أخبار اليوم - قلَّل خبيران اقتصاديان من جدوى دراسة خيار غير مسبوق يتلخص في إلغاء الأرقام التسلسلية للأوراق النقدية المتداولة في قطاع غزة، ووصفا الفكرة بأنها "غير واقعية"، وهدفت في المقام الأول إلى ممارسة ضغط نفسي على السكان.
جاء ذلك بعد أن ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن (إسرائيل) تدرس هذه الخطوة ضمن جهودها لزيادة الضغط على حركة حماس، حيث قد تشترط استبدال الأوراق النقدية فقط في حال الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى الحركة في غزة.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور نائل موسى إن هذا الطرح "غير عملي"، مشيراً إلى أن غزة والضفة الغربية مرتبطتان عضوياً بالاقتصاد الإسرائيلي منذ عام 1967، حيث تم دمجهما فعلياً في النظام النقدي الإسرائيلي، مما جعل استخدام الشيكل أمراً شائعاً في السوق الفلسطيني.
وتتداول في الأراضي الفلسطينية عملات ورقية من فئات (20، 50، 100، 200 شيكل)، بالإضافة إلى عملات معدنية بقيم أقل (1 شيكل، 2 شيكل، 5 شواقل، 10 شواقل).
وأوضح موسى لـ "فلسطين أون لاين" أن (إسرائيل) "لا تُرسل العملة مباشرة إلى غزة، بل تدخل من خلال تدفقات نقدية عبر الضفة الغربية، في إطار حلقة تداول مغلقة يصعب كسرها". وأضاف: "يصعب تحديد حجم الكتلة النقدية في غزة أو الضفة بدقة، لأن مصدرها غير موثَّق بشكل مركزي".
وتابع أن تنفيذ فكرة إلغاء الأرقام التسلسلية، حتى لو كانت ممكنة نظرياً عبر إصدار عملة جديدة قابلة للاستبدال في مناطق محددة، سيواجه تحديات كبيرة، خاصة مع احتمال تحريك عملات من غزة في حال فتح المعابر التي أُغلقت منذ شهرين واستئناف حركة السلع.
حربٌ نفسية
يأتي هذا النقاش بعد أيام من اقتراح وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إلغاء أو تغيير لون ورقة الـ200 شيكل، مدعياً أن حماس تمتلك كميات كبيرة منها.
واعتبر موسى أن الهدف من هذه التسريبات والتصريحات هو "إعلامي ونفسي في المقام الأول"، كجزء من حرب نفسية تهدف إلى إرباك الفلسطينيين واستنزافهم ذهنياً.
وقال: "هذا أحد أشكال ما يُعرف بـ'رجل القش'، حيث تُطرح أفكار مربكة لإشغال الرأي العام الفلسطيني".
ودعا سلطة النقد الفلسطينية إلى "الرد بشكل واضح وطمأنة المواطنين، خاصة في غزة، لامتصاص أي أثر سلبي لمثل هذه الشائعات".
من جانبه، وصف الباحث الاقتصادي أحمد أبو قمر الإجراء المقترح بأنه "أداة ضغط سياسي" تستهدف السكان والمؤسسات الحكومية في غزة، مشيراً إلى أن مثل هذه الخطوات غالباً ما تبقى في إطار التهديد.
واستشهد أبو قمر بتجربة تجميد فئة العشرة شواكل في غزة، والتي تبقى قابلة للاستبدال لاحقاً بعد انتهاء الحرب وفتح البنوك.
وأوضح لـ"فلسطين أون لاين" أن كل ورقة نقدية تحمل رقماً تسلسلياً فريداً يتم توثيقه لدى البنك المركزي الإسرائيلي، الذي يتتبع حركة النقد عبر هذه الأرقام. لكنه أشار إلى أن دخول كميات كبيرة من العملة، خاصة فئة الـ200 شيكل، إلى غزة عبر العمال الذين كانوا يعملون في أراضي 48 أو شاحنات المساعدات الإنسانية، يجعل تتبعها معقداً في ظل انتشار ما وصفه باقتصاد الظل بالقطاع.
وحذر من أن "فقدان الثقة بالعملة هو أخطر ما قد ينجم عن هذا التوجه"، قائلاً: "العملة تستند إلى الثقة، وإذا اهتزت كما حدث سابقاً مع العشرة شواكل، يتوقف الناس عن تداولها". وأضاف: "المواطن الغزّي ليس أمامه خيارات، وإذا شعر بأن أمواله مهددة، سيعزف عنها لأن رأس المال جُبنه طبيعي".
ووجَّه أبو قمر رسالة إلى سلطة النقد الفلسطينية، داعياً إياها إلى اتخاذ موقف واضح والتحرك عبر القنوات الدولية، خاصة صندوق النقد الدولي، باعتبار أن هذه الخطوة "عقاب جماعي" يستهدف سكان القطاع بأكمله.
المصدر / فلسطين أون لاين