هزمته المجاعة لا المرض .. المهندس حجاج شهيد الحصار في غزة

mainThumb
هزمته المجاعة لا المرض.. المهندس حجاج شهيد الحصار في غزة

04-05-2025 10:05 AM

printIcon

أخبار اليوم - حياة تضج بالحيوية كان يعيشها المهندس هيثم حجاج (41 عامًا)، الموظف في بلدية غزة، فهو الذي كان يصل الليل بالنهار في العمل، يفتح هاتفه لكل متصل يطلب منه خدمة، وعلى أهبة الاستعداد لتلبية أي نداء طارئ.

لم يكن حجاج يعاني أي أمراض قبيل الحرب الإسرائيلية على غزة، بل كان شعلة من النشاط، يخصص يوم الجمعة لممارسة النشاط الرياضي، بقيادة الدراجة الهوائية من مدينة غزة حتى رفح.

تقول زوجته منى مشتهى لصحيفة "فلسطين": "كنت ألحّ عليه أن يأخذ قسطًا من الراحة، خاصة في يوم الإجازة الأسبوعية، لكنه لم يكن يستجيب لي أبدًا. لا يعرف الراحة، ويمارس الرياضة التي يحبها."

وكان حجاج مقصدًا لكل من أراد خدمة من بلدية غزة؛ فهو لا يرد أحدًا يطرق بابه، بحكم كونه رئيس قسم فيها. وفي الوقت ذاته، كان يعمل على تطوير نفسه، إذ كان يدرس الماجستير في الإدارة، وكان قد أوشك على إنهائه قبيل الحرب.

وخلال أربعة عشر عامًا هي عمر زواج منى مشتهى من هيثم حجاج، لم يكن يومًا نزيلًا للمستشفيات، واستمر ذلك حتى رمضان الأول في الحرب (آذار/ مارس 2024)، حين بدأ يعاني من هزال وتعب في ظل صموده في شمال قطاع غزة، ومعايشته المجاعة هناك.

تضيف مشتهى: "كنا نعتمد في غذائنا على (الدُقّة) المصنوعة من القمح والمعلّبات. أصبح هيثم يشعر بتعب شديد كلما تناولها، خاصة (الدُقّة)، ولا أحد من الأطباء كان يدرك ما الذي أصابه."

وبعد أربعة أشهر من التنقل بين أروقة المستشفيات، اكتشف الأطباء إصابته بمرض حساسية القمح (السيلياك)، نتيجة اعتماده على نوع واحد من الطعام. وطلبوا منه الامتناع عن تناوله نهائيًا، وتجنب المعلبات.

وفي ظل انعدام توفر الدقيق الخاص بحساسية القمح آنذاك، لم يكن أمام حجاج أي خيارات للطعام الصحي، فأصبح يعتمد على الأرز بشكل أساسي. "كان يشعر بالملل، فيتناول علبة من المعلبات كالفول أو الحمص إلى جانب الأرز، بعد غسلها بالمياه العذبة."

ومع توفر بعض الخضراوات والفواكه بأسعار باهظة في أسواق مدينة غزة بعد فترة طويلة من الانقطاع، تضيف زوجته: "صار زوجي يشتري بما يقارب 400 شيكل يوميًا بعضًا من الخضراوات والفواكه لإدخال تنوع صحي على طعامه، كما توفّر الدقيق الخاص بمرضى حساسية القمح من إحدى الجمعيات."

وتتابع: "لم يكن هناك للأسف بيض أو دجاج أو بروتين، لكنه كان يحاول توفير ما يمكن من الأكل الصحي، خاصة أن حساسية القمح التي أُصيب بها كانت من الدرجة الثالثة، وكان ينبغي أن يدخل في حمية غذائية لمدة ستة أشهر، لكن أغلب عناصرها لم تكن متوفرة في الأسواق، فظل معتمدًا على الأرز والدقيق الخالي من الجلوتين."

وتستدرك: "لكن للأسف، كان قد فات الأوان، فالضرر الذي أصاب أمعاءه كان كبيرًا ولا يمكن تداركه، خاصة في ظل عدم توفر أصناف كثيرة من الأطعمة الخالية من الجلوتين المناسبة لحالته."

ظل حجاج يصارع المرض بصمت، حتى أنهكه تمامًا، وفي اليوم الأول من رمضان (مارس 2024) أُدخل إلى المستشفى، حيث فارق الحياة، شهيدًا للحصار الذي حرم أبناء غزة من أبسط حقوقهم الإنسانية: الطعام والدواء والكرامة.

المصدر / فلسطين أون لاين