أخبار اليوم - روى متعافون من آفة المخدرات شاركوا برحلة عمرة نظمتها مديرية الأمن العام تفاصيل حول ما جرى معهم، ورحلة علاجهم، ومشاركتهم بأنشطة تأهيلية كان آخرها رحلة العمرة التي نظمتها المديرية بالتعاون مع جهات شريكة.
وقال أحد المتعافين المشاركين بالرحلة في حديث لإذاعة الأمن العام، أنه وللأسف كان قد دخل عالم المخدرات من باب التجربة بعدما أقنعه أحد الأشخاص بتعاطي أول حبة على أنها وسيلة للراحة وتغيير المزاج، لكنه سرعان ما اكتشف أن الأمر كان بداية لدوامة مظلمة وطريق مليء بالسواد.
ووجه شكره لمديرية الأمن العام على تمكينه من العلاج في رحلة تعافٍ رفعت من مستوى ثقته بنفسه ومنحتّه التفاؤل والأمل وأعادته إلى طريق الطموح والرضا عن نفسه ومكنته من العودة إلى ممارسة حياته الطبيعية بعد أن فتح باب العلاج أمامه طريق جديد.
وأشار إلى أنه خسر الكثير خلال سنوات الإدمان بدءاً من علاقته مع رب العالمين وابتعاده عن الصلاة مرورًا بفقدان ثقة الأهل والأصدقاء وصولًا إلى انهيار مكانته الاجتماعية، كما أن الإدمان أفقده الثقة بنفسه ودفعه إلى ممارسات لم يكن يتصور أن يقوم بها يومًا مثل السرقة والكذب، إذ أن المواد المخدرة دمرت حياته بشكل كبير جداً وغير طبيعي.
فيما وصف متعافٍ آخر شعوره عند رؤية الكعبة لأول مرة كان مختلفًا، إذ لم يتمالك دموعه رغم أنه لم يبكِ من قبل حتى في المواقف الصعبة وفقدان الأحبة من قبل، لافتاً إلى أن الوقوف أمام بيت الله الحرام منحه سلامًا داخليًا لم يعرفه من قبل، وكان رسالة واضحة له أنه يسير في الطريق الصحيح.
وأضاف أنه كان محظوظًا بالمضي في مسيرة العلاج التي وفرها مركز العلاج التابع لإدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام، والتي كان آخرها حصوله على فرصة لأداء مناسك العمرة، موضحًا أن هذه الرحلة شكلت نقطة تحول مهمة في حياته، وأعادت إليه الكثير من القوة الروحية والدافعية للاستمرار في التعافي ومكنته من إعادة بناء حياته كما كانت قبل التعاطي والعودة إلى سوق العمل وأعطته شعورًا بالاستقرار والثقة بالنفس.
وأشار المتعافون إلى أن مركز العلاج لعب دورًا أساسيًا في دعمهم وإعادة دمجهم في المجتمع، حيث وفر لهم بيئة آمنة وسرية تامة، وأعاد لهم الثقة بأنفسهم كما عزز من علاقاتهم الأسرية والاجتماعية.
وأجمعوا في حديثهم عن أن التجربة القاسية التي مروا بها على أنها يجب أن تكون عبرة للشباب داعين كل من تورط في هذا الطريق إلى التوقف فورًا والتوجه للمراكز العلاجية، مؤكدين أن الأمل موجود، وأن التعافي ممكن بالإرادة الصادقة والثقة بالله، مشيرين إلى أن رسالتهم اليوم هي أن يكونوا خير ناصحين لغيرهم حتى لا يقعوا في نفس الفخ.
وفي ختام شهادتهم، نوهوا إلى أن الأمل موجود دائمًا، وأن التعافي ممكن لكل من يتخذ القرار الصادق بالابتعاد عن المخدرات، داعين الشباب إلى المبادرة فورًا والبحث عن المساعدة قبل أن يفقدوا كل شيء. وأكدوا أن الإرادة، والدعم، والبرامج العلمية، والبيئة الإيجابية في المركز هي الأساس لإعادة بناء الحياة واستعادة الصحة النفسية والاجتماعية.
من جهته، بين رئيس مركز علاج المدمنين المقدم يزن الشاعر في حديثه لإذاعة الأمن العام إن الجهود التي تبذلها مديرية الأمن العام في مجال مكافحة المخدرات تمضي بعزم وبمتابعة حثيثة وتوجيهات مباشرة من مدير الأمن العام اللواء الدكتور عبيدالله المعايطة، وتتوزع على ثلاثة محاور رئيسية، هي محور التوعية أولاً ومن ثم محور العمليات إضافة إلى محور العلاج وإعادة التأهيل و الدمج بالمجتمع كواحد من أهم المهام الإنسانية لمديرية الأمن العام.
ونوه إلى أن مديرية الأمن العام تتعامل مع المدمن كشخص مريض يستحق الحصول على فرصة ثانية، مبيّناً أن الإدمان وحسب الدراسات العلمية ثبت أنه مرض يمكن التعافي منه وليس وصمة عار لا يمكن تجاوزها كما يعتقد الكثير، داعيا أي شخص حاد عن الطريق القويم عدم التردد هو أو أحد ذويه من التواصل مع إدارة مكافحة المخدرات أو أي من الأقسام التابعة لها في المحافظات والخضوع للعلاج السري المجاني المعفي من الملاحقة القانونية.
وأشار إلى أن مديرية الأمن العام حملت على عاتقها تشغيل المركز بجميع تفاصيله وبرامجه، انطلاقاً من حرصها على إنجاح مرحلة العلاج ومساندة المتعافي في تجاوز الظروف الصعبة بالتعاون مع الشركاء الرسميين كوزارة الصحة ومؤسسات المجتمع المدني من خلال إطلاق مبادرات نوعية من بينها تنظيم رحلة العمرة التي جرى تنظيمها بالتعاون مع مديرية الإعلام والشرطة المجتمعية وأحد الشركاء الداعمين، وشملت مجموعة من المتعافين لتكون رسالة دعم موجهة لهم ولأسرهم بأن هناك من يؤمن بقدرتهم على العودة إلى الطريق الصحيح والحياة الطبيعية.
ونوه إلى أن رحلة العمرة جاءت ضمن برنامج إعادة التأهيل والدمج بالمجتمع حيث وقع الاختيار على مجموعة أثبتت التزامها وجديتها في العلاج مؤكداً أن مثل هذه المبادرات ستستمر بشكل دوري لتشمل أعداداً أكبر.
وشكر المقدم الشاعر في ختام حديثه لأمن إف إم شركة السياحة والسفر التي دعمت المبادرة مؤكداً على أن مثل هذه المبادرات تعزز الوعي المجتمعي، وتشجع الأسر على دعم أبنائها في العلاج بدلاً من الخوف أو الإخفاء، وتفتح الباب أمام المجتمع ككل لتعزيز قيم التسامح والإيمان بقدرة الإنسان على النهوض من جديد مضيفاً أن الأثر الإيجابي بدا واضحاً على وجوه المتعافين الذين شاركوا في رحلة العمرة، إذ شعروا بفرصة جديدة تدفعهم لمواصلة العلاج والتمسك بالاستقامة، حتى أن بعضهم بدأ بالمداومة على الصلاة وقراءة القرآن داخل المركز منذ سماعهم بالرحلة، ليكونوا جاهزين لهذه الفرصة الايمانية.