أخبار اليوم - عواد الفالح - تُعدّ السياحة العلاجية في الأردن من أبرز القطاعات التي شكّلت على مدى العقود الماضية أحد أعمدة الاقتصاد الوطني ومصادر السمعة الطبية المرموقة للمملكة، غير أن هذا القطاع شهد خلال السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في أدائه، ما يستدعي إطلاق خطة وطنية شاملة لإعادته إلى مسار النهوض والتنافس الإقليمي.
فالأردن الذي عرف بريادته الطبية على مستوى المنطقة، بفضل كفاءة كوادره وتنوع تخصصاته، يمتلك اليوم كافة التخصصات الطبية تقريبًا، من الجراحة الدقيقة إلى الأورام وطب القلب والأعصاب والعظام والتجميل، ويُشهد لأطبائه بالكفاءة العالية إقليميًا وعالميًا. ومع ذلك، ما تزال بعض المعيقات البنيوية تحول دون استعادة موقع الريادة، أبرزها ارتفاع التكاليف التشغيلية للمؤسسات العلاجية، وتعقيد بعض التشريعات الناظمة التي لم تُواكب التحولات الحديثة في سوق الخدمات الطبية والسياحية.
ويشير مختصون إلى أن جزءًا من التراجع يعود إلى غياب التكامل المؤسسي بين القطاعين الصحي والسياحي، إذ لم تتحول السياحة العلاجية إلى مشروع وطني يُدار برؤية استثمارية وتسويقية متكاملة، بل بقيت الجهود متفرقة ومحدودة التأثير. كما أن ضعف التنسيق بين الوزارات المعنية، وتأخر تحديث أنظمة تسهيل دخول المرضى ومرافقيهم، أضعف القدرة التنافسية للأردن أمام دول مثل تركيا ومصر والهند التي طوّرت حزمًا علاجية وسياحية متكاملة.
وفي ظل هذه التحديات، يتطلع خبراء ومختصون بتفاؤل إلى الوزير الدكتور إبراهيم البدور لإحداث نقلة نوعية تعيد السياحة العلاجية الأردنية إلى موقعها الريادي، من خلال إعادة تنظيم القطاع وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإطلاق برامج تأهيل واستثمار تستثمر في نقاط القوة الطبية والبشرية للأردن.
وتبقى المقومات الأساسية للسياحة العلاجية الأردنية راسخة، فالكفاءات الطبية الأردنية تحظى باحترام عربي ودولي واسع، والبنية التحتية الحديثة للمستشفيات والمراكز الخاصة تؤهل المملكة لاستعادة الصدارة، شريطة وضع رؤية وطنية موحدة تُعيد رسم الخريطة الصحية والسياحية على أسس حديثة ومستدامة.
ويرى مراقبون أن تنفيذ خطة وطنية متكاملة يدمج بين التشريعات الجاذبة، والتسهيلات الاستثمارية، وتطوير الخدمات العلاجية والبيئية في المواقع السياحية العلاجية، يمثل الطريق الأقصر لإعادة الأردن إلى قمة المشهد الطبي والسياحي في المنطقة، واستعادة ثقة المرضى العرب والأجانب بالمملكة كوجهة علاجية أولى في الشرق الأوسط.