أخبار اليوم - تتواصل جرائم الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة ضد الأسرى والمعتقلين في السجون والمعسكرات "الإسرائيلية"، التي تحولت إلى ساحات للتعذيب المستمر والمنهجي، عبر بنية متكاملة ومعقدة تهدف إلى تدمير الأسير نفسيًا وجسديًا، وممارسة الإعدام البطيء، وترتقي هذه الممارسات بكثافتها ونطاقها الواسع إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بكونها جزءًا لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية.
ووفقًا لما رصدته مؤسسات الأسرى خلال عام 2025، أكدت مئات الشهادات والإفادات الموثقة، إلى جانب القرائن المادية، والتصريحات العلنية المتطرفة الصادرة عن مسؤولي الاحتلال، وعلى رأسهم "إيتمار بن غفير"، أن هناك نهجًا لتنفيذ جريمة الإبادة بحق الأسرى في السجون والمعسكرات "الإسرائيلية".
ويشكل عدد الأسرى الذين قتلتهم "إسرائيل" منذ بداية جريمة الإبادة الجماعية، مؤشراً واضحاً على هذه السياسة، إذ تجاوز عدد الشهداء الأسرى والمعتقلين المعترف بهم من قبل الاحتلال المئة أسير، سواء الذين استشهدوا داخل السجون أو بعد نقلهم إلى المستشفيات.
وقد تم الإعلان عن هويات (86) منهم، بينهم (32) خلال عام 2025، بينما لا يزال العشرات من معتقلي غزة رهن الإختفاء القسري، ويواصل الاحتلال احتجاز جثامين (94) أسيرًا، منهم (83) بعد الإبادة.
وأشارت مؤسسات الأسرى ومنظمات حقوقية إلى أن تجاوز عدد الشهداء المئة أسير بعد أكثر من عامين على جريمة الإبادة الجماعية يشكل انعكاسًا غير مسبوق تاريخيًا لحالة التوحش ومستوى العنف، وعمليات الإعدام الممنهجة بحق الأسرى، وهو ما يعادل عدد الأسرى الذين استشهدوا في السجون والمعسكرات "الإسرائيلية" على مدار 24 عاماً امتدت منذ عام 1967 -1991، بحسب التوثيق المتوفر لدى المؤسسات الفلسطينية.
وأوضحت مؤسسات الأسرى أنَّ هذه الحقائق الصادمة تؤكد أن ما يجري بحق الأسرى إبادة ممنهجة، تتخذ من التعذيب، التجويع، الحرمان من العلاج، فرض ظروف تهدد الحياة وتؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة، إضافة إلى العنف الجنسي، العزل الجماعي، وحرمان الأسرى من كافة مقومات الحياة الإنسانية أدوات تنفيذية جريمة الإبادة في السجون.
وأكدت أن مستوى الإجرام والتوحش الذي وثقته على مدار عامين تجاوز كل الحدود القانونية، وانتهكت كافة القوانين والأعراف الدولية والاتفاقيات، في ظل حالة عجز غير مسبوقة أظهرتها المنظومة الدولية، وتحديدًا في ظل حالة "الاستثناء" التي منحتها قوى دولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، "لإسرائيل" لتبقى فوق المساءلة والمحاسبة، رغم المخاطر الجسيمة التي خلفتها جريمة الإبادة على البشرية جمعاء، وعلى النظام الدولي، بما في ذلك النظام الحقوقي الدولي الذي ناضلت من أجله الأمم والشعوب لعقود.
21 ألف حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ الإبادة
واصلت سلطات الاحتلال حملات الاعتقال الممنهجة في الجغرافيات الفلسطينية كافة، والتي تُشكّل إحدى أبرز السياسات التاريخية الثابتة والمستمرة، وقد تصاعدت بشكل غير مسبوق مع بدء جريمة الإبادة الجماعية وما رافقها من عدوان شامل.
وقد وثّقت المؤسسات المختصة في الضفة، بما فيها القدس، نحو 21 ألف حالة اعتقال، شملت فئات المجتمع الفلسطيني كافة، من بينهم (1655) طفلًا، و(650) من النساء، مع الإشارة إلى أنّ هذا المعطى لا يشمل حالات الاعتقال من غزة، التي تُقدّر بالآلاف منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية، إلى جانب حملات الاعتقال في الأراضي المحتلة عام 1948، والتي تُقدّر بالمئات.
