العناية المركَّزة في مجمع الشفاء تولد من جديد

mainThumb
العناية المركَّزة في مجمَّع الشِّفاء تولَّد من جديد

18-05-2025 10:20 AM

printIcon

أخبار اليوم - بعد عام من الدمار والخراب، عاد قسم العناية المركزة في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة إلى العمل من جديد، وكأنه ينبض بالحياة من رحم المأساة.

كان هذا القسم شاهدًا على لحظات مفصلية إبّان حرب الإبادة الإسرائيلية، حيث اجتاحت قوات الاحتلال المجمع، مخلفة وراءها دمارًا شاملاً في مبانيه وأقسامه ومعداته الطبية.

لكن رغم السواد والركام الذي خيّم على المستشفى، لم تنطفئ جذوة الإرادة. فقد تمكن فريق طبي متخصص حديثًا من إنشاء قسم عناية مركزة، في محاولة جادة لإنقاذ أرواح المرضى وجرحى الحرب المصابين بجروح خطيرة وبحاجة ماسة إلى رعاية فائقة.

مجمع الشفاء، الذي كان يُعدّ أيقونة العمل الصحي في قطاع غزة، تعرّض في مارس/آذار 2024 لعدوان عسكري إسرائيلي موسّع، تخللته عملية برية استمرت أسبوعين، وأدت إلى تدميره بشكل شبه كامل، بحسب ما يؤكده الطبيب بهاء الدين الأشقر، رئيس التمريض في قسم العناية المركزة المُنشأ حديثًا.



يضيف الأشقر لصحيفة "فلسطين": "حين دخلنا بعد انسحاب الجيش، لم نجد سوى العدم. الدمار والحرائق في كل مكان. لم يتركوا قسمًا إلا وألحقوا به أضرارًا هائلة".

ويشير إلى أن أقسام مجمع الشفاء كانت تضم قرابة 50 سرير عناية مركزة، خُصصت غالبيتها لخدمة الجرحى والمصابين في الحرب التي بدأها جيش الاحتلال في أكتوبر/تشرين الأول 2023.



وتابع: "بعد تدمير مجمع الشفاء وخروج وحدات العناية المركزة عن الخدمة، لم نجد وسيلة لإنقاذ الجرحى إلا بنقلهم إلى المستشفى الإندونيسي، حيث يوجد نحو 9 أسرّة فقط، لكن هذا المستشفى تم تحييده بعد العدوان الموسّع مطلع أكتوبر 2024، والذي استمر أكثر من 100 يوم".

"عندها، لم يتبقَّ لنا سوى 3 أسرّة عناية مركزة في المستشفى الأهلي العربي (المعمداني)"، والحديث للطبيب الأشقر.

ونوّه إلى أن استهداف المنظومة الطبية، وفقدان القدرة على توفير أسرّة عناية مركزة كافية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الحالات الحرجة، أدى إلى ارتقاء العديد منهم خلال الحرب.

ولذلك، كانت الحاجة ماسة لإنشاء قسم عناية جديد في مجمع الشفاء. لم تكن المهمة طبية فقط، بل ملحمة إنسانية بكل المقاييس؛ إذ تمكّن فريق طبي، بمساعدة بعض العمال، من انتشال أسرّة عناية وأجهزة طبية من تحت الأنقاض، ونقلها إلى قسم تم تأهيله مؤخرًا، وفق الأشقر.



ويضيف أن العمل في القسم الجديد بدأ في 13 أبريل/نيسان 2025، بأربعة أسرّة فقط، وقد تمت زيادتها لاحقًا إلى 12 سريرًا، ومن المقرر رفع هذا العدد قريبًا لاستيعاب حالات أخرى، في ظل استمرار الحرب وتزايد الإصابات الحرجة.

ويكمل الأشقر حديثه: "الدمار الذي حل بالمجمع كبير جدًا، وبالكاد استطعنا استصلاح بعض المعدات والأسرّة لإنشاء قسم عناية مكثفة".

أما عن طبيعة الحالات التي تصل إلى القسم، فيؤكد أنها "صعبة وحرجة جدًا؛ إصابات في الدماغ، وفي أنحاء مختلفة من الجسد، وحالات بتر في الأطراف. التعامل معها ليس سهلًا. تصلنا كثير من الإصابات في الجزء العلوي من الجسد، تتحول سريعًا إلى موت سريري، بسبب الذخائر العسكرية المستخدمة وما تسببه من جروح عميقة".



ويلفت الأشقر أيضًا إلى أن قسم العناية بحاجة إلى طاقم طبي كبير، وكذلك تجهيزات خاصة بالمرضى والأطباء معًا، خصوصًا في ظل حالة الطوارئ نتيجة استمرار الحرب.

وأكد أن جميع الحالات التي تتلقى العلاج في العناية بحاجة إلى تحويل للعلاج خارج غزة، بسبب انعدام الإمكانيات الطبية اللازمة، بعد التدمير المتعمد الذي ألحقه جيش الاحتلال بالمنظومة الصحية في القطاع. وأشار إلى أن ذلك بات ضرورة ملحة لإيجاد متّسع لعلاج مرضى وجرحى آخرين بحاجة ماسة إلى الرعاية، في وقت امتلأ فيه القسم بالحالات الحرجة.