أخبار اليوم - تشهد سماء المملكة سنويا عبور أكثر من 10 ملايين طائر مهاجر، في مشهد يعكس الأهمية الاستراتيجية للمملكة كجسر حيوي يربط بين ثلاث قارات، ويؤكد دورها المحوري في الحفاظ على التنوع البيئي العالمي، بحسب معنيين في الشأن البيئي.
وأكد المعنيون، أن الأردن يعد جزءا رئيسيا من مسار حفرة الانهدام العظيمة التي يعد وادي الأردن جزءا منها والذي يعبره أكثر من 400 نوع من الطيور المهاجرة، فيما توفر المحميات الطبيعية والمواقع الرطبة في المملكة ملاذات آمنة لهذه الطيور خلال رحلتها الموسمية.
ولفتوا إلى أن هذه الجهود تشكل جزءا من التزام الأردن بالاتفاقيات الدولية لحماية الطيور المهاجرة، إلى جانب تعزيز سياحة مراقبة الطيور كمنتج سياحي بيئي فريد، يبرز دور المملكة كحاضنة للتنوع الحيوي وشريك فاعل في الحفاظ على التوازن البيئي العالمي.
وقال طارق قنعير، مدير المشاريع وأخصائي صون الطبيعة في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، إن الأردن يعد جزءا رئيسيا من ممر وادي الأردن الذي يمثل حلقة وصل بين ثلاث قارات: آسيا وإفريقيا وأوروبا، موضحا أن المملكة تسجل سنويا مرور أكثر من 300 نوع من الطيور المهاجرة من أصل 442 نوعا تم رصدها في البلاد.
وأضاف قنعير أن ما يعرف بـ "عنق الزجاجة" وهي الممرات الضيقة بين القارات التي تتجمع فيها أعداد كبيرة من الطيور، تجعل من الأردن نقطة استراتيجية لعبور الصقور والعقبان والطيور الجارحة، إلى جانب مئات الأنواع من الطيور المغردة والمائية.
وأكد قنعير أن الأراضي الرطبة في الأردن تمثل ملاذا أساسيا للطيور المهاجرة، مشيرا إلى أن المملكة تضم محميتين مدرجتين على قائمة "رامسار" الدولية للمناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية، هما محمية الأزرق المائية التي تعد أول محمية رامسار عربية منذ عام 1977، ومحمية فيفا الطبيعية التي تعد أخفض محمية رامسار في العالم.
وأوضح أن هذه المواقع تؤدي دورا حيويا في استدامة رحلة الطيور، مضيفا أن الجمعية نجحت في إعادة تأهيل واحة الأزرق بتمويل من المرفق البيئي العالمي، مما أسهم في استعادة نحو 10% من مساحتها الأصلية كمأوى للطيور المهاجرة، وقد تم تسجيل أكثر من 350 نوعا من الطيور فيها، أي ما يعادل 70% من إجمالي الأنواع في الأردن، من أبرزها مالك الحزين، البط، الرخمة المصرية، والعديد من الطيور الجارحة والمغردة.
وأشار مدير مرصد طيور العقبة وأخصائي تغير المناخ في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة المهندس فراس الرحاحلة، إلى أن المرصد يعد من أبرز النماذج العالمية، إذ توفر مدينة العقبة من خلال مرصد الطيور مساحة وبيئة آمنة تمثل نموذجا حيا للتوازن بين النمو العمراني والاقتصادي المتسارع وبين الحفاظ على التنوع الحيوي، ولا سيما الطيور المهاجرة التي تؤدي دورا محوريا في استقرار النظم البيئية وضمان سلامة الطبيعة من حولنا، مشيرا إلى أن سماء المملكة تشهد سنويا عبور أكثر من 10 ملايين طائر مهاجر، مما يعكس الأهمية الإستراتيجية للمملكة كجسر حيوي يربط بين ثلاث قارات، ويؤكد دورها المحوري في الحفاظ على التنوع البيئي العالمي.
وأوضح الرحاحلة، أن مرصد طيور العقبة يعد نموذجا رياديا في تطبيق الحلول البيئية الذكية، وهو ثمرة للتعاون والشراكة المؤسسية بين الجمعية الملكية لحماية الطبيعة الذي تدير المرصد وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، في تجسيد واضح لالتزام الأردن بحماية الطبيعة والطيور استنادا إلى الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة في هذا المجال.