ومن بين الفئات التي استُهدفت بشكل كبير، الصحفيون، إذ بلغ عدد حالات الاعتقال والاحتجاز في صفوفهم بعد الإبادة (217) حالة، بحسب ما وثقته المؤسسات، من بينهم صحفيان رهن الإخفاء القسري، فضلًا عن عمليات الاغتيال التي طالت عددًا من الصحفيين. كما واستُهدفت الطواقم الطبية بشكل غير مسبوق وتحديداً في غزة، حيث بلغ عدد من تعرضوا للاعتقال أكثر من (360)، إلى جانب عمليات الاغتيال التي طالت العديد منهم في إطار جريمة الإبادة الجماعية.
وتُشكّل حالات الاعتقال التي سُجّلت خلال عامين وأكثر في الضفة مجموع حالات الاعتقال التي سُجّلت في الضفة على مدار السنوات الخمس التي سبقت جريمة الإبادة.
وشهد عام 2025 حملات اعتقال واسعة، إلى جانب عمليات التحقيق الميداني، التي طغت على المشهد، وتحولت إلى سياسة ثابتة وممنهجة لا تقل خطورة عن مستوى عمليات الاحتجاز والاعتقال.
وقد اعتمدت عليها قوات الاحتلال بشكل أكبر وأوسع منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية، وترسخت بشكل كبير، مستهدفة المخيمات والبلدات التي تتعرض لعمليات استيطان واسعة ومتصاعدة.
ووثّقت المؤسسات خلال عام 2025 أكثر من (7000) حالة اعتقال، من بينهم (600) طفل، و(200) من النساء، إلى جانب عمليات التحقيق الميداني التي طالت الآلاف. وقد تركزت حملات الاعتقال بحق الأسرى المحررين ومن تعرضوا للاعتقال سابقًا، إذ إن الجزء الأكبر ممن يعتقلهم الاحتلال كانوا قد تعرضوا للاعتقال مرات عديدة، ومنهم من أمضى عقودًا في الأسر.
وساهمت عمليات التوسع الاستيطاني في الضفة وتصاعد إجرام المستوطنين في توفير غطاء لتوسيع حملات الاعتقال في العديد من البلدات، من بينها مسافر يطا، وبلدات أخرى، منها بلدة المغير في رام الله. ولم تكتفِ سلطات الاحتلال باستخدام سياسة الاعتقال بحق الفلسطينيين، بل امتدت لتشمل المئات من المتضامنين الذين حاولوا كسر الحصار عن شعبنا في غزة.
وتشمل حصيلة حملات الاعتقال منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية كل من جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتُجزوا كرهائن.
ورصدت المؤسسات إجمالي الجرائم والانتهاكات التي رافقت عمليات الاعتقال والتحقيق الميداني، ومنها: عمليات التنكيل والاعتداء بالضرب المبرّح، وعمليات الإرهاب المنظّم بحق المعتقلين وعائلاتهم، وعمليات الإعدام الميداني الممنهجة، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين، ومصادرة المركبات والأموال ومصاغ الذهب، فضلًا عن عمليات التدمير الواسعة والمحو الاستعماري التي طالت البُنى التحتية، لا سيما في مخيمات طولكرم، وجنين ومخيمها، وهدم منازل تعود لعائلات أسرى، واستخدام أفراد من عائلاتهم كرهائن، إضافة إلى استخدام معتقلين دروعًا بشرية.
وفي غزة، تواصلت عمليات الاعتقال التي طالت المئات خلال عام 2025، والآلاف منذ جريمة الإبادة الجماعية، وشملت فئات المجتمع كافة، كما هو الحال في الجغرافيات الفلسطينية المختلفة.
الاعتقال الإداري
يبلغ إجمالي عدد المعتقلين الذين تحتجزهم "إسرائيل" دون «تهم» أو «محاكمات»، وتواصل اعتقالهم بشكل تعسفي، ما نسبته 49% من إجمالي أعداد الأسرى المحتجزين في السجون المركزية. فمن بين أكثر من 9300 أسير في السجون، تحتجز سلطات الاحتلال 3350 معتقلاً إداريًا، إضافة إلى1220 معتقلاً ممن تصنّفهم سلطات الاحتلال «مقاتلين غير شرعيين»، استنادًا إلى قانون «المقاتل غير الشرعي» المطبّق على معتقلي غزة، وهو قانون يشبه في جوهره الاعتقال الإداري.
