أخبار اليوم - لم يعد “زيت الزيتون” هذا الموسم رمزًا للفخر الوطني فقط، بل تحوّل إلى عبء اقتصادي أثار جدلًا واسعًا بين المزارعين والمستهلكين، بعدما وصلت أسعاره إلى مستويات غير مسبوقة، وسط اتهامات بالاحتكار والمبالغة في التسعير، ومخاوف من الغش التجاري في بعض الأصناف المعروضة في الأسواق.
ويرى مواطنون أن أسعار الزيت تجاوزت حدود المنطق، بعدما وصلت تنكة الزيت البلدي إلى ما بين 130 و140 دينارًا، مؤكدين أن الموسم تحوّل إلى مزاد بين التجار على حساب المواطن، في ظل غياب واضح للرقابة الحقيقية على الأسعار وجودة المنتج.
في المقابل، يؤكد المزارعون أن ارتفاع الأسعار له مبرراته، أهمها تراجع الإنتاج هذا العام بسبب ضعف الموسم المطري وارتفاع تكاليف الحراثة والعمالة والمعاصر، مشيرين إلى أن الشجرة التي كانت تعطي عشرة كيلوغرامات من الزيت أصبحت بالكاد تنتج لترًا واحدًا.
وتتباين الآراء حول الفروقات في الأسعار بحسب نوع الزيت ومصدره، إذ يرى البعض أن زيت الزيتون “البعل البلدي” هو الأعلى جودة والأغلى ثمنًا، يليه “النبالي المحسّن”، ثم “النبالي الحكومي”، وأخيرًا الزيت الناتج عن المشاريع المروية. ويقول الخبراء إن الفارق في الطعم واللون والرائحة يعود إلى خصائص التربة ونسبة الرطوبة ومواعيد القطاف والعصر، لكنهم يجمعون على أن جميع الأنواع أصلية طالما خلت من الغش أو الخلط بزيوت نباتية أخرى.
وفي ضوء هذا الجدل، أعلنت وزارة الزراعة نيتها دراسة فتح باب استيراد زيت الزيتون إذا استمرت الأسعار بالارتفاع، في خطوة تهدف إلى كسر الاحتكار وضبط السوق وحماية المستهلك من المبالغة في التسعير. ويؤكد مختصون أن الاستيراد – إن تمّ – يجب أن يتم بحذر وتحت رقابة مشددة، لضمان جودة الزيت المستورد وحماية المنتج المحلي في الوقت نفسه.
ويحذر المواطنون من أن غياب الرقابة قد يفتح الباب أمام الغش في الزيت أو خلطه بمنتجات أقل جودة، فيما يطالب آخرون بتفعيل دور مؤسستي الغذاء والدواء والمواصفات والمقاييس لإجراء فحوصات دورية مفاجئة في الأسواق والمعاصر.
ويجمع مراقبون على أن “قصة الزيت” هذا الموسم كشفت ثغرات السوق الزراعي المحلي، حيث لا آلية تسعير واضحة ولا رقابة حازمة، وأن الزيت الذي كان يومًا عنوانًا للبركة، أصبح مرآةً للفوضى بين المزارع والتاجر والمستهلك، في انتظار تدخل حكومي يوازن بين حق المنتج وكرامة المستهلك.