أخبار اليوم - حقق برشلونة فوزًا صعبًا على جيرونا في المباراة التي جمعتهما مساء السبت في الدوري الإسباني، ليحصد 3 نقاط ثمينة كانت كفيلة بإبقاء الفريق في سباق الصدارة، مع ريال مدريد.
لكن رغم النتيجة الإيجابية، فإن الأداء المقدم على أرض الملعب كشف عن العديد من علامات الاستفهام التي تحيط بمشروع المدرب الألماني هانز فليك، الذي لا يزال يبحث عن التوازن المفقود بين الجمال والفاعلية.
فوز يصنع الفارق رغم السوء
في كرة القدم، هناك نوع من الانتصارات لا يُقاس بجمال الأداء أو غزارة الأهداف، بل بقيمته النفسية وتأثيره على مسار الموسم، وفوز برشلونة على جيرونا ينتمي إلى هذا النوع تحديدًا.
الفريق الكتالوني كان بعيدًا تمامًا عن مستواه، وبدا عاجزًا في فترات طويلة عن فرض إيقاعه المعتاد أو حتى السيطرة الكاملة على مجريات اللعب، ومع ذلك، نجح في انتزاع الفوز في اللحظات الحاسمة، وهو ما يميز الفرق التي تمتلك عقلية البطل حتى في أسوأ حالاتها.
الفوز في مثل هذه الظروف لا يمنح فقط 3 نقاط، بل يزرع شعورًا بالثقة داخل المجموعة، ويعيد الإيمان بالمشروع في وقت تكثر فيه الشكوك، وبرشلونة بحاجة ماسة لمثل هذه الانتصارات، في ظل الضغوط الهائلة التي تحيط بفليك بعد خساراتين متتاليتين (باريس سان جيرمان في دوري الأبطال، وإشبيلية في الليجا).
فليك بين الاندفاع والمخاطرة
لم يكن أداء برشلونة مقنعًا من الناحية التكتيكية، وأدار فليك المباراة باندفاع واضح، ورغم أنه أراد مباغتة جيرونا بالضغط العالي واللعب بسرعة في التحولات، إلا أن خطته فتحت مساحات هائلة في الخط الخلفي.
الأمر الأكثر إثارة للجدل كان قراره بإشراك لامين يامال منذ البداية، ثم إخراجه مبكرًا في الشوط الثاني، بينما كانت النتيجة لا تزال متعادلة، هذا القرار أثار الكثير من التساؤلات، خصوصًا أن اللاعب الشاب كان يمثل أحد مفاتيح الحل في مواجهة دفاع جيرونا المنظم.
ربما كان من الأفضل أن يحتفظ فليك بورقة يامال إلى الدقائق الأخيرة، ليستفيد من سرعته وقدرته على كسر التوازن عندما يكون الخصم منهكًا.
ولكن بدلاً من ذلك، أضاع المدرب واحدة من أوراقه الهجومية المهمة مبكرًا، وهو خطأ تكرر في أكثر من مباراة هذا الموسم، ما يوحي بأن إدارة فليك للدقائق الحاسمة ما زالت بحاجة إلى مراجعة.
أزمة دفاعية لا تنتهي
أكبر مشكلات برشلونة في الوقت الراهن تكمن في المنظومة الدفاعية، الفريق يستقبل فرصًا محققة في كل مباراة تقريبًا، حتى أمام المنافسين المتواضعين.
السبب الرئيسي في ذلك هو إصرار فليك على الدفاع المتقدم دون وجود التغطية الكافية في العمق، ما يجعل الفريق مكشوفًا أمام أي كرة طولية أو تمريرة بينية سريعة.
وتمكن جيرونا، رغم أنه لم يملك الاستحواذ، من اختراق دفاع برشلونة أكثر من مرة وخلق 3 فرص محققة للتسجيل على الأقل.
وتعكس هذه الأرقام خللًا هيكليًا في التنظيم الدفاعي وليس مجرد سوء توفيق، كما بدى جليًا أن هناك أزمة أخرى تضاعف مشكلات الدفاع، تتمثل في فقدان الكرة في مناطق قريبة من خط الدفاع، هذا فضلا عن غياب الشراسة في الضغط من جانب لامين يامال وراشفورد وتوني فيرنانديز.
غياب الحسم الهجومي
في المقابل، يعاني برشلونة هجوميًا من غياب الحسم في الثلث الأخير، فغياب رافينيا وليفاندوفسكي ترك فراغًا واضحًا في الخط الأمامي، حيث افتقد الفريق للاعب قادر على إنهاء الهجمات بلمسة واحدة أو تسجيل الأهداف من أنصاف الفرص.
ولم ينجح تبادل المراكز بين راشفورد وفيرنانديز في إرباك دفاع جيرونا، بينما بدا الفريق عاجزًا عن استغلال الكرات العرضية أو الكرات الثابتة بالشكل الأمثل.
ويصنع برشلونة فرصًا كثيرة، لكنه لا يترجمها إلى أهداف، وهي مشكلة مزمنة في غياب الثنائي رافينيا وليفاندوفسكي، وما زاد من عمقها غياب فيران توريس أيضا، ومع اقتراب الكلاسيكو، سيحتاج فليك إلى إيجاد حلول لمعالجة غياب الفاعلية.
بيدري بين الإبداع والاستنزاف
الحديث عن برشلونة لا يكتمل دون التطرق إلى بيدري، اللاعب الذي يجسد عبقرية الفريق وضعفه في الوقت نفسه، فبيدري أحد أكثر لاعبي برشلونة تأثيرًا في صناعة اللعب، لكن مشاركته المستمرة دون راحة بدأت تثير القلق.
اللاعب الشاب يعاني من إجهاد واضح، وتاريخه مع الإصابات العضلية ليس مطمئنًا، وقد يؤدي الاعتماد عليه بهذا الشكل المفرط إلى انهيار بدني جديد، خصوصًا في ظل ضغط المباريات في الأسابيع المقبلة.
المدرب الألماني مطالب بإدارة دقائق بيدري بحكمة، لأن فقدانه في مرحلة حاسمة من الموسم سيكون ضربة قاسية لمشروعه الفني.
FC Barcelona v Girona FC - LaLiga EA SportsGetty Images
الكلاسيكو.. مواجهة خارج التوقعات
انتصار برشلونة أمام جيرونا يأتي قبل أيام قليلة من الكلاسيكو المنتظر أمام ريال مدريد، وهو اختبار حقيقي لمدى جاهزية الفريقين، لكن ما يجعل هذه المواجهة مثيرة أن كلا الفريقين في مرحلة تحول.
برشلونة فليك ليس بنفس الشراسة حاليًا التي هزم بها خصمه اللدود 4 مرات في الموسم الماضي، على الجانب الآخر، فإن ريال ألونسو – إن صح التعبير – ليس ريال أنشيلوتي.
الكلاسيكو هذه المرة سيكون خارج التوقعات، فمن يمتلك الثبات الذهني أكثر، ومن يستطيع توظيف لاعبيه بشكل أذكى، هو من سيحسم الصراع.