وتابع قائلا: يهدف المرصد إلى تهيئة بيئات جاذبة للطيور المهاجرة لتكون نقاط استراحة آمنة تشكل نموذجا عمليا في حماية التنوع الحيوي، وفي الوقت ذاته توظيف هذه القيمة البيئية كمنتج سياحي متخصص ضمن مفهوم سياحة مراقبة الطيور.
وبين أن مرصد طيور العقبة يرصد ويوثق ويتابع جميع أنواع الطيور التي تعبر أجواءه أو تستريح في بيئاته خلال رحلات الهجرة، وذلك عبر تطبيق منهجيات علمية معتمدة دوليا تضمن دقة المراقبة والتصنيف، فضلا عن تصوير الأنواع المختلفة لبناء قاعدة بيانات متكاملة تسهم في دعم الجهود المحلية والإقليمية والدولية الرامية إلى تعزيز حماية التنوع الحيوي، وفي الوقت ذاته ترويج العقبة والأردن كوجهة مميزة لسياحة مراقبة الطيور.
ولفت إلى أنه حتى اليوم، تم توثيق أكثر من 270 نوعا من الطيور في مرصد طيور العقبة، أي ما يعادل نحو 61% من إجمالي أنواع الطيور المسجلة في الأردن، وتشمل هذه الأنواع 13% طيورا مقيمة و87% طيورا مهاجرة، من بينها نحو 9% مصنفة كمهددة وقريبة لتهدد بالانقراض على المستويين المحلي والعالمي.
وفي هذا الصدد ذكر أمثلة من بينها اللقلق الأبيض (أبو سعد) والذي استخدم الأجداد هجرته مؤشرا على بداية موسم الخريف وهطول الغيث، فكانوا يسعدون بوصوله، فأطلقوا عليه اسم (أبو سعد)، ومن الأنواع المهاجرة (حوام العسل)، والذي يعد أحد أنواع الجوارح، لكنه يتغذى على خلايا النحل البرية ومؤخرا أصبح عبوره قيمة مضافة لتخليص بيئاتنا من أنواع النحل الدخيلة، والتي أصبح انتشاره يشهد تزايدا في بعض المناطق.
ومن الطيور المهاجرة أيضا، طائر البط أبو مجرفة، والذي يعرف بقدرته على فلترة المياه ليتغذى على العوالق الموجودة فيها، فيسهم في تنظيف المسطحات المائية من العوالق النباتية والحيوانية، لكنه يواجه تحديا كبيرا في استهدافه بالصيد، كذلك طائر النحام (الفلامنغو) والذي يقوم بنفس الخدمة البيئية لطيور البط أبو مجرفة، ويعد هدفا كبيرا للصغار والكبار في مشاهدته والاستمتاع بوجوده في مرصد طيور العقبة، وهنالك العشرات من الأنواع التي يحمل كل منها قصته في خدمة البيئة والإنسان، ويحمل كذلك تحديه في هذا الكون، بحسب الرحاحلة.
ونوه إلى أن المرصد ينفذ ثلاثة برامج رئيسية وهي: برنامج حماية البيئات والأنواع، الذي يركز على استدامة الموائل الطبيعية والاصطناعية من خلال عمليات الرصد والمتابعة المستمرة للتنوع الحيوي، وبرنامج التوعية البيئية، الذي يستهدف مختلف فئات المجتمع، وخاصة طلبة المدارس، لتعزيز الانتماء لنهج الحماية عبر الزيارات الميدانية والتجارب التعليمية في مراقبة الطيور وفهم أثرها على الإنسان والبيئة، إضافة إلى برنامج السياحة البيئية، الذي يركز على تطوير سياحة مراقبة الطيور، حيث يعد المرصد اليوم إحدى أبرز الوجهات العالمية لهذا النوع من السياحة المستدامة التي تجمع بين المعرفة، والبيئة، والتنمية المحلية.
