أخبار اليوم - ساره الرفاعي
على الرغم من أن الدستور والقوانين الأردنية لا تمنع المرأة من الترشح لرئاسة مجلس النواب، إلا أن الواقع السياسي يظهر أن هذا المنصب لا يزال حكرًا على الرجال. فمنذ تأسيس المجلس، لم تترشح أي سيدة أردنية لهذا الموقع القيادي، وهو ما يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا الغياب.
للإجابة على هذا السؤال، استطلعنا آراء عدد من النائبات الأردنيات. النائبة دينا البشير ترى أن الإشكالية لا تكمن في غياب الحق القانوني، بل في مجموعة من التحديات العملية والاجتماعية التي تواجه المرأة داخل قبة البرلمان وخارجها.
وتوضح البشير أن جزءًا من النواب لا يزال ينظر إلى المرأة على أنها لا تستحق أكثر من منصب "المساعد"، وأن ترشحها للرئاسة يُعد منافسة على دور تقليدي يُعتبر حكرًا على الرجال. كما تشير إلى أن طبيعة رئاسة المجلس، التي تتطلب حزمًا في إدارة الجلسات الحادة، قد تثير شكوك البعض في مدى تقبّلهم لقرارات المرأة واحترامها.
ولا تقف التحديات عند هذا الحد، بل تمتد إلى العرف الاجتماعي. فالرئيس مطالب بحضور واسع في المناسبات العامة، وهي مسؤوليات يرى البعض في المجتمع الذكوري أنها أكثر صعوبة على المرأة.
كما أن بناء التحالفات داخل المجلس غالبًا ما يعتمد على العلاقات الشخصية، وهو أسلوب لا تميل إليه النساء بنفس القدر، بحسب النائبة البشير، التي تؤكد أن النساء يفضلن الأسلوب العادل والمنصف الذي قد لا يخدم "منطق الصفقات" الذي يميز بعض التفاهمات الداخلية.
وتضيف أن التركيبة العددية للمجلس التي يغلب عليها العنصر الذكوري، تساهم في توجيه التحالفات الانتخابية الداخلية لصالح النواب الرجال.
من جانبها، ترى النائبة أروى الزبون أن المرأة الأردنية ما زالت في مرحلة ترسيخ مكانتها داخل المجلس، حيث "بالكاد.. وللتو تم التعامل مع مقعدها البرلماني كمسار منفصل وذو كيان خاص فيه وليس مجرد حشوة".
وتضيف أن قانون الانتخابات الجديد وقانون الأحزاب ساهما في تعزيز التمثيل النسائي، لكنها تؤكد أن هذا لا يزال غير كافٍ.
وتوضح الزبون أن الرغبة والإمكانيات لدى المرأة للترشح لرئاسة المجلس موجودة بالفعل، لكنها تحتاج إلى مقومات دعم تتيح لها الإعلان عن هذه الرغبة والدخول في مضمار التنافس. وتشدد على ضرورة أن يتواءم المجتمع والحكومة والمؤسسات مع النصوص الدستورية التي تساوي بين المرأة والرجل في العمل السياسي.
وفي ختام حديثها، أعربت النائبة أروى الزبون عن أملها في أن ينعكس إقرار قانون لجنة شؤون المرأة على المشهد السياسي القادم للمرأة البرلمانية الأردنية.
ورغم كل هذه التحديات، تظل هناك بارقة أمل. فالنائبة دينا البشير ترى أن الطريق ليس مغلقًا، وتؤكد أن تعزيز الحياة الحزبية وتطوير آليات العمل البرلماني سيحول معيار انتخاب رئيس المجلس من معادلات شخصية واجتماعية إلى معايير سياسية وبرامجية، وهو ما سيمنح المرأة فرصة حقيقية للتنافس على هذا الموقع الرفيع.
وعندها فقط، يمكن أن نشهد لأول مرة في تاريخ الأردن ترؤس سيدة لمجلس النواب، في خطوة ستكون انعكاسًا لتطور المجتمع وتقدمه في مسار المساواة والعدالة.