أخبار اليوم - صفوت الحنيني – "اللهم أعد علينا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين" دعاء ينهي به الصائم شهر رمضان المبارك في كل عام حتى أهل غزة، لكن في هذا العام سيرفع أبناء القطاع أيديهم للسماء داعين الله -عز وجل- أن يقلل "الفاقدين والمفقودين"

شهر الرحمة والمغفرة جاء هذا العام في وقت عصيب على الأمتين العربية والإسلامية، في ظل تعرض أبناء غزة هاشم لعدوان غاشم يمارسه جيش الاحتلال منذ "السابع من أكتوبر".

أكثر من 31 ألف غزي استشهدوا نتيجة عدوان لا مثيل له في العصر الحديث، ولا سيما أن بعض الدول الغربية وقفت للصف "الإسرائيلي" بدعمها عسكريا ومعنويا وماديا.

صمت دولي وازدواجية لا مثيل لها في المعايير، منذ عملية "طوفان الأقصى" المسؤولون الغربيون قالوا إنه اعتداء وحشي بحق "الإسرائيليين"، ومع بدء العدوان، قالوا إن الاحتلال يدافع عن نفسه بقتله للأبرياء من نساء وشيوخ وأطفال، فهل يوجد أكثر من تلك الازدواجية؟.

الأسواق لم تعد كالسابق

هذه الأحداث خيمت وبشكل واضح على الأردنيين واستعداداتهم لشهر رمضان، وعلى عكس كل عام قبل بداية الشهر الفضيل حيث كانت المؤسسات الاستهلاكية والمجمعات التجارية ممتلئة على بكرة أبيها، أما الآن فلا أحد هناك.

مع تصاعد الأحداث، وفي ظل التجويع الذي يمارسه الاحتلال وحكومته بحق المدنيين الغزيين، فشهداء "الأمعاء" باتت أعدادهم في تصاعد مستمر؛ بسبب سوء التغذية وانتشار الأمراض المعدية، الأمر الذي دفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن لإطلاق العديد من الحملات لعل أبرزها "لا تصور"، حيث طالبوا بعدم تصوير موائد الطعام في أثناء الإفطار تماشيا مع شعور أهالي غزة المحرومين أبسط مقومات الحياة.

الأردن وفلسطين ضفتان لا تفترقان

منذ بدء الاحتلال "الإسرائيلي" لأراضي فلسطين، دائما ما يكون الموقف الأردني هو الأبرز من الناحيتين السياسية والشعبية، ولعل المظاهرات الحاشدة في أرجاء المملكة منذ السابع من أكتوبر الدليل الأكبر على أن فلسطين قضية الأردنيين أجمع التي لا يمكن نسيانها، أما في الموقف السياسي، فكانت المملكة أولى الدول التي أرسلت مساعدات برية وجوية من خلال الإنزالات التي وصل عددها إلى 16 إنزالا.

رمضان 2024 جاء على الأردنيين متسما بالهدوء، غابت عنه مظاهر الاحتفال بقدوم الشهر الفضيل فلا فوانيس تزين منازلهم ولا أضواء تبهج أطفالهم، وكانت الأغلبية منهم قد قررت منع إقامة العزائم والولائم خلال الشهر.

"الهيبة" الغزاوية

على مدار السنوات الماضية كان مسلسل "الهيبة" الأكثر مشاهدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن، وفي الوطن العربي، وكان "شيخ الجبل" صاحب الشخصية الأبرز في كل عام، ولكن هذا العام أصبح "الملثم" الأكثر كرامة وعزة في كافة بقاع الوطن العربي.

فالتضحيات التي يقدمها المقاومون لمواجهة العدوان "الإسرائيلي" على القطاع، أصبحت لا تنسى في الأشهر السابقة ، فكيف للأردنيين نسيان كل تلك التضحيات وهم من عاشوا معها يوما تلو الآخر، حتى أصبحت الحديث الأبرز في المجالس والشوارع والجامعات والمدارس.
في نهاية الأمر، الأردن وفلسطين شقيقان لا يفترقان متبادلين في المشاعر، متوحدين الصفوف.