ويعكس هذا المعطى الكيفية التي تستخدم فيها سلطات الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري على نطاق واسع، وكذلك استمرار اعتقال المئات من معتقلي غزة تعسفيًا وتصنيفهم «مقاتلين غير شرعيين».
وقد شكّلت سياسة الاعتقال الإداري إحدى أبرز التحوّلات الهائلة المرتبطة بالإبادة والعدوان الشامل على الضفة، بما فيها القدس. وبالقراءة التاريخية، يتبيّن أن مستويات أعداد المعتقلين الإداريين التي سُجّلت بعد الإبادة لم تُسجَّل تاريخيًا منذ بدء الاحتلال، وذلك وفقًا للمعطيات المتوفرة لدى المؤسسات الحقوقية المختصة، وكذلك على صعيد أعداد الأطفال الذين جرى اعتقالهم إدارياً، وكذلك النساء، حيث يبلغ عدد الأسيرات المعتقلات إدارياً (16)، بالإضافة إلى استمرار اعتقال عشرات الأطفال إدارياً.
كما لم يسبق أن استخدمت سلطات الاحتلال قانون «المقاتل غير الشرعي»، الذي أُقِرّ عام 2002، بهذا المستوى الواسع بحيث وصل عددهم قبل اتمام الصفقة (2700).
وإلى جانب ذلك، نشير إلى عمليات الاعتقال على خلفية ما يدّعيه الاحتلال «بالتحريض»، والتي شكّلت أداة إضافية لاعتقال المئات من المواطنين، وتحويل منصّات التواصل الاجتماعي إلى أداة قمع وسيطرة.
تصاعدٌ في عمليات الإجرام ضد الأسرى
لم تُبقِ منظومة السجون "الإسرائيلية" وسيلةً إلا واستنفدتها في تعذيب الأسرى وإخضاعهم، سعيًا إلى تفكيك إنسانيتهم وتدميرهم جسديًا ونفسيًا. وكما أُشير سابقًا، لم تعد السجون "الإسرائيلية" مجرد أماكن احتجاز، بل تحوّلت إلى ساحات مفتوحة للتعذيب، وإلى امتدادٍ مباشر لجريمة الإبادة، فقد بات من المتعذّر على المؤسسات المختصة حصر أعداد الأسرى المرضى، في ظل واقعٍ لا يكاد يخلو فيه أسير من معاناة صحية واحدة على الأقل، نتاجًا مباشرًا لسياسات ممنهجة فُرضت عليهم على مدار أكثر من عامين. ويعني ذلك أنّ آلاف الأسرى يعيشون أوضاعًا صحية متدهورة، دون أدنى مستويات الرعاية أو المتابعة الطبية.
وفي السياق ذاته، لم ينجُ أيّ أسير من دوائر العنف المتعددة، ولا من منظومة التعذيب المنظمة التي تبدأ منذ اللحظة الأولى للاعتقال، وتتواصل بأشكالٍ وأساليب متجددة داخل السجون. وعندما نتحدث عن التعذيب في هذا السياق، فإننا نتجاوز التعريفات القائمة التي أقرّها القانون الدولي، إذ تكشف شهادات الأسرى عن مستوى من الوحشية والتنكيل يجعل المفهوم القانوني القائم عاجزًا عن توصيف الواقع الفعلي لما يتعرض له الأسرى داخل السجون ا"لإسرائيلية".
وقد أسهمت هذه الممارسات مجتمعة في استشهاد العشرات، إلى جانب اعتماد سياسة التجويع الممنهج، وحرمان الأسرى من الغذاء الكافي والمتوازن، وارتكاب جرائم طبية جسيمة، تشمل الحرمان المتعمّد من العلاج، وفرض ظروف معيشية تؤدي إلى تفشّي الأمراض والأوبئة. كما شملت هذه السياسات العزل الجماعي والانفرادي، وتجريد الأسرى من أدنى مقومات الحياة الاعتقالية، ضمن منظومة شاملة من السلب والحرمان.
