بقلم: نور الدين نديم
ما كتبه فالح حسون الدراجي بعد نهائي كأس العرب ليس “رأيًا”، وليس “تحليلًا”، وليس حتى “شماتة رياضية”.
إنه نص كراهية صريح، متخم بالتحقير، مفلس فكريًا، ومنحدر أخلاقيًا، لا يسيء للأردن بقدر ما يفضح كاتبه ويجرّده من أي صفة مهنية أو اعتبار ثقافي.
حين يعجز الكاتب عن مناقشة مباراة، يلجأ إلى الجغرافيا.
وحين يفشل في نقد أداء، يشتم التاريخ.
وحين تنفد الحجة، يستدعي "الله" -وحاشا لله- ليبرر حقده، وكأن الفقر والغنى شهادة محبة أو كراهية إلهية، في قراءة بدائية لا تليق حتى بمقال في منشور كراهية، فكيف بافتتاحية صحيفة.
الدراجي لم ينتقد منتخبًا؛
هو أعلن خصومة مع بلد كامل، ووزّع الشتائم على شعب بأكمله، وحرّض، وعمّم، وكذّب، وتشفّى، ثم حاول أن يمرّر كل ذلك باسم “العراقيين”، وهو ادّعاء كاذب ومهين قبل أن يكون عدائيًا.
فالعراقيون – بتاريخهم وثقافتهم ودمهم – أكبر من أن يُختصروا في مقال مريض، وأشرف من أن يكونوا وقودًا لحقد شخصي مؤجل.
أما الأردن الذي حاول المقال تصويره كبلد متسول وعديم القيمة، فهو بلد:
صمد حين انهارت دول،
وحافظ على دولته حين تفككت جيوش،
وبنى استقراره دون نفط، ودون غاز، ودون خطابات كراهية.
والمنتخب الأردني الذي يصفه الكاتب بـ”الفاقد للقيم”، هو منتخب وصل للنهائي بشرف المنافسة، بينما اختار هو أن يخسر أخلاق الكلمة من أول سطر.
الأخطر في مقال الدراجي ليس إساءته للأردن، بل محاولته شرعنة الكراهية: كراهية ملبّسة بالرياضة، مغلفة بالصحافة، ومدعومة بتعميمات رخيصة عن الشعوب واللاجئين والجيران.
وهنا يجب أن يُقال بوضوح: من يفرح بخسارة فريق، حقه. ومن يشمت، شأنه. أما من يحرض، ويهين، ويشيطن شعبًا كاملًا، ويتحدث باسم الله، ويستدعي عقده الشخصية ليصفي حساباته، فهذا لا يكتب مقالًا… بل يكتب إدانة بحق نفسه.
الأردن خسر مباراة. لكن فالح حسون الدراجي خسر أهليته للكلمة.
والفرق كبير بين من يخرج من بطولة، ومن يخرج من الأخلاق.