أخبار اليوم - أثارت تهديدات المسؤولين الإسرائيليين بتوجيه ضربات جديدة، على خلفية إطلاق الحوثيين صاروخاً جديداً، الجمعة، مخاوف قطاع واسع من اليمنيين الذين رأوا في استهداف المنشآت المدنية عقاباً لهم، وليس لقادة الجماعة.
وكانت الضربات الإسرائيلية الأخيرة قد استهدفت ميناءي الحديدة ورأس عيسى، ومصنعي إسمنت عمران وباجل، ومطار صنعاء، وثلاث طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية، ومحطتين لتوليد الكهرباء.
ورغم الارتياح الذي عبّر عنه سكان في مناطق سيطرة الحوثيين تجاه اتفاق الجماعة مع الولايات المتحدة على وقف الضربات المتبادلة، فإن الدمار الكبير الذي لحق بمطار صنعاء الدولي، وأرصفة ميناء الحديدة ورأس عيسى، ومصنعي الإسمنت في باجل وعمران، ومحطتي حزيز وذهبان لتوليد الطاقة، أثار المخاوف من تدمير ما تبقى من البنية التحتية في تلك المناطق، في حين ظل قادة الجماعة المسؤولون عن هذا التصعيد دون عقاب.
ويؤكد محسن -وهو موظف عمومي في صنعاء- أن مشاهد الدمار التي لحقت بمطار صنعاء كانت مفزعة، وذكر أن الأضرار التي لحقت بالمواني ومصنَعي الإسمنت كوّنت قناعة لدى غالبية من السكان بأن إسرائيل تعاقب المدنيين الذين لا حول لهم ولا قوة، بينما قادة الحوثيين ومخازن أسلحتهم في مأمن من هذه الضربات.
ويرى الموظف أن هذا التوجه يختلف كلياً عن التوجه الأميركي الذي كان يركز على مخابئ قادة الحوثيين، ومخازن أسلحتهم السرية، ومنظومة الاتصالات العسكرية.
تضرر السكان
هذه الرؤية يؤيدها عبد الله -وهو معلِّم في مناطق سيطرة الحوثيين- حيث يذكُر أن الضربات الأميركية أصابت الحوثيين بحالة من الرعب، واختفت القيادات، واستهدفت مواقع عسكرية في الغالب، في حين ظلت المنشآت المدنية والسكان بعيدين عن الاستهداف في المجمل، رغم حدوث بعض الأخطاء التي رافقت تلك الضربات.
ويتساءل هذا المعلم عن الأضرار التي لحقت بالحوثيين جرَّاء تدمير مطار صنعاء والطائرات التي كانت فيه، ويقول إن آلافاً من السكان هم المتضررون، وسيتحملون عبء الانتقال إلى مناطق سيطرة الحكومة في حال أرادوا السفر إلى الخارج، سواء للعلاج أو التعليم أو العمل.
وكذلك الأمر فيما يرتبط بتدمير مصنعي الإسمنت؛ حيث إن مئات الأسر ستفقد مصدر دخلها الأساسي، وتنضم إلى طابور من الملايين الذين يعانون الفقر، بينما قادة الحوثيين يعيشون في نعيم.
استغلال الجهل
يرى محلل سياسي يقيم في مناطق سيطرة الحوثيين -في حديثه لـ«الشرق الأوسط»- أن النهج الذي تتبعه تل أبيب في ضرب مناطق سيطرة الحوثيين يخدم القيادات الحوثية أمام السكان في تلك المناطق؛ حيث يتهربون من التزاماتهم تحت مزاعم أنهم القوة الوحيدة التي تدافع عن فلسطين، وتواجه الترسانة العسكرية الإسرائيلية.
وحسب المحلل السياسي اليمني الذي طلب عدم الكشف عن هويته خشية الاعتقال، فإن الحوثيين يستغلون انتشار الجهل في مناطق سيطرتهم، ويستخدمون المساجد ووسائل الإعلام لبث خطاب تعبوي عن بطولات زائفة في مواجهة إسرائيل، ويبالغون في وصف آثار الصواريخ أو المُسيَّرات التي يطلقونها، حتى وإن تم اعتراضها وتدميرها قبل وصولها.
ومع تأكيده أن اليمنيين ورثوا خلال العقود الستة الماضية خطاباً ثورياً تعبوياً، سواء من قوى اليسار أو من جماعة «الإخوان المسلمين»، فقد تمت تعبئة طلاب المدارس وروّاد المساجد بهذا الخطاب، وفي وسائل الإعلام العامة.
وكذلك مكَّن ارتفاع معدلات الأمية -خصوصاً خلال العقد الأخير؛ حيث وصلت إلى 67 في المائة- الحوثيين من استثمار ذلك الموروث، وواقع الفقر وانعدام فرص العمل.
ويشير المحلل السياسي إلى أن الحوثيين حصروا مصادر الدخل على التحاق المراهقين بتشكيلاتهم العسكرية، مع رهن البقاء في الوظائف بحضور كافة فعالياتهم، كما ضاعف من هذه السيطرة تحكُّمهم في توزيع المساعدات الإنسانية، وربط الحصول عليها بمدى التأييد والمشاركة في أنشطتهم.