ولفت إلى أن المنطقة العربية في غرب آسيا تعد جزءا محوريا من نطاق هجرة الطيور العالمية، إذ تقع ضمن ثاني أهم مسار لهجرة الطيور على مستوى العالم، لذلك يمثل مرصد طيور العقبة، إلى جانب غيره من مراصد المراقبة في العالم العربي، مرجعية علمية رائدة تتعاظم أهميتها من خلال إنشاء شبكة عربية لتبادل المعلومات والبيانات الخاصة ببرامج مراقبة الطيور، بما يعزز المعرفة الإقليمية، ويدعم جهود الحماية المشتركة.
وقال: تواجه الطيور المهاجرة تهديدات متعددة خلال رحلاتها الطويلة، ويعد فقدان الموائل والبيئات الآمنة للاستراحة أحد أخطر هذه التهديدات، إذ يؤدي في كثير من الأحيان إلى نفوق أعداد منها أو اضطراب مسارات هجرتها، ومن هنا تبرز أهمية البيئات المتنوعة التي يوفرها مرصد طيور العقبة، من مناطق مائية ونباتية وشجرية، والتي تشكل محطات استراحة حيوية تمكن الطيور من استعادة طاقتها ومواصلة هجرتها، إضافة إلى مساهمتها في استمرار الخدمات البيئية التي تقدمها هذه الأنواع، والتي تعود بفوائد بيئية واقتصادية مباشرة وغير مباشرة على الإنسان.
وأكد أن مرصد طيور العقبة ينطلق من فكرة ريادية تهدف إلى تعزيز مؤشرات الاستدامة في الأردن، ويسهم في تحقيق العديد من أهداف الركائز الثلاث لرؤية التحديث الاقتصادي، بما يتناغم مع الرؤية الملكية السامية للعقبة كمنطقة اقتصادية خاصة، ويعد المشروع مثالا عمليا على الحلول القائمة على الطبيعة من خلال إعادة استخدام المياه المعالجة لتوفير بيئات آمنة وجاذبة للحياة البرية في دولة تعد من الأكثر شحا بالمياه عالميا.
وأضاف: يعد المرصد أيضا نتاج تعاون خلاق مع شركة مياه العقبة وشركة واحة آيلة للتطوير وشركة تطوير العقبة، حيث أسهم هذا التعاون في تعزيز وتوسيع البيئات الجاذبة للطيور داخل مدينة العقبة، وعلى الصعيد الدولي، تمتلك الجمعية الملكية لحماية الطبيعة شبكة واسعة من الشراكات الإقليمية والعالمية، إذ تعد الشريك الوطني الرئيس لمؤسسة "بيردلايف إنترناشونال" في الأردن، وهي المظلة العالمية لحماية الطيور وموائلها على كوكب الأرض، ما يمنح أعمال المرصد بعدا علميا دوليا، ويعزز دوره في منظومة الحماية البيئية العالمية.
مدير العلاقات العامة في شركة واحة أيلة للتطوير منصور الكباريتي قال: إن "مسار ريشة أيلة" يمثل امتدادا لنهج آيلة في تعزيز السياحة البيئية ونشر ثقافة الوعي بالطبيعة الفريدة في العقبة، من خلال هذا المشروع نسعى لتوفير تجربة تفاعلية تجمع بين المتعة والمعرفة من خلال الشراكة الدائمة مع مرصد طيور العقبة الشريك الاستراتيجي، لتشجيع الزوار والسياح على اكتشاف التنوع الحيوي الذي تزخر به المنطقة وتشجيع سياحة مراقبة الطيور.
ويأتي هذا المشروع ضمن رؤية أيلة لتعزيز السياحة البيئية ورفع الوعي بأهمية التنوع الحيوي في العقبة، إلى جانب دعم مبادرات المسؤولية البيئية التي تتبناها الشركة، مؤكدا أن "مسار ريشة آيلة" يشكل إضافة نوعية للمرافق الترفيهية والتعليمية في الوجهة السياحية، وقد تم تصميم المسار بعناية ليمنح الزوار تجربة تعليمية وسياحية مستدامة، مع مراعاة أعلى معايير حماية البيئة والحفاظ على النظم البيئية الحساسة، ويمثل بحد ذاته دعوة مفتوحة لعشاق الطبيعة لاستكشاف الجمال الطبيعي الذي تحتضنه آيلة على مدار العام.