وتتجلّى هذه الانتهاكات أيضًا في حملات القمع المنظّمة التي تنفّذها وحدات خاصة تابعة لإدارة سجون الاحتلال، وفي مقدمتها وحدات "كيتر" و"المتسادا" و"النحشون"، فضلًا عن الاعتداءات الجسدية العنيفة، واستخدام الغاز والقنابل الصوتية، وأدوات الصعق الكهربائي، وسياسات الإذلال والتفتيش العاري، والاعتداءات الجنسية بما فيها الاغتصاب. كما جرى توظيف المرض أداةً إضافية للتعذيب، عبر الحرمان من العلاج، كما في حالة انتشار مرض الجرب (السكابيوس) الذي تحوّل إلى وسيلة تعذيب مركّبة ذات أبعاد جسدية ونفسية. ويضاف إلى ذلك الإرهاب النفسي الممنهج، وتحويل إجراءات "العدد" أو ما يُسمّى بالفحص الأمني إلى طقوس يومية للتنكيل والإذلال، فضلًا عن التهديد المستمر بالقتل والتصفية، وسياسة الإختفاء القسري التي طالت معتقلي غزة.
وتمتد هذه السياسات لتشمل حرمان الأسرى من أبسط احتياجاتهم الأساسية، من ملابس وأغطية وأدوات نظافة شخصية، مع التأكيد على أنّ هذه الممارسات تطال الأسيرات والأطفال على حدّ سواء. كما تصاعدت الاعتداءات بحقّ رموز وقيادات الحركة الأسيرة، الذين يُخضعون لعزلٍ مضاعف في محاولة منهجية لتصفيتهم وإعدامهم ببطء، بالتوازي مع حملات تحريض علنية على قتلهم.
ولا يكتفي الاحتلال بذلك، بل يواصل احتجاز جثامين الأسرى بعد استشهادهم، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، فيما يضطلع الجهاز القضائي بدورٍ تواطئي في ترسيخ هذه الجرائم، من خلال الادّعاء بفتح تحقيقات شكلية تفتقر إلى أي مضمون فعلي للمساءلة.
وقد أدّت هذه المنظومة الإجرامية المتكاملة إلى استشهاد ما يزيد على مئة أسير في سجون ومعسكرات الاحتلال منذ الإبادة، أُعلن عن هويات (86) منهم، بينهم (32) شهيدًا خلال عام 2025، ومن بينهم الطفل وليد خالد أحمد (17 عامًا)، في حين لا يزال العشرات من شهداء معتقلي غزة رهن الإخفاء القسري. كما كشفت عمليات تسليم جثامين المئات من شهداء غزة، في إطار اتفاق "وقف إطلاق النار"، أنّ العديد منهم كانوا مقيّدين ومعصوبي الأعين، بما يشير بوضوح إلى تعرّضهم للإعدام بعد الاعتقال أو الاحتجاز.
ويقدّم هذا العدد غير المسبوق من شهداء الأسرى والمعتقلين منذ الإبادة الصورة الأوضح لحجم الجرائم والانتهاكات الجسيمة واسعة النطاق، إذ يعادل عدد الشهداء الذين سُجّلوا خلال هذه الفترة ما سُجّل تاريخيًا بين عامي 1967 و1991، أي على امتداد أربعة وعشرين عامًا.
وفي مقابل ذلك، تواصل منظومة الاحتلال حرمان الأسرى كافة من زيارة ذويهم منذ الإبادة، كما تمنع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أداء دورها في زيارة الأسرى، في تصعيدٍ غير مسبوق لسياسة المنع من الزيارة التي استخدمها الاحتلال تاريخيًا كأداة انتقام وعقاب جماعي بحقّ عائلات الأسرى. وقد بلغت هذه السياسة ذروتها في حرمانٍ مطلق للعائلات من الزيارة، إلى جانب فرض قيود مشددة على زيارات الطواقم القانونية، شملت المماطلة والتسويف في تحديد المواعيد، وإعلان حالات طوارئ مفتعلة عند وصول المحامين إلى غرف الزيارة، وملاحقتهم وفرض قيود قانونية تحول دون تمكينهم من أداء واجبهم المهني. يضاف إلى ذلك ما يتعرض له الأسرى من اعتداءات وضرب وإذلال أثناء نقلهم للزيارة، وتقييدهم بأساليب مهينة، الأمر الذي دفع عددًا متزايدًا من الأسرى إلى الامتناع عن الخروج لزيارة المحامين.
وحتى كانون الأول/ديسمبر 2025، بلغ عدد الأسرى المحتجزين في السجون والخاضعين إداريًا لإدارة سجون الاحتلال أكثر من (9300) أسير، من بينهم (3350) معتقلًا إداريًا، و(49) أسيرة، ونحو (350) طفلًا، و(1220) ممّن صنّفتهم سلطات الاحتلال "مقاتلين غير شرعيين"، دون أن يشمل هذا الرقم أعداد المعتقلين المحتجزين في المعسكرات التابعة للجيش.
