أخبار اليوم - كشفت دراسة حديثة قام بها باحثون من جامعة أولو في فنلندا the University of Oulu، عن احتمالية أن يؤدي التعرض المبكر للمضادات الحيوية في أول عامين من عمر الطفل تحديداً، إلى زيادة مؤشر كتلة الجسم (BMI)، وارتفاع خطر الإصابة بالسمنة في نهاية مرحلة الطفولة بحلول سن الثانية عشرة.
وعُرضت هذه الدراسة في مؤتمر الجمعيات الأكاديمية لطب الأطفال (Pediatric Academic Societies) لعام 2025، الذي تم عقده في نهاية شهر أبريل (نيسان) من العام الحالي في هونولولو بهاواي.
أهمية المضادات الحيوية
أوضحت الدراسة أن التعرض للمضادات الحيوية قبل فترة الحمل أو أثناءه، أو بعد الولادة مباشرة، لا يرتبط بزيادة وزن الطفل لاحقاً. وأكد الباحثون أنهم على دراية تامة بأهمية المضادات الحيوية بوصفها علاجاً فعالاً في بعض الأحيان لا يمكن استبداله أو الاستغناء عنه. ولكنهم حذروا من الإفراط في استخدامها من دون ضرورة طبية حقيقية في وقت مبكر من العمر، نظراً للمخاطر الكبيرة التي يمكن أن يسببها الدواء، وأهمها زيادة قدرة البكتيريا على المقاومة، مما يهدد بفقدان فاعلية المضادات الحيوية مع الوقت، وينذر بكارثة صحية على المدى الطويل.
المضادات الحيوية ووزن الطفل
حلل الباحثون الفنلنديون البيانات الطبية الخاصة بما يزيد على 33 ألف طفل وُلدوا بطريقة طبيعية، لمتابعة العوامل التي تؤدي إلى زيادة الوزن في الأطفال مع مرور الوقت. وأظهرت النتائج أن استخدام المضادات الحيوية خلال أول 24 شهراً من العمر، ارتبط بارتفاع ملحوظ في مؤشر كتلة الجسم بالنسبة للعمر عند بلوغ الطفل عمر عامين، مقارنة بالأطفال في الفئة العمرية نفسها الذين لم يتلقوا المضادات الحيوية.
ووجدت الدراسة أن نسبة الأطفال الذين تم وصف مضادات حيوية لهم خلال أول عامين من حياتهم، تصل إلى 68 في المائة من العينة، ما يعكس مدى شيوع التعرض المبكر لهذه الأدوية من دون دواعٍ طبية حقيقية في معظم الأحيان، مثل التهابات الجزء الأعلى من الجهاز التنفسي ونزلات البرد، حيث تكون فائدتها ضئيلة للغاية، لأن الإصابة في الأغلب تكون فيروسية المنشأ.
خطر الإصابة بالسمنة لاحقاً
رصدت الدراسة وجود ارتباط بين تناول المضادات الحيوية في مرحلة الطفولة المبكرة وارتفاع خطر الإصابة بالسمنة قبل بلوغ عمر الثانية عشرة، بنسبة تصل إلى 9 في المائة. واستمر هذه الارتباط حتى بعد أن عدّل الباحثون كثيرًا من العوامل التي يمكن أن تؤثر في النتيجة؛ مثل الجنس والوزن عند الولادة.
وفي المقابل، أوضحت النتائج أن نسبة من الأمهات بلغت 27 في المائة، تناولن المضادات الحيوية أثناء الحمل، ونسبة من الأطفال بلغت 21 في المائة أيضاً تعرضوا للمضادات الحيوية قبل الولادة مباشرة. ومع ذلك لم يكن هذا التعرض مرتبطاً بارتفاع في مؤشر كتلة الجسم، أو زيادة الوزن في مرحلة لاحقة من الطفولة.
ملايين الأطفال السمينين في العالم
وحتى الآن، لا تزال سمنة الأطفال تمثل تحدياً صحياً كبيراً على مستوى العالم، وفي عام 2022، تم تشخيص أكثر من 159 مليون طفل في عمر الدراسة على أنهم مصابون بالسمنة. ومن المعروف أن السمنة لها كثير من الأسباب، بعضها يصعب التحكم فيه مثل العامل الوراثي وبعض الأمراض التي تؤثر على الوزن، وبعضها الآخر يمكن التحكم فيه والتخلص منه؛ مثل تغيير نوعية الطعام والعادات الغذائية وممارسة الرياضة. وتبعاً للدراسة الحالية، يجب التعامل مع التعرض المبكر للمضادات الحيوية على أنه سبب يمكن تعديله حتى يُساعد في الحد من خطر زيادة الوزن والسمنة على المدى الطويل.
في النهاية، نصحت الدراسة الأطباء بتوخي الحذر قبل وصف المضادات الحيوية للأطفال في أول عامين من عمرهم، حتى يمكن تجنب كثير من المخاطر.