خبير التغير المناخي الأستاذ الدكتور عبدالرحمن محمد الطواها، قال: تلعب الطيور المهاجرة دورا محوريا في حماية التنوع البيولوجي والحفاظ على توازن النظم البيئية، فهي ليست مجرد كائنات تعبر السماء، بل مؤشرات بيولوجية دقيقة تعكس مستوى صحة البيئة وسلامتها، لما تتمتع به من حساسية عالية للتغيرات المناخية والاضطرابات البيئية.
وبين أنه خلال رحلاتها الطويلة الموسمية عبر القارات، تقوم الطيور المهاجرة بأدوار بيئية متعددة تدعم دورة الحياة في النظم البرية والمائية، فهي تجدد الغطاء النباتي بنقل حبوب اللقاح ونثر البذور بين البيئات المختلفة، مما يعزز التنوع النباتي واستمرارية المجتمعات النباتية، كما تسهم في مكافحة الحشرات والآفات الطبيعية الأمر الذي يقلل من الاعتماد على المبيدات الكيميائية، ويعزز الزراعة المستدامة والاستدامة البيئية.
وتابع الطواها: لا يتوقف تأثيرها عند هذا الحد، بل تمتد مساهمتها إلى الحفاظ على توازن السلاسل الغذائية، حيث تمثل حلقة حيوية في العلاقات الطبيعية بين الكائنات الحية، وتعتمد الطيور في رحلاتها على الإشارات الطبيعية مثل الشمس والنجوم واتجاهات الرياح والمعالم الساحلية لتحديد مساراتها، مما يجعلها شديدة التأثر بالتغيرات المناخية وارتفاع مستوى البحار.
ومع تفاقم آثار الاحترار العالمي، بدأت العديد من المناطق الساحلية والرطبة التي تشكل محطات استراحة وتغذية أساسية لهذه الطيور تفقد خصائصها الحيوية، مما يهدد مسارات الهجرة والتوازن البيئي العالمي، فالحفاظ على الطيور المهاجرة وموائلها الطبيعية يمثل مسؤولية بيئية وإنسانية مشتركة، فهو يسهم في صون التنوع البيولوجي وضمان الأمن البيئي والغذائي للأجيال الحالية والمستقبلية، ويعكس التزام البشرية بالحفاظ على كوكب الأرض وموارده الثمينة، وفقا للطواها.
عضو الجمعية الأردنية للتصوير رعد البطوش، سرد قصته مع الطيور وتوثيقه بالصورة لرحلتها التي لا تنتهي، قائلا: بدأت حكايتي مع الطيور في عام 2015، حينما وقعت عيني على صورة مدهشة لطائر "أبو المغازل" على منصة فيسبوك، لم تكن الصورة عالية الجودة، ولكن ما أسرني حقا هو جمال الطائر: لون عينيه الحمراء، منقاره الطويل، وخلفية الصورة المعزولة بعناية، ففي تلك اللحظة، لم تكن مجرد صورة؛ كانت شرارة لشغف جديد بدأ يتبلور في داخلي.
وأضاف: بدأت أبحث، أقرأ، وأتعلم عن عالم الطيور: أنواعها، سلوكها، مواسم هجرتها، وأفضل طرق تصويرها، وبحلول عام 2017، أصبحت عضوا في "الجمعية الأردنية للتصوير"، أحد أبرز بيوت الخبرة في هذا المجال بالمملكة، مبينا أننا في الأردن نمتلك عددا لا بأس به من مصوري الحياة البرية.
ولفت إلى أن ما يميز الأردن أنه يقع على أحد أهم مسارات هجرة الطيور في العالم، خاصة خلال فصلي الخريف والربيع، ففي الخريف، تبدأ الطيور الصغيرة مثل "أزرق الزور" و"أبو الحناء" و"البرقش" بالتوافد من أوروبا، وتقضي هنا موسم الشتاء قبل أن تواصل رحلتها، أما في الربيع، فتمتاز الأجواء بحضور الطيور الجارحة المهاجرة مثل "الصقر الحوام"، و"صقر العسل"، و"عقاب البادية" في مشهد لا يمكن وصفه بالكلمات، بل يجب أن يرى.
