"سجل ع الدفتر" .. الأكثر تداولا بين التاجر والمواطن

mainThumb

31-07-2023 12:03 PM

printIcon

راية الفقهاء

في ظل الارتفاعات التي تشهدها أسعار السلع الأساسية في الأسواق، وتردي الأوضاع الاقتصادية وانخفاض مستوى دخل الفرد تصطدم معظم الأسر الأردنية بمأزق كيفية تأمين هذه الحاجيات، ناهيك عن مصاريف أخرى تثقل كاهل الأسرة كإيجار البيوت ومصاريف علاج ومصاريف المدارس والجامعات والمناسبات الاجتماعية، الأمر الذي دفع بأرباب هذه الأسر إلى دفاتر الديون في البقالات والدكاكين وربما بعض السوبر ماركت الكبير في المدن والقرى على حد سواء.


دفتر الدين اليومي والشهري لدى البائع، أصبح من أساسيات تجارته وسمة بارزة لاستمراره في هذه التجارة، إذ يجب عليه أن يقدم بعض التنازلات للزبائن، لا سيما سكان المنطقة المحليون.


مصطلح دفتر الدين لا تعرفه كثير من أصحاب الطبقات البرجوازية ولكن يعرفه من يسمون بالطبقة الكادحة وأصحاب الدخل المحدود، وهو دفتر يستخدمه التجار لتسجيل أسماء الأشخاص المعروفين لديهم والذين يقومون بشراء بعض السلع منهم على نية السداد خلال فترات متفق عليها، دفتر يتم ترحيل الديون إليه من الدفتر اليومي للتعاملات والحسابات فنرى صفحات متتالية من أسماء الزبائن وتحت اسم كل زبون قائمة من السلع المشتراة وأسعارها وعند نهاية كل شهر توشح هذه القائمة بعبارة تم تسديد كذا والباقي كذا (مدفوع)، مع الأخذ بالعلم أن هنالك ديونا معدمة قد لا يستطيع أصحابها الإيفاء بالتزاماتها المادية.


رغم أن هذه الديون تراكمت في معظمها من شراء السلع الأساسية والتخلي عن معظم الكماليات وربما يستنكر بعض الزبائن هذه المبالغ فيراجعون التاجر صاحب الدكان قائلين ربما أخطأت في الحساب والجمع والطرح الرجاء إعادة الجمع وشطب ما تم تسديده، وربما يتطور الموقف إلى مشادات كلامية.


ويرتفع صوت التاجر قائلا "الدين أهلكني وأهلك تجارتي إذ علي تسديد فواتير للموزعين والتجار وعند العجز قد اضطر إلى إغلاق دكاني ثم يلجأ إلى حيلة فيكتب عبارة" تم توقيف الدين الرجاء الشراء كاش ".


إن كل هذه الممارسات والتعاملات آنفة الذكر من شأنها أن تقلق المواطنين وتقض مضاجعهم لأن الدين هم في الليل وذل في النهار.


وتبقى كلمة" سجل على الدفتر "ملجأ المواطنين إلى حين مد يد العون من فاعل خير في بعض الأحيان لسد ديون بعض المتعثرين.


من الواضح أن معظم المسؤولية تقع على الحكومات المتعاقبة التي عجزت عن حل الكثير من المشاكل وفي مقدمتها الفقر وغلاء الأسعار.


إلى متى سيبقى المواطن العربي رهين الفقر والهم وقلة الحيلة؟


عبرت ك. ب عن مدى معاناتها مع دفتر الديون حيث قالت نحن مجبورون على الدين حتى نستطيع إكمال الشهر دون أن نمد أيادينا للغير"
وقال ف. و "أنا رب أسرة وراتبي الشهري لا يغطي حاجياتنا لكن بفضل وصبر صاحب الدكان على ديوني استطعت أن أغطي بعض المصاريف الأخرى المهمة"
الخبير الاقتصادي حامد الحاج لـ "أخبار اليوم" إن ظاهرة دفاتر الديون موجودة من عشرينيات القرن الماضي حتى في عمان الغربية وسط وجود المولات ومراكز التسوق الفخمة، وتنتشر في المحافظات بكثرة وحتى الدراما الأردنية ذكرت نتائج هذه الظاهرة المأساوية التي سمحت بخسارة أراضيهم مقابل دفتر الديون، ظاهرة سلبية لكن يلجأ لها التاجر في ظل الركود ويضطر أن يسمح بالدين خوفا من تكدس السلع وخسارتها، وفي ظل انعدام السيولة في جيب المواطن أيضا يلجأ لها، ولا أعتقد أن هذه الظاهرة في ظل عدم وجود نمو اقتصادي وارتفاع دخل الفرد أن نستغني عنها وبعض الحالات التي رأيتها كانت لا تستدين المواد الاستهلاكية فقط بل المال من أجل المواصلات لحين صرف الرواتب.


لم يصدر عن الجهات الرسمية والخاصة في أي يوم من الأيام دراسات علمية تبين مدى انتشار ظاهرة دفتر الديون وكذلك الآثار الإيجابية والسلبية لها على التاجر والمواطن، في حين أن الدراسات قد تكون غير رسمية تكشف عدد الأردنيين الذين تناولوا الدجاج في رمضان لكن دون الإشارة هل كان ذلك الدجاج بسعر الكاش أم سجل على الدفتر؟


يذكر أن دفتر الديون ليس بالحديث وهو متعارف عليه منذ عشرات السنين خصوصا في المناطق الأكثر فقرا والأقل حظا، ومع تطور الحياة وكثرة المتطلبات المعيشية تحولت عديد أرباب الأسر من نساء ورجال إلى غارمين وغرامات .