معتقلو غزة: شهادات صادمة ومفتوحة تعكس المرحلة الأكثر دموية
شكّلت روايات وشهادات معتقلي غزة تحوّلًا مفصليًا في مستوى العنف والإرهاب الذي تمارسه منظومة الاحتلال؛ إذ كشفت عن نمط غير مسبوق من جرائم التعذيب الممنهج، التي بدأت منذ لحظة الاعتقال ، مرورًا بعمليات التحقيق، وصولًا إلى فترات الاحتجاز الطويلة.
وتنوّعت أساليب القمع والانتهاك بين التعذيب الجسدي والنفسي، وعمليات التنكيل والتجويع، والجرائم الطبية المتعمّدة، فضلًا عن الاعتداءات الجنسية، لتشكّل مجتمعةً مشهدًا مكتمل الأركان لجريمة إبادة تُمارَس داخل السجون والمعسكرات.
وقد أفضت هذه الجرائم إلى استشهاد عشرات المعتقلين، إضافةً إلى عمليات إعدام ميداني نفّذتها قوات الاحتلال بحقّ آخرين. وتشير المعطيات الرسمية إلى أنّ المؤسسات الحقوقية أعلنت، حتى الآن، عن استشهاد (50) معتقلًا من غزة، من بين (86) أسيرًا ومعتقلًا استُشهدوا منذ بدء الإبادة، في وقتٍ يواصل فيه الاحتلال إخفاء مصير العشرات من شهداء معتقلي غزة.
كما يُشار إلى أنّ سلطات الاحتلال أنشأت عددًا من المعسكرات والأقسام الخاصة داخل السجون لاحتجاز معتقلي غزة، من أبرزها معسكر "سديه تيمان"، الذي تحوّل إلى العنوان الأبرز لجرائم التعذيب والقتل، وقسم "راكيفت" في سجن "الرملة"، والذي يُعدّ نموذجًا صارخًا لممارسات الإخفاء القسري والتعذيب الممنهج. ويُذكر أنّ الغالبية العظمى من معتقلي غزة الذين اعترفت بهم إدارة السجون مُصنَّفون ضمن ما يُسمّى "المقاتلين غير الشرعيين"، وهو أحد أخطر القوانين التي كرّست جرائم التعذيب والتعسّف بحقّ معتقلي غزة.
وفيما يتعلّق بالأعداد المُعلَن عنها لمعتقلي غزة، فقد أشار آخر هذه المعطيات، التي أعلنها الاحتلال في إطار اتفاق "وقف إطلاق النار"، إلى وجود أكثر من (1460) أسيرًا من غزة. كما أعلنت إدارة السجون، في شهر كانون الأول/ديسمبر 2025، عن احتجاز (1220) معتقلًا ممّن تُصنّفهم ضمن "المقاتلين غير الشرعيين"، غالبيتهم من غزة، إضافةً إلى عدد غير معلوم من معتقلي لبنان وسوريا.
وتؤكد مؤسسات الأسرى أن مستوى الإجرام والتوحش الذي وثقته على مدار عامين تجاوز كل الحدود القانونية، وانتهكت كافة القوانين والأعراف الدولية والاتفاقيات، في ظل حالة عجز غير مسبوقة أظهرتها المنظومة الدولية، وتحديدًا في ظل حالة "الاستثناء" التي منحتها قوى دولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، "لإسرائيل" لتبقى فوق المساءلة والمحاسبة، رغم المخاطر الجسيمة التي خلفتها جريمة الإبادة على البشرية جمعاء، وعلى النظام الدولي، بما في ذلك النظام الحقوقي الدولي الذي ناضلت من أجله الأمم والشعوب لعقود.
وتشدد مؤسسات الأسرى على وجوب محاسبة الاحتلال على الجرائم المرتكبة وفق القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقيات جنيف والقوانين الدولية لحقوق الإنسان، باعتبارها مسؤولية دولية تقع على المجتمع الدولي ومؤسساته لضمان حماية الأسرى وإنهاء حالة الإفلات من العقاب، وإنهاء حالة "الاستثناء" التي منحت "لإسرائيل".
المصدر / فلسطين أون لاين