الأرض أرضنا والقدس قدسنا

mainThumb
الدكتور سهم محمد العبادي

17-01-2023 08:46 PM

printIcon

تناول رئيس التحرير، سهم محمد العبادي في مقالته الاسبوعية في صحيفة الدستور:
في قرى الأردن، مولد العسكر ومسقط رأس الشهداء، كانت تعاليلها في غالب الزمان تتمحور حول "عيالنا الي بالجيش"، فكان المنتدى السياسي ، الاجتماعي والثقافي هي دواوين تلك القرى، وحديث أبنائها عن وحدات الجيش وكتائبة وألويته، وتعرف القرية أن خلف كان رفيق مطلق مع تحديد المنطقة التي خدموا بها واسم الفصيل، بل وحتى حكايات الخيمة والخندق، فهذه الروايات كنا نعرفها نحن أبناء العسكر، ونؤمن بأن رفاق الوالد هم عم وخال ويجمعني بهم الدم الأردني الطاهر الأصيل.
حكايات بيوت الطين والحجر القديم والعقود القروية وبيوت الشعر البدوية، كانت كلها عن فلسطين والجيش العربي الأردني، وكنا نعرف برطعة، اللطرون ، باب العمود، يعبد، السيلة ، جبع، بيت صفافا، وادي التفاح، دير شرف، الفولة والعفولة، حوارة، الطيرة، حوسان، الفوار،السموع، العيزرية وأبوديس وكل قرى فلسطين، ونعرف عائلاتها بل وأماكن تواجد جيشنا فيها.
كنا نعرف قادة الألوية من جيش الأردني، حابس المجالي، عبد الله التل، منصور كريشان، صالح شويعر، محمد أمين المناصير، بل وحتى أسماء الشهداء وقصص استشهادهم، وشاهدنا دموع من روى لنا هذه البطولات وكيف أنهم جميعا بلا استثناء كانوا يتمنون الشهادة ويتسابقون عليها، ولكن إرادة الله كانت فوق كل شيء، وهنا أستطيع أن أقول إننا جميعا أبناء العسكر والحراثين من خريجي الثقافة الرجولية ثقافة الجند الأوفياء.
رسمت هذه الحكايات خارطة عشق في قلوبنا لفلسطين، وأصبح لدينا عقيدة ثابتة أن نهر الأردن هو شريان أردني يروي فلسطين بالرجال والشهداء الأردنيين، وأنه ليس نهر بفصل بين ضفتين لدولتين، مثلما نردد في أفراحنا بالسامر والجوفية "فلسطين العربية" ونردد "حابس حبسهم بالوادي" ولدينا كل الإيمان أن فلسطين بالنسبة لنا عقيدة لا نسمح بالمساس بها، وكنا ننادي بعالي الصوت في طابور المدرسة بكلمات المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال -رحمه الله- "الأرض أرضنا والقدس قدسنا".
ومنذ أن دنس الصهاينة بأقدامهم أرض فلسطين الطاهر، كانت الأردن تقدم كل ما باستطاعتها لأجل فلسطين، وكان الهاشميون هم أهل البيت الأوصياء على المقدسات والعروبة، ودفعوا الثمن من حياتهم وشهيدنا الملك المؤسس -رحمه الله- في بيت المقدس شاهد وشهيد، والآلاف من الشهداء الأردنيين والأسرى والمحاربين، وامتدت حتى يومنا هذا، بحرب جديدة يخوضها المحتل ضد الأردن واستقوائه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وما نراه من تضييق على الأردن من مختلف النواحي إنما يعود لسبب واحد وهو وقوف الأردن ملكا وشعبا ضد كل مخططات الصهاينة من أجل تهويد القدس والاعتداء على المقدسات وزيادة الاستيطان، ومما نراه اليوم من حكومتها المتطرفة وجميع حكوماتها متطرفة بلا استثناء أكبر دليلا.
إن موقف الأردن الحازم والحاسم يمثله جلالة الملك في كل مواقفه المشرفة التي تحدث بها علانية أمام العالم، وان حكومة الاحتلال الحالية قد بدأت بالحرب الباردة مع الأردن، وبدايتها في الاعتداءات على المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، بل وحتى المقدسات المسيحية أيضا، وكأنها رسالة من حكومة المتطرفين بأن الحرب قد بدأت.
هذا الأمر يجب أن يدفع بنا كأردنيين إلى ضرورة الانتباه، حماية لوطننا ولاستقرارنا وللأمانة التاريخية التي حملناها منذ الأزل دفاعا عن فلسطين، فمخططات العدو لم تعد باستخدام الدبابات بل من خلال المؤامرات السياسية والاقتصادية، والشائعة وبث الفتنة وزرع التشكيك في كل ما هو أردني، وضرب المجتمع ببعضه البعض.
من هنا لا بد من ترتيب البيت الداخلي أردنيا ، وإغلاق الملفات التي تؤدي إلى وجود التوتر في الشارع الأردني وإحداث شرخ بين المواطن ومؤسسات الدولة، فهنالك عدو كان وما زال يتربص بنا.
وأعود وأكرر لاءات الملك الثلاثة، كلا على القدس، كلا على التوطين وكلا على الوطن البديل، وكلام الملك عبد الله الثاني بن الحسين هو كلامنا القاطع الذي ليس بعده كلام.
سهم محمد العبادي