أخبار اليوم - في خضم التوتر المتصاعد بين القاهرة وإسرائيل، انتشرت صور ومقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي زعم ناشطون أنها توثق تحركات عسكرية استثنائية للجيش المصري.
وتوحي هذه المشاهد بأن التدابير العسكرية المصرية تحمل في طياتها تهديدا لإسرائيل لمنع اقترابها من الحدود أو التصعيد عبر المضي قدما في مخطط تهجير الفلسطينيين، خاصة في ظل الجدل القائم حول معبر رفح الحدودي.
ونشرت هذه المقاطع مصحوبة بعبارات مثيرة، مثل "دقت طبول الحرب، الجيش المصري يتحرك نحو الحدود، مصر تنشر أنظمة دفاع جوي متطورة في سيناء" مما ساهم في تداول هذه المشاهد بسرعة كبيرة.
تفنيد السياق
غير أن فريق "الجزيرة تحقق" تتبع مصادر الصور والفيديوهات، والمعلومات المصاحبة لها، بهدف تفنيد سياقها وكشف علاقتها بالخلاف المصري الإسرائيلي.
وتداول رواد المنصات مقطع فيديو على فيسبوك زعموا أنه يوثق تحرك الجيش المصري نحو الحدود استعدادا للحرب، إذ يظهر المقطع رتلا عسكريا ضخما على قطار سكة حديدية.
وقام فريقنا بتحليل اللوحات والمواد البصرية الظاهرة في مقطع الفيديو المتداول، وبعد مقارنتها مع صور أخرى من المصادر المفتوحة يتبين التطابق الكامل، مما يؤكد أن الفيديو التقط في مدينة جرجا بمحافظة سوهاج في صعيد مصر.
كما توصلنا إلى نسخة قديمة من نفس الفيديو على "تيك توك" ما ينفي علاقته بتحركات عسكرية حديثة.
وفي الوقت ذاته، رصد فريقنا مقطع فيديو يوثق عبور نفس الآليات من مدينة البلينا بالمحافظة نفسها في فبراير/شباط 2023، وبمراجعة بيانات الهيئة القومية لسكك حديد مصر يتبين أن المدينتين على خط واحد بالقطار، مما يعزز فرضية سير هذه الآليات نفس المسار آنذاك.
كما نشر حساب آخر صورة داخل مجموعة بفيسبوك تحمل اسم "الجيش المصري العظيم" -يتابعها أكثر من 200 ألف شخص- وتظهر سير دبابات مصرية على طريق سريع، وأرفقها بعبارة "مباشر الآن، القوات المسلحة المصرية من على طريق السويس".
لكن بحث فريق "الجزيرة تحقق" توصل إلى أن الصورة مأخوذة من مقطع فيديو قديم نشرته وزارة الدفاع المصرية على يوتيوب، ويوثق مشاهد من مناورة "حسم 2020" لتشكيلات ووحدات المنطقة الغربية العسكرية بالتعاون مع الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة قبل 5 سنوات.
تحليق فوق العريش
كما نشر حساب على منصة "إكس" مقطع فيديو قيل إنه يظهر تحليق الطيران الحربي المصري في سماء شمال سيناء وسط فرحة سكان العريش.
غير أننا رصدنا مقطع فيديو آخر مشابها على "تيك توك" يتزامن مع توقيت نشر الفيديو، زعم ناشره أنه التقطه من مدينة 6 أكتوبر بالجيزة، ويرجح أن الصور لطلعات جوية ضمن فعاليات تدريب "النجم الساطع 2025" بعدد من القواعد الجوية المصرية.
وقد لاقت منشورات أخرى تداولا واسعا عبر المنصات الرقمية، تزعم أن مصر نشرت أنظمة الدفاع الجوي الصينية من طراز "إتش كيو-9 بي" بعيدة المدى في سيناء.
وتبين لفريق "الجزيرة تحقق" أن كل هذه الادعاءات غير صحيحة، إذ لم تستند إلى مصادر موثوقة، ولم تعلن القاهرة رسميا امتلاكها للصواريخ الاعتراضية الصينية الحديثة، بل استندت هذه المنشورات إلى تقارير غير موثوقة، مصدرها مواقع غير رسمية.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل حقق مقطع آخر ملايين المشاهدات على "تيك توك" إذ ادعت حسابات على "تيك توك" أن الفيديو يظهر مهارة الطيران المصري أثناء التحليق فوق سيناء، وذلك على أنغام الأناشيد الوطنية.
كما شاركت حسابات أخرى صورة توثق تحرك أعداد ضخمة من الجيش المصري إلى سيناء، ليتبين أنها قديمة أيضا ولها نسخة سابقة على "تيك توك" بتاريخ 11 أبريل/نيسان الماضي، كما أنها مولدة الذكاء الاصطناعي.
وقد تداولت حسابات هذا المقطع على أنه التقط من مدينة رفح المصرية حديثا، لكن الفيديو معدل عليه وله نسخة قديمة منشورة على فيسبوك بتاريخ 29 يونيو/حزيران الماضي على أنه من ليبيا.
ويأتي انتشار هذه المقاطع المضللة في ظل الخلاف الدائر بين مصر وإسرائيل بشأن الأوضاع في غزة وتهجير سكان القطاع، وهو ما ساهم في تسريع تداولها على المنصات الرقمية وتضخيمها باعتبارها إشارات على استعدادات عسكرية مصرية.
وفي ظل الأوضاع الراهنة، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي -خلال كلمته بالقمة العربية الطارئة التي انعقدت في قطر لبحث الهجوم الإسرائيلي- أن بلاده "لن تقبل بالاعتداء على سيادة دولها، ولن تسمح بإفشال جهود السلام".
مواقع التواصل الاجتماعي