أخبار اليوم - أعاد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الأمل مجددًا في عودة حركة الملاحة عبر البحر الأحمر وقناة السويس إلى طبيعتها، بعد عامين من الاضطرابات التي كبدت التجارة العالمية خسائر ضخمة، وأجبرت شركات الشحن على تغيير مساراتها بعيدًا عن الممر المصري الحيوي.
ويرى مسؤولون ومحللون، أن نجاح المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، والتي وافقت عليها إسرائيل وحركة حماس مؤخرًا، قد يفتح الباب أمام تهدئة أوسع في البحر الأحمر، ما من شأنه وقف هجمات الحوثيين على السفن التجارية، واستعادة خطوط الملاحة نشاطها تدريجيًا عبر قناة السويس.
ورجح المحللون أن تبدأ معدلات العبور عبر القناة بالارتفاع التدريجي لتعود إلى مستوياتها الطبيعية بحلول مطلع العام المقبل، في حال استمر وقف إطلاق النار وصمد الاتفاق.
وترتبط التوقعات بتحسن الأوضاع الملاحية ارتباطًا وثيقًا بتطورات الأمن الإقليمي، إذ يراهن المستثمرون على أن مرور السفن عبر البحر الأحمر مجددًا سيخفف الضغط على طاقة الشحن العالمية، ويكبح ارتفاع الأسعار الذي ساد خلال العامين الماضيين.
وتراجعت عائدات قناة السويس بشكل حاد جراء تلك الأزمة، إذ أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخرًا أن إيرادات القناة انخفضت بنسبة تتراوح بين 50 و60% خلال عام 2024، بما يعادل خسائر قدرها 7 مليارات دولار، نتيجة اضطراب الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
عودة تدريجية.. بشرط
وقال نائب رئيس هيئة قناة السويس السابق، وائل قدور، إن "انعكاسات وقف الحرب في غزة على القناة ستتوقف على مدى التزام الأطراف بالاتفاق، لأن أي تجدد للأعمال العسكرية سيؤخر عودة السفن إلى المسار الطبيعي".
وأوضح قدور أن "عودة الملاحة عبر السويس لن تتم بين ليلة وضحاها، لأن شركات الشحن أعادت ترتيب خطوطها خلال العامين الماضيين وعدلت سلاسل الإمداد وطرقها البحرية، وبالتالي ستحتاج إلى بعض الوقت لإعادة تنظيم مساراتها".
وأضاف أن "استمرار الهدوء وغياب الاعتداءات على السفن في البحر الأحمر سيؤدي إلى تحسن كبير في حركة العبور، ومن المتوقع أن تعود المعدلات الطبيعية تدريجيًا حتى مطلع عام 2026 والذي قد يشهد العودة الكاملة للخطوط الملاحية التي كانت تمر من القناة".
وفيما يتعلق بدور هيئة قناة السويس في استعادة الخطوط الملاحية التي غيرت مسارها، قال قدور، إن "الهيئة تتحرك كرد فعل عندما تتراجع الإيرادات، فمثلًا، إذا انخفض الدخل من 10 مليارات و200 مليون دولار إلى 4 مليارات، تبدأ الهيئة في تقديم تخفيضات تصل إلى 15% لسفن الحاويات الكبيرة في محاولة لجذبها مرة أخرى، لكن ذلك لا يكون كافيًا في ظل ارتفاع تكاليف التأمين على السفن في منطقة يعتبرونها غير آمنة".
كانت هيئة قناة السويس، مدت العمل بالتخفيض المقرر بنسبة 15% على رسوم عبور سفن الحاويات ذات الحمولة الصافية البالغة 130 ألف طن فأكثر، سواء كانت محملة أو فارغة، وذلك حتى نهاية عام 2025.
مردود إيجابي محتمل
من جانبه، قال عميد كلية النقل البحري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور محي السايح، إن "وقف إطلاق النار في غزة سيكون له مردود اقتصادي كبير على التجارة الدولية وعلى قناة السويس تحديدًا، لكن حجم هذا الأثر الإيجابي سيظل مرتبطًا بتطورات الأوضاع الإقليمية، خصوصًا في البحر الأحمر ومضيق باب المندب".
وأوضح السايح أن "التحسن في حركة السفن سيظهر تدريجيًا خلال أسابيع حال استقرار الأوضاع في المنطقة وليس غزة فقط، إذ تعيد شركات الملاحة جدولة خطوطها وموانئها بعد توقف الحرب".
ويُتوقع أن ينعكس هذا التحول إيجابًا على حركة التجارة الدولية، بالنظر لكون القناة تمثل نحو 12 % من إجمالي التجارة العالمية، وتشكل مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة في الاقتصاد المصري.
وأكد السايح أن "إنهاء حرب غزة سيسهم في تحسين حركة التجارة البحرية، لكن لا يمكن الجزم بعودة الأوضاع إلى طبيعتها في قناة السويس ما لم يتضح موقف المواجهة بين إسرائيل والحوثيين، فإذا أدى وقف الحرب إلى تهدئة هذه الجبهة أيضًا، فسيكون لذلك أثر إيجابي كبير على حركة الملاحة في البحرين الأحمر والمتوسط، وبالتالي على قناة السويس".
ولفت عميد كلية النقل البحري إلى أن التأثير الإيجابي على قناة السويس سيكون واضحًا على المدى القصير، خصوصًا في حركة السفن من الشمال إلى الجنوب، في حين ستظل "قوافل الجنوب"، أي السفن القادمة من البحر الأحمر، مرهونة بمدى استقرار الموقف العسكري في اليمن والمنطقة المحيطة بباب المندب.