدريد إلى عرشه الأوروبي والعالمي.

موسم أول صاخب بالأرقام.. فقير بالألقاب
حين وطأت أقدام مبابي العاصمة الإسبانية، حمل معه التوقعات الثقيلة. ورغم أنه لم يُخيّب الجماهير من حيث الأرقام، إذ أنهى موسمه الأول برصيد 42 هدفًا (منها 31 في الدوري الإسباني) محققًا الحذاء الذهبي الأوروبي، إلا أن الصورة العامة لم تكن وردية.

سجل مبابي في 7 مسابقات مختلفة، ليكتب رقمًا قياسيًا في تاريخه وتاريخ ريال مدريد، لكنه لم يقدّم ما يكفي على الصعيد الجماعي. لم يضغط، لم يركض إلا قليلًا، وتزاحم مع زملائه على نفس المساحات. بدا كأنه "آلة أهداف" تُسجّل فيما يقف خلفها عشرة لاعبين بلا دور.

النتيجة؟ موسم صفري. المركز الثاني في "الليجا"، إقصاء مبكر من دوري الأبطال، ولا كأس كبرى في الخزائن. دفع كارلو أنشيلوتي الثمن، وأصبح مبابي – رغم تألقه الفردي – في قلب نقاشات صحفية تساءلت: هل هو صفقة كارثية مقنّعة بالأرقام؟

كابوس كأس العالم للأندية
لم تتوقف الانتقادات عند هذا الحد. فحتى كأس العالم للأندية، التي عادة ما ينظر إليها الميرنجي كأرض مضمونة للهيمنة، تحولت إلى محطة إحباط.

عانى الفريق دفاعيًا وهجومياً، وخرج من نصف النهائي على يد باريس سان جيرمان بقيادة عثمان ديمبيلي، في مشهد بدا كأنه صفعة شخصية لمبابي أمام ناديه السابق.

ورغم تسجيله هدفًا استثنائيًا أمام بوروسيا دورتموند في ربع النهائي، فإن غيابه التام عن نصف النهائي ترك انطباعًا قاتمًا.

الأدهى أن اليافع جونزالو غارسيا، ابن الأكاديمية المغمور، خطف الأضواء بتألقه في دور المجموعات، مسجّلًا أهدافًا حاسمة. فجأة، بدا وكأن الفرنسي الأغلى في العالم ليس وحده الضامن لمكانه الأساسي.

ألونسو يدخل المشهد: النظام قبل النجم
حين تولى تشابي ألونسو تدريب ريال مدريد، بدا واضحًا منذ اليوم الأول أن فلسفته مختلفة.. لا استثناءات، ولا لاعبين فوق المنظومة.

مبابي بدأ جميع المباريات منذ صافرة البداية، لكنه أُجبر على الخضوع لتعليمات تكتيكية جديدة: لعب كمهاجم تقليدي أحيانًا، وكصانع ألعاب متأخر أحيانًا أخرى، بل وحتى كحلقة وصل في بناء اللعب.

أوضح ألونسو بعد مباراة إسبانيول: "اليوم طلبت منه دورًا مختلفًا تمامًا، كمهاجم ثانٍ وصانع لعب. كيليان يفهم كرة القدم بعمق. لم يكتفِ بالتسجيل، بل ساعدنا على التحكم في إيقاع المباراة."

بهذا المنهج، لم يعد مبابي مجرد هداف، بل قطعة شطرنج متحركة في لوحة ألونسو التكتيكية.

الأرقام لا تكذب
مع ذلك، ظل الفرنسي ماكينة أهداف. في 6 مباريات، سجل 7 أهداف وصنع أخرى. هز شباك ليفانتي بثنائية، وكررها أمام أوفييدو، وكان حاضرًا في كل مباراة تقريبًا بهدف أو تمريرة حاسمة.

الإحصائيات تعكس تطورًا ملحوظًا:

33% من تسديداته على المرمى، النسبة الأفضل في الدوري.

18 فرصة خلقها لزملائه، وهو رقم لم يعتده في مسيرته السابقة.

استعادة الكرة 10 مرات في الثلث الأخير، ما يضعه في قائمة أفضل اللاعبين ضغطًا.

لم يعد مبابي "أحادي البعد" كما وُصف سابقًا، بل بدأ يُظهر علامات المهاجم المتكامل الذي يضغط، يصنع، ويقود الفريق.

عقدة فينيسيوس.. هل من حل؟
لكن ليس كل شيء مثاليًا. فالتحدي الأكبر يبقى كيفية مزج مبابي مع فينيسيوس جونيور.. أنشيلوتي فشل في إيجاد صيغة ثنائية الموسم الماضي، واضطر إلى الاعتماد على خطة 4-4-2 مرتجلة. أما ألونسو، فما زال يبحث عن الخلطة.

في المباريات القليلة التي لعباها سويًا، ظهرت نفس المشكلات: مبابي ينجذب إلى الجهة اليسرى، فينيسيوس يرفض التنازل عن المساحة، فيتكدس الهجوم.

القلق يتزايد، وبعض الأصوات لا تزال تُلمّح إلى أن أحدهما قد يكون مضطرًا للرحيل إذا استمر التعارض.

طموحان لم يكتملان
بالنسبة لمبابي، تبقى هناك محطتان لا يمكن تجاهلهما:

الفوز بدوري أبطال أوروبا: الكأس التي استعصت عليه رغم كل ما حققه.

الكرة الذهبية: الحلم الشخصي الذي بدا في لحظة ما أنه سينزلق من بين يديه إلى الأبد.

لقد فاز بكأس العالم صغيرًا، وحطم أرقام باريس سان جيرمان، وتصدر هدافي أوروبا. لكن غياب دوري الأبطال ظل ثغرة، وغياب الكرة الذهبية ظل وصمة في مسيرته.

هذا العام، خطفها عثمان ديمبيلي بعد ثلاثية باريس التاريخية. العام المقبل، قد يكون لامين يامال منافسًا شرسًا. لكن مع الانطلاقة الحالية، ومع شراكة بدأت تنضج مع ألونسو، قد يكون موسم 2025/26 هو بداية الحملة الجدية لمبابي من أجل العرش الفردي الأكبر.

في النهاية.. مبابي لم يتغير وحده. ريال مدريد أيضًا تغيّر. لم يعد الفريق يُبنى حول لاعب واحد يفرض شخصيته، بل حول منظومة يُعاد تشكيلها تحت قيادة مدرب صاعد يؤمن بالانضباط والتوازن.

اليوم، يظهر الفرنسي ليس فقط كمهاجم خارق، بل كمشروع قائد لمنظومة كاملة. إذا استمر هذا المنحى، فإن مدريد لن يكتفي بالعودة إلى الألقاب، بل ربما يُطلق العنان لموجة جديدة من الهيمنة.

ومعها، قد يجد مبابي نفسه أخيرًا على طريق مفتوح نحو الحلم الأكبر: رفع الكأس ذات الأذنين، والكرة الذهبية تلمع بين يديه.

إعلان