أخبار اليوم - تواصل (إسرائيل) خنق حياة المدنيين في غزة، بسلاحي الجوع والعطش، إلى جانب الصواريخ والقذائف، وسط ارتفاع ملحوظ في أعداد المصابين بسوء التغذية من الأطفال والبالغين، الذين يتدفقون نحو منظومة صحية عاجزة عن مجابهة الواقع المرير لحرب الإبادة المستمرة منذ 21 شهرًا.
ووفق إحصائيات حديثة، قدّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن طفلًا من كل عشرة يخضعون للفحص في عياداتها يعاني من سوء التغذية. كما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن تشخيص أكثر من 5800 حالة إصابة بسوء التغذية بين الأطفال خلال شهر يونيو الماضي، مشيرة إلى أن هذه الزيادة تُسجّل للشهر الرابع على التوالي.
وأمام خيمتها المتواضعة على شاطئ بحر مدينة دير البلح، تجلس ريهام حسونة، التي نزحت من مدينة خان يونس عشر مرات منذ بدء الحرب، تواجه مصيرًا مجهولًا.
تقول ريهام (42 عامًا): "لقد أرهقتنا الحرب. الأمراض غزت أجسادنا، بل شِخنا جميعًا... أين العالم؟ أين المنظمات الأممية والحقوقية؟ أوقفوا هذه الإبادة".
وتضيف: "أطفالنا يصرخون من الحر والجوع.. منذ أسبوع لم نتذوق الخبز".
وتخلو غزة، التي يعيش سكانها نحو مليوني نسمة في مناطق لا تتجاوز 15% من مساحة القطاع بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية، من الدقيق. ولا يُتاح هذا العنصر الحيوي إلا عبر "طريق الموت" المؤدي إلى نقاط توزيع (مؤسسة غزة الإنسانية)، المثيرة للجدل والمدعومة من الولايات المتحدة و(إسرائيل).
ووثقت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 875 فلسطينيًا خلال الأسابيع الستة الماضية أمام نقاط توزيع المساعدات المحاذية لمواقع الجيش الإسرائيلي.
مرض وجوع
داخل خيمتها البلاستيكية، تحتضن منال سحويل ابنتها دانا، المصابة بالشلل الدماغي منذ ولادتها. وتشكو الأم من صعوبة الحياة بعد استشهاد زوجها في هذه الحرب، تاركًا لها ستة أطفال، أحدهم بحاجة يومي للعلاج والغذاء والماء النظيف.
تقول لـ"فلسطين أون لاين": "لا أستطيع توفير أدنى متطلبات الحياة لأطفالي؛ لا طعام، لا شراب، ولا حتى حفاضات.. غالبية الأيام ينام الأطفال جوعى".
ولا تأمل منال سوى بانتهاء الحرب والمجاعة، وتأمين الغذاء والدواء لطفلتها التي تتردد يومًا بعد آخر على المستشفيات لتُغذّى بـ"المحلول الإشباعي".
وفي السياق، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين: "العائلات في غزة تتضور جوعًا، بينما يملك البرنامج ما يكفي من الغذاء على الحدود لإطعام أكثر من مليون شخص لمدة أربعة أشهر. ومع ذلك، لا يمكننا إيصال هذه المساعدات إليهم بسبب الإغلاق الإسرائيلي المحكم لجميع المعابر منذ مطلع مارس/ آذار الماضي".
لا تغييرات ملموسة
في الأيام الأخيرة، أُشيع عن اتفاق بين الاتحاد الأوروبي و(إسرائيل) يسمح بدخول المزيد من شاحنات الغذاء إلى غزة وفتح نقاط عبور إضافية، بحسب ما أعلنته مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس.
لكن مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة، أمجد الشوا، نفى علمه بوجود مثل هذا الاتفاق، مؤكدًا أن غزة تعاني مجاعة وكارثة إنسانية غير مسبوقة.
وقال الشوا لـ"فلسطين أون لاين": "(إسرائيل) ما زالت تُحكم حصارها العسكري على جميع المعابر، ولا تسمح بدخول شاحنات المساعدات أو الإمدادات الغذائية أو الدوائية أو حتى مستلزمات الأطفال".
وأضاف: "سمعنا عن هذا الاتفاق إعلاميًا فقط، لكن لا تغييرات ملموسة أو خطوات ميدانية. الأوضاع الحياتية والمعيشية تزداد سوءًا بعد 135 يومًا من الإغلاق المحكم لجميع منافذ غزة".
وأشار إلى حالة الانهيار التي تعاني منها مستشفيات القطاع، نتيجة نفاد الأدوية والوقود والمستلزمات الطبية، ما يضاعف الخطر على حياة المرضى والأقسام الصحية.
كما تطرّق إلى أزمة المياه في فصل الصيف، الناتجة عن تدمير الاحتلال لـ85% من البنية التحتية ومنعه إدخال الوقود اللازم لتشغيل آبار المياه المتبقية، ما أجبر السكان على استخدام مياه غير آمنة، وهو ما تسبب في تفشي الأوبئة والأمراض.
وأكد الشوا أن الاحتلال يتعمّد "هندسة الجوع" في غزة، ويعمل على عسكرة المساعدات والسيطرة عليها، بهدف تعميق الأزمة الإنسانية في القطاع المنكوب.
وطالب في ختام حديثه المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لفتح جميع المعابر بشكل كامل، والسماح للمنظمات الأممية والأهلية بإدخال الإمدادات الغذائية والطبية والحياتية، وصولًا إلى وقف حرب الإبادة الجماعية.
فلسطين أون لاين