أخبار اليوم - حذّر المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، عدنان أبو حسنة، من الآلية الإسرائيلية الأمريكية لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، واصفًا إياها بأنها "خطة محكومة بالفشل"، وتنتهك القانون الدولي الإنساني، وتعرّض حياة الناس لـ"خطر شديد"، مع استمرار مجاعة تتسع يومًا بعد يوم.
وقال أبو حسنة: "طريقة توزيع المساعدات الحالية تُعرّض أمن وسلامة المواطنين المستفيدين لخطر بالغ. الناس جائعون والغضب يتفجّر. من يذهب لاستلام كوبونة غذائية أو وجبة طعام ولا يجد شيئًا، من الطبيعي أن تنفلت الأمور، وقد يُدمّر المكان وتحدث فوضى كبيرة".
وأمس، واصل الاحتلال الإسرائيلي استهداف المواطنين المدنيين الذين يحاولون الوصول إلى مناطق توزيع المساعدات الغذائية في محور نتساريم، وفي منطقة جنوبي قطاع غزة، حيث توافد عدد كبير من المدنيين، ما أسفر عن حالة من الفوضى العارمة، دفعت القائمين على مركز التوزيع إلى إغلاقه بشكل مؤقت.
ويُعاني قطاع غزة أزمة إنسانية وإغاثية كارثية منذ أن أغلق الاحتلال المعابر في 2 مارس/آذار الماضي، مانعًا دخول الغذاء والدواء والمساعدات والوقود، بينما يصعّد جيشه من حدة الإبادة الجماعية بحق سكان القطاع.
كارثة إنسانية
وأوضح أبو حسنة أن تقليص عدد مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة من 400 مركز كانت تديرها وكالة الأونروا والمؤسسات الدولية الأخرى، إلى أربع نقاط فقط، أمر لا يمكن وصفه إلا بأنه "كارثة إنسانية".
وقال: "كنا نعمل في 400 مركز، ومعنا آلاف الموظفين، وكنّا نجد صعوبة في إدارة التوزيع وسط مئات الآلاف من المواطنين. فكيف يمكن اختزال هذه المنظومة التي بُنيت خلال 76 عامًا إلى أربع نقاط فقط؟ كيف يمكن أن ينجح هذا؟".
وأضاف: "الناس يُجبرون على السير لمسافات تصل إلى 30 كيلومترًا مشيًا على الأقدام من أجل تسلّم كوبونة غذائية أو وجبة طعام. كيف يُطلب من جائع أن يسلك كل هذا الطريق؟ الأصل في العمل الإنساني أن تذهب إلى المحتاجين في أماكنهم، لا أن تُجبرهم على الذهاب إلى أماكن بعيدة".
واعتبر أبو حسنة أن هذه الآلية الجديدة تُخالف كل مبادئ القانون الدولي الإنساني ومواثيق الأمم المتحدة، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة، التي تؤكد على أن تقديم المساعدات يجب أن يتم باستقلالية وعدالة وحياد تام، بعيدًا عن أي اعتبارات.
وقال: "اختزال العمل الإنساني في قطاع غزة بأربعة مراكز توزيع وعشرات الأشخاص الأمنيين الذين لا يملكون البيانات ولا الخبرة ولا التنظيم، فضلًا عن الحديث عن بصمة وفحص وجوه في مراحل لاحقة، هو انتهاك مباشر لاستقلالية وحيادية العمل الإنساني".
العودة إلى المنظومة الأممية
وشدّد أبو حسنة على أن الحل الوحيد لتفادي الانهيار الإنساني في غزة هو العودة إلى "المنظومة الأممية"، موضحًا أن وكالة أونروا تمتلك كل الإمكانات اللوجستية والبشرية اللازمة لإدارة هذه المهمة.
وقال: "لدينا 13 ألف موظف في غزة جاهزون للعمل فورًا. ولدينا المراكز، والشاحنات، والخبرة، والأهم ثقة الناس. لا يمكن النجاح في توزيع المساعدات من دون مزوّد خدمات موثوق. كنا نوزّع من خلال 400 مركز، ونجحنا لأننا عملنا بشفافية منذ 1950".
ودعا إلى العودة الفورية إلى الخطة التي قدّمها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قائلًا: "هذه الخطة تتكون من خمس نقاط، وتشمل إدخال المساعدات عبر المعابر، وصولها إلى المخازن، ثم توزيعها من قبل الأمم المتحدة بالاسم. هذه هي الطريقة الوحيدة لمنع الفوضى، وكل ما عدا ذلك سيؤدي إلى تفاقم الكارثة".
وأشار أبو حسنة إلى فشل جميع البدائل التي طُرحت، مثل الميناء العائم المؤقت وعمليات الإسقاط الجوي، والتي وصفها بأنها "استعراضية وغير مجدية"، مضيفًا: "اضطروا في النهاية للعودة إلى المنظمات الأممية. الأمور ليست بهذه البساطة. لا يمكن أن تضع خريطة وتُقرر أن على مئات الآلاف التوجّه إلى أربع نقاط توزيع. هذا يُخالف المنطق والواقع".
اتهامات كاذبة
وفيما يتعلق بالاتهامات الإسرائيلية بشأن سيطرة حماس على المساعدات، نفى أبو حسنة هذه المزاعم بشكل قاطع، قائلًا: "(إسرائيل) لم تُقدّم أي دليل على أن حماس أو أي فصيل فلسطيني سيطر على المساعدات التي وصلت إلى مؤسسات الأمم المتحدة. نحن ننفّذ معظم العمليات الإغاثية في غزة، ولم يحدث أن سيطر أي فصيل على مخازن الأونروا. ولو حدث ذلك، سنخرج فورًا، ونُصدر بيانًا واضحًا، وسنرفض هذا السلوك رفضًا مطلقًا. هذه اتهامات غير مدعومة بأي دليل".
وختم حديثه بالتأكيد على أن هناك ضغطًا دوليًا متزايدًا تجاه ما يحدث في غزة، سواء من حيث التجويع أو التدمير الشامل، قائلًا: "الجميع يدرس ما حدث، ويبحث كيف يمكن تجاوزه.. العودة إلى الأمم المتحدة هي السبيل الوحيد للسيطرة على الوضع، وكل تأخير في هذا المسار ستكون نتائجه كارثية".
المصدر / فلسطين أون لاين