لماذا اختار ترامب الخليج العربي أولى وجهاته بدلًا من كندا وأوروبا؟

mainThumb
لماذا اختار ترامب الخليج العربي أولى وجهاته بدلًا من كندا وأوروبا؟

10-05-2025 02:04 PM

printIcon

أخبار اليوم - اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دول الخليج العربي الصديقة لكي تكون وجهته في أول رحلة خارجية له، منذ تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني الماضي.

مخاوف من احتمال إعادة إيران بناء شبكة حلفائها في المنطقة مع الاستفادة من التدفقات النقدية التي ستجنيها، في حال التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي

وفي تحليل نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، قال المحلل السياسي ستيفن كوك، الباحث الزميل البارز في مركز “إيني إنيركو ماتي” لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس، إن اختيار ترامب للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، بدلًا من كندا، التي كانت تقليديًا الوجهة الأولى لأي رئيس أمريكي، وبدلًا من أوروبا الحليف التاريخي والتقليدي للولايات المتحدة، يشير إلى أن البيت الأبيض ينظر إلى دول الخليج العربي باعتبارها عنصرًا حاسمًا في السياسة الخارجية لترامب، والتي تركز على الاقتصاد أكثر من أي شيء آخر.
وتعد صناديق الثروة السيادية الخليجية الضخمة مصادر محتملة للاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، يعتبر ترامب- الذي تحدَّثَ كثيرًا عن رغبته في إجبار حلفاء الولايات المتحدة في العالم، بما في ذلك في الشرق الأوسط، على دفع مقابل مظلة الحماية الأمنية التي يوفرها الجيش الأمريكي لهؤلاء الحلفاء- أن الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة أداة ضغط على دول الخليج لكي تزيد استثماراتها في الولايات المتحدة ووارداتها منها.

ورغم أن الولايات المتحدة مقصدٌ استثماريٌّ جذاب بالفعل لرؤوس الأموال من مختلف دول العالم، ومنها دول الخليج، فإن مقايضة الأمن بالاستثمار تتماشى مع توجّه الرئيس الذي يعتمد على فلسفة الصفقات في السياسة الخارجية.

لكن رغبات ترامب قد تصطدم، هذه المرة، بأسعار النفط التي انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، وهو ما يُقلص التدفقات المالية لدول الخليج.
في الوقت نفسه، فإن الأسعار المنخفضة، حتى لو كانت في حدود 60 دولارًا للبرميل، لن تؤخر الإعلان عن صفقات ومبيعات أسلحة أمريكية متعددة بمليارات الدولارات مع كل دولة يزورها ترامب. لكن هذه الإعلانات لا تعني دخول الصفقات حيز التنفيذ فورًا، لأن شراء أنظمة دفاعية متطورة يستغرق سنوات، كما أن العديد من مشاريع الاستثمار التي سيُعلن عنها ستكون لها جداول زمنية طويلة. ومن المرجح ألا تُبرم بعض هذه الصفقات أبدًا.


وقد فرضت إدارة ترامب رسومًا جمركية بنسبة 10% على دول الخليج، في إطار الرسوم الشاملة التي تم فرضها على الواردات الأمريكية. ورغم إعفاء واردات النفط والغاز من الرسوم، فإن صناعتي البتروكيماويات والألومنيوم المهمتين تخضعان لهذه الرسوم الجديدة. كما قد تؤدي هذه الرسوم إلى رفع أسعار السلع التي تستوردها دول الخليج.
ومع ذلك، فإن الاهتمام في المنطقة بزيادة الاستثمار في الولايات المتحدة لا يرتبط تحديدًا بالرسوم الجمركية، إذ يسعى قادة دول المنطقة- كما هو الحال مع قادة المناطق الأخرى- إلى إقامة علاقات جيدة مع الرئيس الأمريكي، الذي يولي أهمية كبيرة لعقد الصفقات. ونتيجة لذلك، من المرجح أن يُعلنوا عن استثمارات بمليارات الدولارات في الولايات المتحدة، والتعهد بشراء كميات وفيرة من الأسلحة الأمريكية الصنع.

ورغم أن ملف الاقتصاد يحتل الأولوية الأولى في رحلة ترامب الخليجية، ستفرض الملفات الجيوسياسية نفسها عليها بشدة، سواء الحرب التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة، أو الصراع في جنوب البحر الأحمر، أو الملف النووي الإيراني.

وخلافًا لما حدث في عام 2015، عندما تفاوضت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما على الاتفاق النووي الإيراني، الذي عرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، كان رد الفعل في الخليج على بدء المحادثات النووية بين إيران وإدارة ترامب خافتًا، وذلك بسبب التغيرات الكبيرة في الوضع الإقليمي خلال السنوات الأخيرة.
فمن المؤكد أن إيران الآن أضعف مما كانت عليه في عام 2015، بعد الضرر الذي ألحقته إسرائيل بحلفائها في المنطقة، وبخاصة “حزب الله” اللبناني ونظام حكم الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، أو حتى بإيران نفسها. كما أن العلاقات بين كل من السعودية والإمارات- اللتين عارضتا الاتفاق النووي السابق- وإيران الآن أفضل مما كانت عليه قبل سنوات. ورغم ذلك، هناك مخاوف من احتمال إعادة إيران بناء شبكة حلفائها في المنطقة مع الاستفادة من التدفقات النقدية التي ستجنيها، في حال التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي ورفع العقوبات عنها.

رغم أن الاقتصاد يحتل الأولوية الأولى في رحلة ترامب الخليجية، ستفرض الملفات الجيوسياسية نفسها عليها بشدة، سواء حرب غزة، أو الصراع في جنوب البحر الأحمر، أو الملف النووي الإيراني

وفي ما يتعلق بالحوثيين في اليمن، فقد كان هناك تحذير من أنهم يمثلون تهديدًا للمنطقة، ولكن هذا التهديد يبدو أنه تضاءل، على الأقل بالنسبة للملاحة في البحر الأحمر، بعد إعلان الرئيس ترامب، قبل بدء جولته، أن مبعوثه في الشرق الأوسط أبرم اتفاقًا مع الحوثيين بوساطة سلطنة عُمان لإنهاء العمليات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين مقابل سلامة المرور في المنطقة.
أما بالنسبة للملف الأشد سخونة وإلحاحًا، على الأقل بالنسبة للشعوب العربية، وهو الحرب في قطاع غزة، فيبدو أنه من المستبعد أن تتيح القمة الخليجية الأمريكية أي فرصة للدفع بوقف إطلاق النار في القطاع. قد يكون هناك توقّف مؤقت في القتال أثناء وجود الرئيس ترامب في المنطقة، لكن إسرائيل أعلنت مؤخرًا استدعاء آلاف جنود الاحتياط لتوسيع عمليتها العسكرية ضد الفلسطينيين وإعادة احتلال مساحات كبيرة من القطاع بصورة دائمة.
ومع الرفض الإسرائيلي المتصاعد لفكرة وجود دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، فإنه من غير المحتمل أن يتطرّق ترامب، خلال زيارته للرياض، إلى ملف تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، في ظل إصرار الرياض على حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
(د ب أ)