عبدالهادي راجي المجالي
خلال فترة قياسية قام جهاز الأمن العام بإلقاء القبض على مطلق النار في الدوار الرابع ، بالطبع سيلقى عقابا رادعا ...سؤالي المحدد لوزير الداخلية هو مادام أن الأمن العام ذراع الدولة الصلب ، ينفذ القانون بحذافيره ويحمي المواطن ...ويلقي القبض على مطلق نار ، ماذا عن مطلق أو مطلقة شتائم وبذاءة على وسائل التواصل ...
بصراحة كلما فتحت صفحتي على الفيس بوك داهمتني مدونة أو مؤثرة لا أعرف ماذا أسميها ، لكنها تقدم محتوى يقوم على الإسفاف ، والمشكلة أنها تجاوزت الحالة المحلية إلى العربية ، ماذا تختلف هذه المؤثرة عن مطلق النار ؟ على الأقل مطلق النار كان يسدد في زاوية جغرافية واحدة ..في مكان محصور ، في ثوان معدودة ..لكنه هذه تسدد الشتائم على مستوى وطن كامل ...أولادنا ، طلبة المدارس ، طلبة الجامعات ..صاروا يوميا يشاهدونها .
هنالك شيء إسمه صورة الدولة ، وهناك شيء اسمه أخلاق الشعب ...بعد أن قامت مصر بالثورة واستلم الجيش زمام السلطة ، انتبهوا لما يسمى بالسوشيال ميديا ، قامت الدولة هناك بتشذيب هذه الوسائل ، بحيث وظفتها في إطار المعرفة وترويج مصر سياحيا ، وتصدير إرثها ...من الصعب الان أن تجد مدونا أو مؤثرا مصريا يمارس الإسفاف ، أو تجد سيدة مصرية ، تتجاوز الأخلاق ...لأن مصر ركزت على شيء اسمه صورة الدولة وأخلاق الشعب .
أنا أعرف أن الدول لا تصنع أو تنتج الأخلاق ، ولكن وظيفتها حماية الذوق العام ..وعدم خدش الأخلاق ، في النهاية العالم العربي سيتعامل مع هذه المؤثرة أو المدونة باعتبارها مواطنة أردنية ، سيتعامل مع هذا الإبتذال باعتباره منتجا أردنيا ..وبالتالي سيتحول هذا الإبتذال إلى وحدة قياس ، بحيث ستخرج نساء كثر من شاكلة هذه السيدة وسيقمن بممارسة الإسفاف والشتم على وسائل السوشيال ميديا ..والعالم العربي سيتعاطى مع الأمر في ذات الإطار ، باعتبارها منتجات أردنية مبتذلة .
وهنا نسأل مثلما أعطى القانون الحق للحاكم الإداري بتوقيف مطلق النار ومعاقبته ..أليس من واجب الدولة أن تعطي الحاكم الإداري الحق بحماية الأخلاق ، بحماية صورة الدولة على الأقل ...
معالي وزير الداخلية الأكرم :
في الأردن أهم منتج صدرناه للعالم العربي ، هو الأخلاق ..التعليم ، الجيوش ، البيروقراط ، البنى التحتية ، الطب ، الهندسة ..كل تلك الأشياء صدرناها لعالمنا العربي على قاعدة أخلاقية ، تؤكد أن الأردني متفان وعظيم وكبير ، ويؤمن بأهمية وقيمة العلم ...لولا أخلاق الأردني وحجم الكبرياء الذي يتحلى به ، هل كنا نجرؤ على بناء هذه القاعدة الطبية الصلبة ، لولا أخلاق الأردني والمروءة التي يملكها هل كنا نقوى على بناء هذه المدارس العسكرية ، والكليات الحربية المحترمة على مستوى العالم ...مادام أن الأخلاق أهم سلعة لدينا ، لماذا إذا صرنا نصمت عن تصدير الإسفاف للعالم العربي ، وتشوية صورة الشعب ، وأخلاق المجتمع ..
لو كانت هذه السيدة ظاهرة محلية محصورة ، لقلنا أن الزمن كفيل بطي الصفحة ..لكنها تتمدد ، وتنتج حالات مشابهة ، والبعض صار يقلدها ..والبعض الاخر صار يعتبر الإسفاف حالة إعلامية تندرج تحت إطار التأثير .
أنا لا أؤمن بالأجهزة الرقابية التابعة لإعلام الحكومة ، لأنها متسامحة جدا وخجولة جدا ..أنا أؤمن بصلاحيات الحاكم الإداري ، الأقرب للمجتمع والملم بمشاكله ..والذي يعرف الحدود جيدا ، ويعرف معنى الإصلاح ...
معالي الوزير
أوقفوا إسفاف هذه السيدة ، سمعتنا في الخارج صارت ..محل شك .