خطوطه زينت غزة .. أحمد شامية شهيد العمارة والأحلام

mainThumb
خطوطه زينت غزة.. أحمد شامية شهيد العمارة والأحلام

18-05-2025 09:57 AM

printIcon

أخبار اليوم - كان متمكنًا من الفن المعماري كفنان يحترف الرسم، موهبته أهلته للارتقاء سريعًا في سُلّم الهندسة المعمارية أكاديميًا وعمليًا، فبات من المهندسين القلائل الذين يُشار إليهم بالبنان في غزة. فما أُوكلت له مهمة إنشائية إلا وكانت مميزة، يعرف زملاؤه من خلالها أن "هنا مرّت خطوط المهندس الشهيد أحمد شامية".

فمنذ اللحظة الأولى التي التقى فيها المهندس المعماري محمد الحداد بالشهيد شامية على مقاعد الدراسة في الجامعة الإسلامية، أدرك أنه أمام مهندس عبقري. يقول: "كنتُ مُعيدًا للمرة الأولى في قسم الهندسة المعمارية، وكان شامية طالبًا في عامه الدراسي الثاني. رأيتُ مبدعًا عبقريًا في التقاط القلم وفي رسم الخطوط الهندسية".

ويضيف لصحيفة "فلسطين": "رأيت إنسانًا خلوقًا في تعاملاته، صادقًا في التزاماته وأوقاته. تقربتُ منه، وأحببتُ دوماً الجلوس معه في المرسم لأستمتع بخطوطه الهندسية المتقنة، وكلماته التعبيرية الهندسية الواضحة".

لم تقتصر علاقة الحداد بـ"شامية" على علاقة طالبٍ بأستاذه، بل تطورت سريعًا لتصبح علاقة صداقة راسخة وزمالة في ميادين العمل، "وكنت أفتخر بذلك فخرًا كبيرًا وعظيمًا، فأحمد تقدّم على الجميع من زملائه الطلبة في كل شيء، حتى كنتُ أشعر أنه أصبح المدرس، وأنا الطالب الذي يتعلّم منه كل جديد".

ويتابع: "تخرّج أحمد ليحصد المركز الأول على دفعته، لتنضم إلى علاقتنا صفة جديدة، وهي الزمالة". ويشير إلى أن شامية تفوّق في عمله وانطلق انطلاقة لا توصف في إبداعه المعماري، حتى أصبح الجميع يتسابق للعمل معه من مختلف أطياف المجتمع، رجال أعمال ومؤسسات، لتصميم أجمل الأعمال الهندسية والمعمارية، من تصميمات داخلية للمؤسسات والجامعات والقطاعات الخاصة، إلى منازل متنوعة.

ويتذكّر الحداد بمرارة كيف كان شامية بمثابة الأخ له، فهو سريع في كسب القلوب، ويقول: "أحمد إنسان رقيق المشاعر، حساس، فنان، دومًا يحمل معه في كل مكان القلم والورقة، ويرسم كل ما يراه في حياة شعبه بطريقة فنية معبرة، ينقل فيها هموم الناس وأوجاع الوطن".

ويشير إلى أن الشهيد شامية عمل في الجامعة الإسلامية مُعيدًا، ثم محاضرًا في قسم الهندسة المعمارية، لينتهي به المطاف مديرًا لكلية الهندسة في الجامعة. كما افتتح مكتبه المعماري "آرت هاوس"، الذي مثّل انطلاقة معمارية جديدة لقطاع غزة.

ويُبيّن الحداد أن الشهيد شامية سافر في العديد من البعثات والدورات التدريبية في الخارج، وكان دومًا المتألق في الفريق، والمتفرّد في الإبداع، لكنه لم يرغب أبدًا في مغادرة غزة، فكان طموحه أن يرسم الوطن بريشة معمارية متميزة، ذات طابع حضاري متقدم.

لكن ظروف الحرب الإسرائيلية القاسية على غزة أخذت من أحمد كل شيء، فاستشهد والداه وشقيقه، وتدمّر مكتبه ومعداته. فقرر أن يبدأ من جديد في مكان آخر، وكان قد حاز على قبول للسفر إلى فرنسا، وكان يستعد للرحيل.

ويستذكر الحداد بأسى: "لكن قدر الله كان غالبًا، فقد أُصيب في مجزرة التايلندي، ورقد في العناية المركزة ما بين الوجع والألم إلى أن فارق الحياة".

ويمضي بالقول: "حملته بيدي إلى الثلاجة، وكفّنته، ودفنته بيدي، مودّعًا إنسانًا لن يتكرّر، ليس لي فقط، بل لمهنة الهندسة المعمارية كلها، بل مهندسًا لن يتكرر لكل غزة".

أما الصحفي يوسف فارس فقال عن شامية: "كان أحمد شامية اليد التي رسمت المظهر الحضاري لغزة الجديدة: الشوارع، الفنادق، المطاعم الكبرى، صالات الأفراح، قاعات المؤتمرات، وأبنية الجامعات الحديثة. خلف كل إبهار معماري يد أحمد وخياله الخصب".

ويضيف: "قبل عشرين عامًا أو يزيد، عادت عائلته إلى البلاد من غربة دامت طويلًا. واستشهد والداه وشقيقه الأصغر محمد، ثم رحل أحمد. وقبل ذلك، قُدّر له أن يرى صنيع يديه وسرحات خياله الأخّاذ، وقد تحولت خرابًا في هيئة سحبٍ من رماد".

ويمضي بالقول: "وهو الذي كان يمشي في شارع الرشيد، بين رسوماته الهندسية التي تحوّلت إلى أبنية بديعة وتحف معمارية، ويقول مزهوًّا، صدقًا لا شعرًا ولا شعورًا فقط: (هذه المدينة لي.. هذا البحر لي)".

المصدر / فلسطين أون لاين