أخبار اليوم – سارة الرفاعي - قال الخبير الاقتصادي منير ديه إن مشروع قانون الموازنة العامة للدولة لعام 2026، الذي أقرّته الحكومة مؤخرًا، لا يتضمن أي تغييرات جوهرية على الأرقام الرئيسة مقارنة بالسنوات السابقة، مشيرًا إلى أن معدلات النمو والتضخم والنفقات والإيرادات ما زالت ضمن المستويات ذاتها تقريبًا، وهو ما يعني استمرار التحديات الاقتصادية القائمة دون حلول ملموسة.
وأوضح ديه أن نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت نحو 120%، فيما ما تزال نسب البطالة فوق 21%، إلى جانب ارتفاع نسب الفقر والتضخم، مؤكدًا أن هذه المؤشرات لن تشهد تحسنًا واضحًا في ظل غياب أدوات جديدة لتحفيز الاقتصاد أو خلق فرص عمل.
وبيّن أن الموازنة ركزت على زيادة طفيفة في الإنفاق العام والإيرادات العامة، لكنها بقيت محصورة في عدد محدود من البنود، أبرزها الرواتب التي تشكّل نحو 68 إلى 70% من النفقات العامة، وخدمة الدين التي تصل إلى 18%، فيما تبقى النفقات الرأسمالية محدودة الأثر على النمو الاقتصادي.
وأشار ديه إلى أن استمرار الاعتماد الكبير على ضريبة المبيعات كمصدر رئيسي للإيرادات المحلية يعني تحميل المواطن أعباء إضافية، خصوصًا في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والمحروقات والاتصالات، مؤكدًا أن “القول بعدم فرض ضرائب جديدة لا يعني بالضرورة تخفيف العبء عن المواطنين، طالما بقيت الإيرادات قائمة على جيوبهم”.
وأضاف أن النفقات الرأسمالية ما زالت عند حدود متواضعة لا تتجاوز 1.6 مليار دينار، وغالبًا ما يُعاد تقديرها في نهاية السنة لتتراجع إلى نحو مليار دينار فقط، في حين أن المشاريع الجديدة لا تتجاوز قيمتها 70 إلى 80 مليون دينار، وهو رقم غير كافٍ لتحريك عجلة النمو أو جذب استثمارات كبرى قادرة على توليد فرص عمل حقيقية.
كما لفت إلى استمرار العجز في موازنات المؤسسات والهيئات المستقلة، خصوصًا في قطاعات الكهرباء والمياه، معتبرًا أن الحكومة مطالَبة باتخاذ حزمة مشاريع تنموية كبرى تُحدث أثرًا فعليًا في الاقتصاد الكلي، بدل التركيز على الجوانب الخدمية فقط.
وختم ديه بالقول إن الأنظار تتجه الآن إلى موازنة التمويل التي ستكشف عن حجم الاقتراض للعام 2026، مشيرًا إلى أن الحكومة اقترضت خلال عام 2025 ما يقارب 8.5 مليار دينار، مضيفًا: “من المهم أن نعرف إلى أي مدى ستقترب حكومة الدكتور جعفر حسان من هذا الرقم في العام القادم، وما إذا كانت المديونية ستواصل ارتفاعها أم ستبدأ بالانخفاض الفعلي”.