سقوط الفاشر .. شهادة مروعة لنازحة سودانية عن عمليات القتل الميدانية

mainThumb
سقوط الفاشر.. شهادة مروعة لنازحة سودانية عن عمليات القتل الميدانية

29-10-2025 09:44 AM

printIcon

أخبار اليوم - روت إحدى النازحات في السودان أنّ قوات الدعم السريع اعتدت على رجال وأطلقت النار عليهم أثناء فرارهم من مدينة الفاشر المحاصرة منذ فترة طويلة في إقليم دارفور، غربي السودان، بعدما أحكمت سيطرتها عليها. وتؤكد تصريحات مسؤولي إغاثة وصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو غير الموثقة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي تلك الروايات المروّعة.

ومع سقوط الفاشر، آخر معقل رئيسي للجيش السوداني في دارفور، في أيدي قوات الدعم السريع، يوم الأحد، كانت إكرام عبد الحميد وأربعة من أفراد أسرتها، بينهم حفيدها الرضيع، من بين آلاف المدنيين الذين حاولوا النزوح. وتقدم روايتها، في تسجيل صوتي حصلت عليه وكالة رويترز بعد وصولها إلى بلدة قريبة تسيطر عليها قوات محايدة، شهادة نادرة عن الأحداث داخل المدينة التي انقطعت فيها شبكات الهاتف المحمول بالكامل.

وحذرت منظمات إغاثة وناشطون من احتمال وقوع هجمات انتقامية بدوافع عرقية بعد تغلب قوات الدعم السريع على الجيش والمقاتلين المتحالفين معه، وكثير منهم من عرقية الزغاوة. ويعزز تقدّم قوات الدعم السريع، بعد حصار دام 18 شهراً، سيطرتها على دارفور، حيث وُجهت إليها سابقاً اتهامات بارتكاب جرائم قتل ذات دوافع عرقية. كما يرسخ هذا التقدّم الانقسام الفعلي للبلاد بين حكومتين متنازعتين. ويرى محللون أن قوات الدعم السريع قد تستغل هذا الزخم لتوسيع نطاق سيطرتها في مناطق أخرى.

وتسببت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف العام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ما صنفته الأمم المتحدة أكبر أزمة إنسانية في العالم، مع تفشي الجوع الحاد والمجاعة في مناطق عدة، بينها الفاشر التي تعرضت مستشفياتها وتجمعاتها المدنية لهجمات بطائرات مُسيرة.
إطلاق النار "أمامنا وخلفنا"
حصل صحافي محلي على شهادة إكرام عبد الحميد وأرسل صوراً لها تحققت "رويترز" من صحتها، وهو ذاته الذي زوّد الوكالة سابقاً بمعلومات ثبتت دقتها. وفي بيان إعلامي، شكك التحالف السياسي التابع لقوات الدعم السريع في صحة الفيديوهات والتقارير حول انتهاكات حقوق الإنسان، لكنه قال إنه سيفتح تحقيقاً في تلك الاتهامات. وروت إكرام أنها فرت إلى بلدة طويلة مع أسرتها بعد إصابتهم جميعاً خلال الحصار الطويل للفاشر وقصفها. وقالت: "كنا نركض، وكانوا يطاردوننا... أطلقوا الصواريخ أمامنا وخلفنا".


وأضافت أنها فقدت زوجها وسط الفوضى، ثم أُوقفت مع أسرتها عند حاجز ترابي أقامته قوات الدعم السريع حول المدينة، حيث فُصل الرجال عن النساء. وتابعت: "صفّوا الرجال وقالوا إنهم يريدون الجنود. وعندما لم يرفع أحد يده، انتقى أحد عناصر الدعم السريع بعضاً منهم، فقُتلوا وتعرّضوا للضرب. أطلقوا النار عليهم أمامنا في الشارع".

نُقلت النساء بعد ذلك إلى الجهة الأخرى من الحاجز، حيث سمعن أصوات الضرب والرصاص قبل أن يُسمح لهن بالمغادرة. وأردفت إكرام: "قالوا لنا إن الرجال سيتبعوننا، لكننا لم نرهم مرة أخرى". ولم ترد قوات الدعم السريع على طلبات للتعليق، بينما أكد قادتها أن المدنيين في الفاشر سيحظون بالحماية.
صور الأقمار الصناعية تكشف المأساة في الفاشر
تتطابق رواية إكرام مع مقاطع فيديو قيل إنها التُقطت أثناء سقوط الفاشر، إلا أنّ "رويترز" لم تتمكن من التحقق من صحتها؛ بسبب غياب مؤشرات تحدد الموقع. وتُظهر المقاطع شباناً يُستجوبون عما إذا كانوا مقاتلين قبل إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة. كما تتوافق الشهادة مع صور أقمار صناعية نشرها مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة ييل، أظهرت مجموعات من الأجسام بحجم البشر، محاطة بلطخات حمراء يُرجح أنها دماء، قرب حواجز شيدتها قوات الدعم السريع وفي مناطق أخرى من المدينة.

وقال فريق الأمم المتحدة للعمل الإنساني في السودان في بيان: "نشعر بالفزع من التقارير الموثوقة عن انتهاكات واسعة النطاق، تشمل إعدامات ميدانية، ومهاجمة المدنيين على طرق الهروب، ومداهمة المنازل، ومنع المدنيين من الوصول إلى بر الأمان".

أمراض ومعاناة تحت الحصار
قالت إكرام إن حفيدها البالغ من العمر شهرين، والذي فقد والديه في إحدى الهجمات، أصيب بالمرض جراء تناوله علف حيوانات متعفناً لعدم توفر الغذاء. وأضافت أنها لم تتمكن من إرضاعه إلا مرة واحدة منذ وفاة والدته، وكانت تطعمه محلول معالجة الجفاف حتى وصولهم إلى طويلة. وتُظهر صورة حصلت عليها "رويترز" عملية تنقيط المحلول في وريد الطفل وضمادة على ظهره.

وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن 75% من الأطفال الوافدين من الفاشر إلى طويلة يعانون من سوء تغذية مزمن، بينما يعاني 26% منهم من سوء تغذية حاد. وتستضيف بلدة طويلة حالياً نحو 800 ألف نازح، معظمهم من الفاشر ومخيم زمزم القريب. من جهته، أكد مدير مكتب المنظمة الدولية للهجرة في السودان، محمد رفعت، أن أكثر من 26 ألف شخص فروا من الفاشر خلال يومي الأحد والاثنين، لكن أقل من ألفي شخص وصلوا فعلياً إلى طويلة، بينما يُقدر أن نحو 250 ألف شخص ما زالوا عالقين داخل المدينة.

(رويترز)