إلى جانب هذه الطيور الزائرة، هناك أنواع نادرة أو مقيمة ضمن نطاق جغرافي محدود في الأردن، مثل طائر الحداد الأزرق، وهو طائر صغير الحجم، جميل اللون، يتميز بريشه الأزرق الزاهي ومنقاره القصير، وموطنه الأصلي أوروبا، لكنه يتواجد بشكل محدود ومقيم في مناطق محددة شمال الأردن، خاصة في غابات عجلون وجرش، وتحديدا في محمية عبين، فظهوره في هذه المناطق دليل على تنوع بيئي غني يتطلب المزيد من الرعاية والحماية، بحسب البطوش.
وبين أن الطيور بطبيعتها حذرة جدا من البشر، وأي حركة غير محسوبة قد تدفعها للطيران بعيدا؛ لذا، غالبا ما يستخدم خيمة تخفي الأرضية بحيث تتيح له التصوير من مستوى عين الطائر، بما يضفي عمقا وجمالا للصورة، وأحيانا، يستغل السيارة كمخبأ باستخدام قماش مخرم بسيط على النوافذ، فبهذه الطرق، حتى عدسة متواضعة بـ 300 مم قد تلتقط صورا مذهلة، فمثلا طائر "الوروار العربي" بألوانه الخضراء والزرقاء وعينه الحمراء – كثيرا ما يقف على الأغصان الصغيرة بجانب الطرقات، ويمكن تصويره من مسافة قريبة بعدسة بسيطة دون الحاجة لعدسات ضخمة أو باهظة.
واستكمل حديثه قائلا: أحرص دائما على مشاركة معلومات علمية عن الطيور التي أصورها، خصوصا إذا كانت منتشرة ومستقرة مثل "الوروار العربي" أو "أزرق الحلق"، لكن عندما ألتقط صورا لطيور نادرة أو مهددة مثل "بوم النساري"، لا أشارك موقع التصوير بدقة، حفاظا على أمنها من خطر الصيد أو الاتجار.
وأضاف أنه أحيانا، تحمل الصور أهمية علمية حقيقية، "أتذكر جيدا حين التقطت قبل أكثر من عامين صورة لطائر "Isabelline Shrike" في منطقة الشونة الجنوبية، وبعد نشري للصورة، تواصل معي الخبير الفلسطيني في الحياة البرية بشار جرايسة، الذي أخبرني أن هذا النوع نادرا ما يوثق في بلاد الشام، إذ إن موطنه الأصلي هو الجزيرة العربية وجنوب شرق إفريقيا"، وهنا تكمن أهمية الصور في مساعدة الخبراء على رصد التغيرات المناخية وتوسع نطاق الطيور، وفقا للبطوش.
وبين سر جمالية تصويره قائلا: كنت أحرص على التقاط صور قريبة جدا للطائر، كما لو كانت "بورتريه" لكن مع الوقت، أدركت أن جمال الصورة لا يكتمل إلا إذا ظهر الطائر في بيئته الطبيعية، فالبيئة هي امتداد للطائر، وهي التي تحكي قصته، لهذا، أصبحت أحرص على إظهار هذا الرابط في صوري، لأن حماية الطيور تبدأ بالحفاظ على موائلها.
ولفت إلى أن بعض المحميات تضم مواقع مخصصة لتصوير الطيور، لكنها غالبا تفتقر إلى تجهيزات متقدمة تسمح للمصور بالتقاط صور من مستوى الأرض، ووجود مخابئ تصوير مدروسة يمكن أن يحدث فرقا كبيرا في توثيق جمال التنوع البيولوجي في الأردن.
واختتم حديثه بالقول: ما أقوم به اليوم، لم يعد مجرد هواية أو شغف، بل مسؤولية ورسالة، أستخدم عدستي كأداة للتوعية، ونقل الجمال المذهل الذي نحظى به في الأردن من خلال الطيور المهاجرة والمقيمة، فأحرص على التوثيق العلمي وحماية البيئة، وأشارك المعرفة، وأسعى بكل جهدي لأن أكون جزءا من حركة تحافظ على هذا الكنز الطبيعي للأجيال القادمة.
بترا