المجاعة تتفاقم .. الجوع يفترس العائلات بغزَّة ويهدِّد حياتها

mainThumb
المجاعة تتفاقم... الجوع يفترس العائلات بغزَّة ويهدِّد حياتها

17-05-2025 03:52 PM

printIcon

أخبار اليوم - لم يعد الجوع مُجرد شعور عابر، بل أصبح واقع حياة فرضه الحصار الإسرائيلي المُطبق على سكان قطاع غزة، نتيجة استمرار إغلاق المعابر منذ ما يزيد على 70 يوماً، في صورة تعكس حجم العدوانية التي يمارسها ذلك الاحتلال المُجرم الذي يتخذ من الجوع سلاحاً لمحاربة سكان القطاع.

في قطاع غزة، عائلات لا تستطيع توفير وجبة طعام واحدة خلال اليوم، وأطفال يعانون من سوء التغذية بسبب عدم توفر الأطعمة التي تحتوي على الفيتامينات والبروتينات مثل الخضروات والفواكه وغيرها، وشبان أرهقتهم الحياة وأصبحت أجسادهم لا تقوى على أداء المهام اليومية نتيجة عدم تناول طعامٍ كافي، وأطفال رُضع ينامون جوعى بسبب عدم قدرة عائلاتهم على توفير الحليب لهم، حتى أصبح ذلك القطاع "لا يصلح للحياة".

كل يوم يمر على سكان القطاع المُحاصر تزداد فيه المعاناة ويتفاقم الجوع، حتى أصبح الحصول على "رغيف الخبز" لكثير من العائلات الفلسطينية أُمنية بعيدة المنال، نتيجة انقطاع الطحين في القطاع، وارتفاع أسعار القليل المتوفر منه في الأسواق حيث وصل سعر الكيس إلى 1000 شيكل، وهو ما لا يقدر على شرائه السكان الذين انهكتهم حرب الإبادة على امتداد أكثر من 18 شهراً.

ومنذ الثاني من مارس/ آذار الماضي يُطبق الاحتلال حصاره على قطاع غزة، عبر إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات الاغاثية للمواطنين، بما فيها اللحوم والخضراوات والفواكه، في حين أوصدت مخابز القطاع أبوابها أمام المواطنين بسبب نفاد كميات الدقيق والسولار المتوفر لها.

كان المشهد قاسياً داخل خيمة المواطن أبو محمد محسن الذي نزح من شمال غزة إلى أحد مخيمات النزوح بمدينة غزة، فقد نفد كل ما لديه من أطعمة، سواء المُعلبة أو البقوليات التي كان قد حرّص عليها من المساعدات التي تلقاها قبل إغلاق المعبر.

يقول محسن لصحيفة "فلسطين": "نحن نعيش في ظروف صعبة في قطاع غزة نتيجة استمرار اغلاق المعابر وعدم سماح الاحتلال بإدخال المساعدات الإنسانية.. نعاني من الجوع واطفالنا تجوع ولا نجد ما يسد رمقها".

ويضيف محسن الذي يعيل اسرة مكونة من 7 أفراد: "منذ عدة أيام لا يتوفر لدينا طحين ولا بقوليات ولا غاز ولا حليب للأطفال، وبالكاد نستطيع توفير وجبة واحدة للعائلة لا تكفي لهم، ولم تأتي للمخيم أي تكيّة منذ أكثر من أسبوع، وهو ما زاد معاناتنا أكثر".

ويتابع "أصبحنا نشعر أننا نعيش في غربة داخل وطننا، بسبب انعدام كل وسائل الغذاء والطعام". ينظر محسن إلى الموانئ الفارغة في الخيمة ويستصرخ كل العالم "أغيثوا غزة.. هل تنتظرون أن يموت أطفالنا من الجوع؟".

ذلك الحال يتكرر لدى المواطن يوسف داوود الذي بات يخوض معركةً يومية في سبيل توفير لقمة طعام يسد بها رمق عائلته المكونة من 5 أفراد، فيقول: "الجوع ينهش في عائلتي وأطفالي، ولا يتوفر أدنى متطلبات الحياة الكريمة".

ويؤكد داوود لـ "فلسطين"، أنه لا يتوفر لديه طحين في الوقت الحالي ويضطر في بعض الأحيان لطحن العدس والمعكرونة وتحويلها إلى دقيق من أجل اطعام أطفاله"، مشدداً على أن "المجاعة تشتد كل يوم أكثر والموت بات يلاحقنا في كل لحظة بسبب انعدام توفر الأطعمة".

ويناشد كل العالم من أجل التدخل لإنقاذ قطاع غزة الذي ينام أطفاله بلا طعام، والموت يداهم أعداد كبيرة منهم، قبل فوات الأوان.

فيما يقول المُسن أبو محمد مهدي: "أصبحنا نعيش في مجاعة حقيقية، حيث لا يتوفر الأطعمة لدينا ولا الطحين، وهذه كارثة إنسانية غير مسبوقة وتهدد حياتنا اذا استمر الاحتلال بإغلاق المعابر".

ويضيف مهدي لـ"فلسطين": "تضاعفت معاناتنا أكثر بعد انقطاع تكيّات الطعام الخيرية التي كانت توفر لنا وجبة واحدة ع الأقل بشكل شبه يومي، لكن الآن أصبحنا بلا أدنى مقومات حياة".

ويشدد على أن "استمرار اغلاق المعابر سيؤدي الى موت حتمي لكثير من الأطفال وكبار السن ومختلف الفئات العمرية، في ظل عدم توفر الأطعمة المهمة مثل الخضروات والفواكه وغيرها من الأصناف التي تمد الجسم بالطاقة والفيتامينات".

ووفق تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي أصدرته وكالة "الأونروا"، فإن هناك 470 ألف شخص في غزة سيواجهون جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة والأشد من التصنيف) خلال الفترة ما بين أيار وأيلول 2025.

وأوضح التقرير أن هذا الرقم يمثل زيادة بنسبة 25% عن التقديرات السابقة، مؤكداً أن جميع سكان القطاع يعانون من انعدام أمن غذائي حاد.

من ناحيته قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين عبر استمرار اغلاق المعابر منذ أكثر من 70 يوماً، و40 يوماً على إغلاق المخابز، ومنع ادخال 39000 شاحنة مساعدات ووقود ودواء.

وحمّل المكتب الإعلامي في بيان صحفي، الاحتلال والدول الداعمة له عسكريا وسياسيا وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن الجرائم المرتكبة وتبعاتها الكارثية والخطيرة على الحياة المدنية وعلى الصحة العامة، ومصير مئات الآلاف من الأطفال والمرضى والمسنين.