قانون السماح للمستوطنين شراء أراض بالضفة .. تمهيد معلن للضم

mainThumb
قانون السماح للمستوطنين شراء أراض بالضفة.. تمهيد معلن للضم

27-11-2025 09:30 AM

printIcon

أخبار اليوم - في خطوة تُعد من أخطر التحولات القانونية في سياسة السيطرة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية المحتلة منذ احتلال عام 1967، أقّرت حكومة الاحتلال قانوناً جديداً يسمح للمستوطنين بشراء الأراضي الفلسطينية في الضفة بشكل مباشر ومن دون القيود السابقة التي كانت – ولو شكلياً – تشكل حاجزاً أمام عمليات الاستحواذ.

القانون الذي رُوّج له باعتباره "تنظيماً للسوق العقارية" لا يخرج فعلياً عن سياق أوسع يتمثل في تعميق الضم الزاحف وإتاحة المجال أمام المستوطنين لانتزاع أكبر مساحة ممكنة من الأرض قبل أي تفاوض سياسي أو تسوية مستقبلية.

وأول من أمس، صادقت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، على مشروع قانون يتيح للإسرائيليين شراء أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة بصورة مباشرة، في خطوة تُعدّها جهات حقوقية تغييرًا جوهريًا في منظومة السيطرة وتمهيدًا فعليًا لضمّ أجزاء واسعة من الضفة، لما يترتّب عليها من تحويل التملّك الفردي للمستوطنين إلى أداة سياسية لفرض وقائع جديدة على الأرض.

وبحسب نص المشروع، فإن القانون الجديد "يلغي القانون الأردني المتعلّق بتأجير وبيع العقارات للأجانب" الذي يسري في الضفة الغربية منذ عام 1953، ويمنع التملك لمن ليس أردنيًا أو فلسطينيًا أو من أصل عربي.

ويهدف المشروع أيضًا إلى إلغاء الوضع القائم الذي لا يسمح للمستوطنين بشراء أراضٍ فلسطينية إلا عبر شركات مسجّلة فيما تُسمى "الإدارة المدنية"، الذراع التابعة لوزارة الأمن في حكومة الاحتلال بالضفة، ويفتح الباب أمام التملّك الفردي المباشر للمستوطنين.

ويرى الاستشاري في مركز أبحاث الأراضي بالضفة جمال العملة، أن التغيير ليس تقنياً فقط، بل هو نقلة سياسية خطيرة، قائلاً: "كانت محاولات الشراء سابقاً تُنفذ بطرق التفافية، وكان هناك تخوف من القانون الدولي وحتى من بعض القوانين الإسرائيلية. اليوم لم يعودوا مكترثين بأي قانون دولي، ويُخرجون كل شيء إلى العلن".

ويوضح العملة لـ "فلسطين أون لاين"، أن القانون الجديد يمنح المستوطنين الحق في تسجيل الأراضي مباشرة بأسمائهم، وبمجرد تسجيلها في "شبه طابو" يصبح من المستحيل التراجع عن التسجيل، حتى لو ثبت لاحقاً أنه تم عبر التزوير أو الخداع.

ووفق العملة، فإن هذا التحول يمثل "مرحلة من مراحل تصعيد السيطرة على الأرض بشكل رسمي"، وهو جزء من استراتيجية معلنة للضم يقودها المتطرفان بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، بدعم مباشر من نتنياهو.

ويبين أن أكثر ما يجعل هذا القانون خطيراً هو أنه يؤدي إلى توسع سريع في البؤر الاستيطانية والشوارع الالتفافية والمراعي الاستيطانية في الضفة الغربية، مضيفاً: "كلما زاد الاستيلاء على الأراضي، زاد الاستيطان، وانحصر الفلسطيني في مناطق مغلقة. الضفة اليوم مليئة بالبوابات العسكرية… نحن نعيش في سجون بينما المستوطن يسير بحرية كاملة".

ومن أخطر ما يشير إليه العملة هو أن الاحتلال يسعى لـ ضم الأرض من دون السكان، أي السيطرة على المساحات وترك الفلسطيني محاصراً في منزله أو دفعه للهجرة القسرية الناعمة.

ويرى العملة أن عملية القضاء على إمكانية قيام دولة فلسطينية ليست جديدة، بل تعود إلى ما بعد اقتحام شارون للأقصى عام 2000 وانتهاء الفترة الانتقالية لاتفاق أوسلو.

ويتابع "منذ ذلك الحين، كل الإجراءات الإسرائيلية وفتح المجال أمام المستوطنين كانت تهدف لمنع قيام دولة فلسطينية".

ويؤكد أن المجتمع الدولي لا يملك أدوات ضغط حقيقية، بينما السلطة الفلسطينية "تسعى للحصول على موافقات دولية لكنها لا تملك القدرة على وقف إجراءات (إسرائيل) التي تعارض تماماً قيام دولة فلسطينية".

من جهته، يرى الخبير في شؤون الاستيطان عثمان أبو صبحة، أن القانون الجديد ليس مفاجئاً في ظل حكومة يسيطر عليها المستوطنون. ويقول:

"(إسرائيل) مستبيحة الضفة بالكامل، وهي لا تسعى أن تُظهر نفسها أمام العالم كدولة قانون. هذا القانون يهدف إلى تمكين المستوطنين من أكبر قدر من الأراضي، ونحن أمام دولة فاشية بكل معنى الكلمة".

ويؤكد أبو صبحة لـ "فلسطين أون لاين"، أنه لا يوجد أي جزء في الضفة "غير مستباح"، وأنها محاطة بأكثر من 1200 حاجز عسكري تعمّق السيطرة وتمنع الحركة الطبيعية للفلسطينيين، واصفاً الواقع الراهن في الضفة بأنه "مقدمة للضم القانوني والفعلي".

يقول أبو صبحة: "المستوطنون يُمنحون حرية كاملة للعبث في الضفة وفي مناطق (ج) ومسافر يطا والأغوار. نحن نواجه خطراً مضاعفاً من الاستيطان الرعوي تحديداً، الذي يجعل حياة الفلسطينيين جحيماً".

وعن الدور الرسمي، يؤكد أن "الصعيد الفلسطيني الرسمي مُغيّب تماماً، والسلطة لا تستطيع فعل أي شيء لمواجهة إجراءات الاحتلال في الوقت الراهن".

ومما لا شك فيه فإن القانون الجديد ليس مجرد تشريع عقاري، بل هو محطة جديدة في مشروع الضم الإسرائيلي، يقوم على تمكين المستوطنين من تحويل الاستيلاء على الأرض إلى عملية قانونية كاملة، تقوّض ما تبقى من إمكانية قيام دولة فلسطينية.

المصدر / فلسطين أون لاين