بقلم: د. ميرفت مهيرات
ليس سرًّا أن الأردن يعيش مرحلة مليئة بالتحديات بدء من ارتفاع الاسعار التي ترهق الناس، والفرص الضيقة ، شباب يطمح لأفق أوسع لكن ما يميّز هذا البلد الكبير بأهله هو أنه لا يعرف الانكسار، بل يتقن فنّ الصمود، ويحوّل الصعاب إلى حوافز للنهوض من جديد وربما لأنني عشت جزءًا من تفاصيل العمل العام، رأيت أن تغييرنا يبدأ من داخلنا دوما.
فمنذ تأسيس الدولة، والأردني يتعلّم كيف يصنع الكثير بالقليل صحيح الموارد محدودة ؛ لكن الادارة لا تيأس في كل أزمة مرّت، و الشعب ينهض بابتسامة فيها تعب، وفيها عناد المحبّين. الأردني بطبعه لا يحبّ الشكوى، يحبّ الفعل فهو لا ينتظر الفرج، بل يصنعه بيديه.
في السنوات الأخيرة، تعلّمنا أن التحديات ليست نهاية الطريق، بل بدايته من رحم الأزمات خرجت مبادرات شبابية، ومشاريع مجتمعية، وأفكار ريادية في الجامعات والأرياف والمدن، شبابٌ يعملون بصمت، نساءٌ يزرعن الأمل في مجتمعاتهن، ومؤسسات صغيرة تحاول رغم كل الصعوبات أن تبقى وتكبر، هذه القصص لا تُروى كثيرًا، لكنها تمثل جوهر “الأردن الحقيقي” الذي لا يُقاس بالأرقام فقط، بل بالقلوب التي لا تيأس.
نحن بلد يملك رأس مال اسمه “الإنسان” وإذا كانت الدول الغنية تُبنى على النفط أو الذهب، فالأردن بُني على الوعي، وعلى قيم النخوة والوفاء والاحترام ،هذا ما جعلنا ننجو من عواصف كثيرة ضربت المنطقة من حولنا، لأن وحدتنا الداخلية كانت درعًا من الثقة والمحبة والوعي.
ولا يمكن الحديث عن صناعة الأمل في الأردن دون الإشارة إلى الرؤية الهاشمية التي تقود هذا الوطن بثبات نحو المستقبل.
جلالة الملك عبدالله الثاني حمل منذ توليه الراية همّ الإصلاح والنهضة، فكانت توجيهاته الدائمة تركّز على تمكين الإنسان وبناء دولة الإنتاج والاعتماد على الذات.
وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله جسّد الأمل في جيل الشباب، بتواصله القريب، ومبادرته الدائمة لتمكين الطاقات الأردنية الشابة في كل الميادين.
وجلالة الملكة رانيا العبدالله، بصوتها الملهم واهتمامها بالجيل الجديد، تجعلنا نؤمن أن الشباب والنساء هم قلب كل نهضة، وأن المستقبل يبدأ بخطوات صغيرة نخطوها اليوم
هذه القيادة التي تقود بعقل الدولة وقلب الشعب هي التي جعلت الأردن ثابتًا رغم كل ما يحيط به.
صحيح أن الطريق طويل، وأن الإصلاح ليس قرارًا يُتخذ بل مسارًا يُبنى لكن التغيير يبدأ عندما نؤمن أننا شركاء في الحل، لا متفرجون على المشكلة بدأ من الطالب الذي يحلم بفرصة، إلى المعلم الذي يزرع المعرفة، إلى المسؤول الذي يخاف الله في عمله… كلّهم خيوط في نسيج الوطن.
الأردن اليوم بحاجة إلى جرعة أمل صادق، لا منمّق ولا مزيّف أمل نزرعه بالفعل، لا بالخطاب ، أمل يعترف بالتعب، لكنه لا يبرّر الاستسلام ولأننا أبناء هذا البلد، نعرف تمامًا أن بين جباله ووديانه حكاية متجددة عنوانها: “كل مرة نتعب… ننهض من جديد.”
فالأردن لم يكن يومًا دولة عابرة في الجغرافيا، بل قصة إنسان يعرف كيف يحوّل العتمة إلى ضوء.
وهذا ما يجعلنا نؤمن، مهما اشتدّت العاصفة، أن الغد سيكون أجمل، لأننا ببساطة نصنع الأمل من رحم التحدي
فالأمل الأردني ليس شعارًا… بل أسلوب حياة نعيشه كل يوم، ونعيده إلى الواجهة رغم التعب.