أخبار اليوم - عواد الفالح - يشهد قطاع النقل العام في الأردن، وتحديدًا قطاع التكسي الأصفر، حالة من التراجع الحاد بفعل ما يصفه العاملون فيه بأنه تحييد ممنهج لصالح تطبيقات النقل الذكية، في ظل غياب واضح للرقابة وتضخم نفوذ الشركات المشغلة للتطبيقات، التي باتت تتحكم بالسوق وبتسعير الخدمة دون حسيب أو رقيب.
سائقو التكسي الأصفر عبّروا عن استيائهم مما وصفوه بـ"الانهيار التدريجي" للقطاع، مشيرين إلى أن ما يحدث اليوم يعيد إلى الأذهان ما جرى سابقًا في قطاع الاتصالات، حين تغولت شركات الخلوي على السوق، وتم إقصاء الهاتف الأرضي، إلى أن أصبح المواطن اليوم يتمنى وجود بديل ثابت وموثوق.
وها هو المشهد ذاته يتكرر – وفق وصفهم – في قطاع النقل، حيث يتم تهميش التكسي الأصفر وتضخيم دور التطبيقات، دون النظر إلى الأعباء التي يتحملها السائقون العاملون بنظام التكسي التقليدي.
وأبدى السائقون مخاوفهم من قرار ترخيص فئة جديدة تحت اسم ".... "، والذي من المتوقع أن يرفع عدد السيارات العاملة عبر التطبيقات من 13 ألف مركبة إلى أكثر من 16 ألفًا، ما يضعف فرص التكسي الأصفر في البقاء والمنافسة. وأشاروا إلى أن كثيرًا من العاملين في هذه التطبيقات لا يخضعون لرقابة فعلية، ولا يلتزمون بما يلتزم به السائقون المرخّصون من ضرائب وتأمينات ورسوم حكومية مرتفعة.
وأكد سائقو التكسي أن التسعيرة في التطبيقات باتت خارج السيطرة، إذ تختلف أسعار الرحلات حسب الوقت والمكان والظروف الجوية، ففي أوقات المطر أو في المساء والعطل الرسمية ترتفع الأسعار تلقائيًا دون إشعار مسبق، ما يجعل المواطنين عرضة لاستغلال غير مبرر، ويجعل من النقل العام سلعة خاضعة لقوانين السوق لا الخدمة.
وتساءل العديد من السائقين عن دور الجهات الرسمية، معتبرين أن صمتها تجاه هذه التطورات يزيد من حدة الأزمة، ويفتح الباب أمام فوضى شاملة في قطاع النقل، خاصة في ظل تزايد عدد العاملين في التطبيقات، سواء المرخّصين أو غير المرخصين، بالإضافة إلى دخول فئات جديدة من موظفي الدولة والعاطلين عن العمل إلى السوق، بسيارات خاصة تعمل دون تصريح واضح.
وأشار البعض إلى أن ما يحدث اليوم يشبه ما جرى في ملف "التكسي المميز"، حين تم دفعه تدريجيًا نحو الإلغاء وتحويله إلى تكسي أصفر، وسط دعم لبعض الجهات التي وقفت ضد الوزير الرافض للمشروع آنذاك. واليوم – بحسب وصفهم – تُمارس ذات السياسة تجاه التكسي الأصفر، عبر تمجيد التطبيقات وتحجيم التكسي المرخّص، في عملية وصفوها بأنها "إزاحة تدريجية للحق".
وطالب السائقون كل من تضرر من أصحاب التكاسي بتقديم شكاوى رسمية ضد المخالفين والمتجاوزين، مشددين على ضرورة تحرك جماعي لحماية أرزاقهم من الانهيار، وعدم السكوت عن التجاوزات الحاصلة في ظل بيئة وصفوها بأنها "مفتوحة دون بواب"، حيث يعمل الجميع في السوق، من التكاسي الخصوصية، وتكاسي المحافظات، إلى السيارات العاملة بالتطبيقات المرخصة وغير المرخصة.
وفي ختام مواقفهم، وجه السائقون نداءً إلى الحكومة والجهات المعنية بضرورة إعادة التوازن لقطاع النقل، وإقرار قوانين تحفظ العدالة في التنافس، وتضمن عدم تغول أي جهة على أخرى، حماية للمصلحة العامة ولمصدر رزق آلاف العائلات الأردنية التي تعتمد على التكسي الأصفر كمورد وحيد للعيش.