حرمان الطلبة من الامتحانات بسبب الذمم المالية يثير جدلاً واسعًا: دعوات لإعادة تنظيم العلاقة بين الطالب والجامعة

mainThumb
حرمان الطلبة من الامتحانات بسبب الذمم المالية يثير جدلاً واسعًا: دعوات لإعادة تنظيم العلاقة بين الطالب والجامعة

25-06-2025 10:20 AM

printIcon


أخبار اليوم – عواد الفالح

أثار قرار بعض الجامعات الخاصة في الأردن منع طلبتها من دخول قاعات الامتحانات النهائية بسبب تراكم الذمم المالية، حالة من الاستغراب والاستهجان الشعبي والأكاديمي، بعد أن انتشرت مشاهد مؤلمة لطلبة يُحرمون من تأدية امتحاناتهم، فيما يحاول آخرون الدخول إلى الكليات عبر النوافذ، وسط بكاء وتوسّل وارتباك نفسي عميق.

هذه الممارسات، التي طالت طلبة من مختلف التخصصات، طرحت مجددًا سؤالًا حادًا حول مشروعية ربط الحقوق الأكاديمية بالمقدرة المالية، ومدى توافقها مع القيم التعليمية والرسالة الإنسانية التي يُفترض أن تحملها المؤسسة الجامعية في المقام الأول.

ففي الوقت الذي تواجه فيه الأسر الأردنية ضغوطًا اقتصادية متزايدة، وتتصاعد كُلف التعليم الجامعي، باتت بعض الجامعات تتعامل مع التعليم بوصفه سلعة تخضع فقط لمعادلات الجباية، لا كرسالة وطنية تسهم في تنمية الإنسان، وهو ما انعكس بوضوح في الإجراءات التي منعت مئات الطلبة من استكمال امتحاناتهم بسبب عدم قدرتهم على دفع الرسوم المستحقة.

وفي المقابل، يُجمع كثير من المراقبين على أن الجامعات، بوصفها مؤسسات ذات استقلال مالي، من حقها أن تحصّل مستحقاتها، لكنها مطالبة في الوقت ذاته بالتوازن بين هذا الحق وحق الطالب في استكمال تعليمه دون إهانة أو إذلال أو تهديد بضياع مستقبله. فالمحاسبة يمكن أن تتم بعد نهاية الفصل، ومنع الطالب من التسجيل للفصل اللاحق إذا لم يُبرئ ذمته المالية، دون المساس بحقوقه الأساسية في الدراسة وتأدية الامتحانات.

ويؤكد مختصون في الشأن التربوي لـ"أخبار اليوم" أن الحل لا يكمن في ممارسات الضغط، بل في أنظمة تقسيط مرنة، وشراكات مع صناديق إقراض أو دعم، وتوسيع مظلة المسؤولية المجتمعية، حتى لا يتحول الطالب إلى ضحية مزدوجة: ضحية لضعف دخله، ولغياب العدالة في أساليب التحصيل المالي.

كما أن استمرار هذه الممارسات، دون تدخل واضح من وزارة التعليم العالي، يُثير تساؤلات حول دور الجهات الرقابية في ضمان التوازن بين حقوق المؤسسات وحقوق الطلبة، ويضع علامات استفهام حول فلسفة التعليم الجامعي في الأردن، خصوصًا في المؤسسات التي تُفترض فيها المساهمة في التمكين لا الإقصاء.

إن صور الطلبة الواقفين على بوابات الجامعات، والممنوعين من الدخول بسبب الذمم المالية، لا تليق بمشهد التعليم العالي الأردني، ولا تعكس قيمة الإنسان الذي يُفترض أن يكون محور العملية التعليمية. كما أنها تُرسل رسالة سلبية للمجتمع بأكمله، مفادها أن الكلفة مقدّمة على الكفاءة، وأن القدرة المالية مقدمة على الحق في التعليم.

وفي سياق متصل، عبّر عدد من الطلبة في حديثهم لـ"أخبار اليوم" عن شعورهم بالإحباط والخذلان من الطريقة التي عوملوا بها، مؤكدين أن أغلبهم لا يرفض سداد المستحقات، ولكنهم يطالبون بأن يكون هناك تفهّم للظروف الاقتصادية الصعبة، لا سيما وأن معظم الطلبة يعتمدون على أسر ذات دخل محدود، أو يعملون جزئيًا لتأمين أقساطهم.

وأكد الطلبة أن حرمانهم من دخول الامتحانات ليس حلاً، بل هو إجراء يُضاعف من معاناتهم النفسية والأكاديمية. واقترحوا أن تُمنح الجامعات مرونة أكبر في إتاحة الامتحانات للجميع، على أن تُربط عملية التسجيل للفصل التالي ببراءة الذمة المالية، أو أن يُتاح للطلبة توقيع تعهدات مالية تقسيطية تحافظ على حق الجامعة دون الإضرار بمستقبلهم الدراسي.

ويأمل الطلبة أن يُعاد النظر جديًا في هذا الملف، وأن تُقدّم الجامعات نموذجًا أخلاقيًا قبل أن تكون مشروعًا ماليًا، وأن تُعامل الطالب كشريك في العملية التعليمية، لا كمدين عليه أن يدفع قبل أن يتعلّم.