د محمد كامل القرعان
في كل زاوية من زوايا وطني الحبيب، ينبض القلب بحبٍ لا ينتهي، وتغني الروح بألحان الأرض والسماء. الأردن، ذلك الوطن الذي احتضنني منذ أول نفس، وأعطاني من خيره وأمانه، أصبح جزءًا مني، يسري في عروقي ويشع في عيني.
أكتب عن الأردن بدمي، لأن الكلمات لا تكفي للتعبير عن عمق مشاعري. أكتب عن الأردن، لأنني جزءٌ من هذا الوطن، ولأنني أؤمن أن كل حرفٍ أكتبه هو شهادة حبٍ ووفاء.
إلى وطني، إلى أهلي، إلى كل من يسهم في بناء هذا الصرح العظيم، أقول: سنظل معًا، نكتب تاريخًا جديدًا، ونحلم بمستقبلٍ أفضل. الأردن في دمي، وسيظل في دمي إلى الأبد.
في مدرسة والدي المرحوم بإذن الله تعالى النقيب كامل سليمان القرعان: حيث تعلمتُ معنى الولاء والانتماء في أروقة مدرسته ، لم تكن الدروس مقتصرة على المناهج الأكاديمية فحسب، بل كانت صفحات من تاريخ الوطن تُروى، وقيمٌ تُغرس في النفوس. فقد كان والدي، رحمه الله، أحد جنود الجيش العربي المصطفوي الذين خدموا في القدس ورام الله، مشاركًا في الدفاع عن الأرض والمقدسات وثرى الأردن الطهور . من خلال قصصه وتجربته، تعلمتُ أن الولاء والانتماء ليسا مجرد كلمات، بل هما سلوك وموقف والتزام.
بلد الشهداء والتضحيات
من جبال الشراة إلى صحراء وادي رم، ومن البحر الأحمر إلى البحر الميت، تتناثر قصص الأجداد وتاريخ الأبطال. كل حجر، كل شجرة، كل نسمة هواء، تحمل في طياتها حكاية عن كفاحٍ وتضحية، وعن حلمٍ لا يتوقف.
في هذا الوطن، تعلمت معنى الكرامة والوفاء. هنا، لا مكان للضعف أو الاستسلام. هنا، نواجه التحديات بابتسامة، ونحول الصعاب إلى فرص. الأردن ليس مجرد حدود جغرافية، بل هو روحٌ تتجسد في كل فرد، وفي كل فعلٍ نبيل.
بلد الحضارات والمواقف القومية والإنسانية
الأردن ليس مجرد وطن، بل هو مهدٌ للحضارات وميدانٌ للتضحيات. منذ العصور الحجرية، شهدت أرضه قيام العديد من الحضارات العريقة مثل المؤابية والعمونية والأنباط. وتجسد ذلك في مدينة البترا، العاصمة النبطية المنحوتة في الصخور الوردية، التي تُعد من عجائب الدنيا السبع الجديدة. كما كان للأردن دورٌ بارزٌ في التاريخ الإسلامي، حيث شهدت أرضه معركة مؤتة ومعركة اليرموك، اللتين سطر فيهما الجيش الإسلامي أروع ملاحم البطولة.
وفي العصر الحديث، ظل الأردن ثابتًا في مواقفه القومية والإنسانية، مدافعًا عن قضايا الأمة العربية والإسلامية. منذ تأسيسه، استقبل الأردن موجات النزوح البشري الهاربة من ويلات الحروب والكوارث، بدءًا من الشيشان والشركس، مرورًا بالثورة السورية الكبرى عام 1920م بقيادة الثائر سلطان باشا الأطرش، والنزوح الفلسطيني إثر النكبة عام 1948م والنكسة عام 1967م، وصولاً إلى حروب العراق والنزوح الأخير للأشقاء السوريين جراء الأزمة السورية التي اندلعت عام 2011م. وقف الأردن كدولة عصرية، بقيادة وحكومة وشعبًا، موقفًا مشرفًا، إيمانًا بمبادئ حقوق الإنسان وحق العيش الكريم للأفراد المعرضين للخطر، بالإضافة إلى حقوق اللاجئين وسلامتهم.