نباتات الأرض .. آخر ما تبقّى لغزة في مواجهة الموت جوعًا

mainThumb
نباتات الأرض.. آخر ما تبقّى لغزة في مواجهة الموت جوعًا

04-05-2025 12:03 PM

printIcon

أخبار اليوم - مع استمرار المجاعة التي تشتد يومًا بعد يوم، ومع اختفاء الغذاء عن موائد العائلات، وجد سكان قطاع غزة في النباتات البرية ملاذًا يسد رمقهم، بعد أن أُغلقت في وجوههم كل السبل.

فالنباتات البرية، التي كانت تُعد جزءًا من التراث الشعبي أو الأكلات الموسمية، باتت اليوم طوق نجاة لآلاف العائلات التي أنهكها الحصار الإسرائيلي، ودفعها الجوع إلى البحث عمّا يسد الرمق.

ولم تدخل أي إمدادات غذائية أو طبية إلى القطاع، الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة، منذ نحو شهرين، بعد أن فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا شاملًا يُعد الأطول من نوعه، في أعقاب انقلابه على اتفاق وقف إطلاق النار الذي دام ستة أسابيع.

ووفق المعطيات الرسمية، فإن الاحتلال منع منذ بداية آذار/ مارس الماضي إدخال نحو 18 ألفًا و600 شاحنة مساعدات، وألفًا و550 شاحنة وقود، كما استهدف بالقصف أكثر من 60 مطبخًا خيريًّا ومركز توزيع مساعدات، ما أدى إلى خروجها عن الخدمة.

طوق نجاة

في أحد الأحياء المدمّرة بمدينة غزة، خرج الحاج أبو محمد سالم، الستيني، إلى أرض مجاورة لمنزله بحثًا عن الخبيزة، علّه يجد ما يُطعم به أفراد عائلته.

يقول سالم بينما كان يجمع الأوراق الخضراء ويزيل عنها الأتربة: "لا يوجد طعام في البيت. المعلّبات التي كنت أخزنها نفدت، ولم يبقَ لنا سوى الخبيزة.. أصبحت طوق نجاة لنا".

ويضيف لصحيفة "فلسطين": "أسرتي مكوّنة من ثمانية أفراد. الخضار والمعلّبات مفقودة أو أسعارها خيالية، ولا دخل لدينا نعتاش منه. نعتمد على ما توزّعه التكايا من عدس ومكرونة، وحتى ذلك ليس مضمونًا بسبب الازدحام الشديد".

ويتابع سالم: "أبحث عن الخبيزة في الأراضي المجاورة، لكن حتى هذه باتت نادرة بعد أن كثر الباحثون عنها".

غير بعيد، كانت أم حسن معروف، الخمسينية النازحة من بلدة بيت لاهيا، شمالي القطاع، تجمع أوراق الخبيزة برفقة أحد أحفادها، قرب مخيم نزوح وسط المدينة.

تقول معروف بحزن لـ"فلسطين": "نعيش 12 شخصًا في خيمة واحدة. لا خضار، لا فواكه، ولا حتى الخبز بات متاحًا.. لا نجد شيئًا نأكله".

وتضيف: "الخبيزة لذيذة ومغذية، يحبها الأطفال والكبار، وتحتوي على فيتامينات. لكن، مهما كانت فائدتها، لا يمكن أن تُعوّض غياب الطعام الأساسي الذي أصبحنا نعجز عن توفيره بسبب ارتفاع أسعاره".

وتُعرف النباتات البرية مثل "الحمصيص" و"الخبيزة" و"الرجلة"، بقيمتها الغذائية العالية، فهي غنية بالفيتامينات A وC، والحديد، والكالسيوم، والألياف. وكانت دائمًا جزءًا من المطبخ الفلسطيني الشعبي.

تشرح معروف طريقة طهيها قائلة: "أذبّل أوراقها مع قليل من الجرادة الناشفة والشطة، وأحيانًا أضيف المفتول إذا توفّر".

قيمة غذائية

أما أم فؤاد فكانت تجلس أمام خيمتها في أحد مخيمات النزوح وسط مدينة غزة، تغسل أوراق الخبيزة التي جمعتها صباحًا من أرض مجاورة، بينما كان زوجها يشعل الحطب استعدادًا لطهوها.

وتقول أم فؤاد وهي تنظر إلى أطفالها الجالسين بصمت: "أجمعها كل صباح من الأراضي القريبة، وأطبخها بطرق مختلفة. المهم أن أُسكت جوع أولادي".

وتتابع: "أحيانًا نلفّها مثل ورق العنب، أو نخلطها مع العدس.. لكن في النهاية، تبقى غير كافية. أطفالي ينامون جوعى ويستيقظون باكين.. لا حليب، لا خضار، لا شيء"، مشيرة إلى أنها تشعر بحزن شديد حينما يطلب منها أطفالها الطعام ولا تستطيع توفيره لهم.

ويعاني 90% من سكان قطاع غزة من مستويات مختلفة من سوء التغذية، إذ يعاني عشرات الآلاف من الأطفال من سوء تغذية بدرجات حادة، ومتوسطة، وبسيطة، وهناك 60 ألف طفل منهم يعانون من فقر الدم الحاد، وفق معطيات حقوقية دولية.

ويواصل الاحتلال استخدام سياسة "التجويع كسلاح"، وهي ليست الأولى من نوعها، إذ لجأ إليها في مراحل سابقة من الحرب، لا سيما خلال عملياته البرية في مناطق شمال قطاع غزة ومدينة غزة، عبر قطع إمدادات الغذاء والماء والكهرباء، ما يُفاقم من حجم الكارثة الإنسانية المستمرة.

والأحد الماضي، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" نفاد إمداداتها من الطحين في قطاع غزة، فيما حذر برنامج الأغذية العالمي من أن الوضع على حافة الانهيار.

وتمتلك "أونروا" نحو 3000 شاحنة محمّلة بمساعدات منقذة للحياة جاهزة للدخول إلى غزة، غير أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل منع دخولها.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يرتكب الاحتلال الإسرائيلي إبادة جماعية غير مسبوقة بحق الفلسطينيين في غزة، أوقعت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح، أغلبهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود

المصدر / فلسطين أون لاين