تقرير "نفسي أشوف أولادي" .. مأساة أب فقد بصره وبيته وعائلته في قصف إسرائيلي

mainThumb
تقرير "نفسي أشوف أولادي".. مأساة أب فقد بصره وبيته وعائلته في قصف إسرائيلي

05-11-2025 07:00 PM

printIcon

أخبار اليوم - على حافة ميناء غزة، حيث يمتزج هدير البحر بوجع النازحين، يعيش الأربعيني أبو وسيم مهرة داخل خيمةٍ مهترئة، بعدما فقد بصره وأصيب أفراد عائلته بجراح متفاوتة في قصف إسرائيلي استهدف خيمتهم مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

تحاول زوجته المصابة خدمته داخل مساحة ضيقة لا تتجاوز بضعة أمتار، تحولت إلى منزل ومأوى ومشفى وحياة كاملة أُجبرت الأسرة على قبولها، بعد أن ضاقت بها الأرض، بعد رحلة نزوح طويلة فقد خلالها جزءًا كبيرًا من عائلته وبيته.

نزوح وفقد

قبل الحرب، كان أبو وسيم (48 عامًا) يعيش حياة بسيطة في منزله، ببلدة جباليا شمالي قطاع غزة، يعمل سباكًا ليعيل أسرته بجهد يده، لكن القصف دمر البيت، واضطر للنزوح من منطقة لأخرى، في بحث مضنٍ عن "مكان آمن" لم يكن موجودًا.

أثناء رحلات النزوح المتكررة، استشهد والده واثنان من إخوته، وفُقد الثالث، وحين ظن أن العائلة نجت أخيرًا، سقط صاروخ على خيمتهم.

يقول أبو وسيم، وهو يتحسس طريقه داخل الخيمة الممزقة: "قبل الهدنة بثلاثة أيام كنا نجهز أنفسنا للنزوح جنوباً، وفجأة وقع الصاروخ. أصبت أنا وزوجتي وأولادي. فقدت بصري كليًا، وبطني مفتوحة، وأعصاب يدي مقطوعة... لكني حمدت الله أني بقيت حيًا لأولادي".

يتوقف قليلاً ثم يهمس: "كنت أشتغل أي شيء حتى أطعم أولادي، واليوم مش قادر أمشي مترين. حلمي بس أشوف بعين واحدة، أمشي وأطعم أولادي بيدي".

الاحتلال لم يترك له بيتًا ولا عائلة ولا بصراً، فكل ما تبقّى له – كما يقول – "رحمة الله وأمل الخروج للعلاج في الخارج".

حياة على المساعدات

تعتمد عائلة أبو وسيم المكونة من 7 أفرد اليوم على ما يجود به الجيران والناس الطيبة من طعام بسيط ومسكنات.

"كل يومين بأخذ حبتين مسكنات، ما في دواء ولا علاج، والمعابر مسكرة"، يقول أبو وسيم باكيًا، مضيفًا: "دكتور وعدني بتحويلة للخارج لعلاج عيوني، بس ما صار شيء. نفسي أطلع مصر، أتعالج، أشوف وجوه أولادي قبل ما أموت".

إلى جواره تجلس زوجته المصابة، تحاول أن تخفي دموعها بكلماتٍ قليلة: "جوزي كان يوفر كل ما تحتاجه العائلة أما الان لا معيل لنا الا الله".

وتضيف: "حتى الخيمة اللي ساكنين فيها مش إلنا، ناس تبرعوا فيها. جوزي فقد بصره وأنا مصابة، وأولادي كلهم عندهم إصابات. بناشد كل العالم يطلعوه بره يتعالج، يشوف بعينه، ويرجع يساعدنا".

تشير بيدها إلى الخيمة الممزقة وتقول: "الشتا داخل، وما عنا بطانيات ولا فراش. بنعيش من خبز الناس، والطحين مش متوفر. خرجنا من منزلنا في شمال غزة تحت القصف ما قدرنا نأخذ شيء معنا. كل شي خسرناه.. بيتنا، ذكرياتنا، حياتنا".

الابن وسيم، أصيب هو الآخر بجراح بليغة، تركت في جسده أكثر من 38 غرزة من الشظايا التي مزقت جسده.

يقول بصوت خافت: "كنا قاعدين بره، نزل الصاروخ علينا أنا وأبوي وأختي الصغيرة. الشظايا أصابتنا كلنا. من يومها وأنا مش قادر أشتغل ولا أتحرك. الوضع صعب جدًا، الخيمة ما بتحمينا حتى من المطر، وكل مقومات الحياة مفقودة".

يوجه أبو وسيم نداءً إلى العالم: "أنا بطالب كل من عنده ضمير، يساعدني أطلع بره أتعالج. مش طالب مال ولا بيت، بس أشوف النور بعيني، أمشي مع أولادي، وأعيش الباقي من عمري بكرامة. كل لحظة بتمشى بموت فيها مية موتة. أنا الوحيد الباقي لأولادي، أبوي وإخوتي استشهدوا، وما ضل غيري".

أما زوجته، فتختم حديثها بصوت متقطع: "بناشد الدول العربية والإسلامية وكل إنسان عنده رحمة، إنهم يوفروا له علاج، يطلعوه بره. وضعنا صعب جدًا، والله إحنا عايشين من رحمة الناس".

المصدر / فلسطين أون لاين